23 ديسمبر، 2024 4:59 ص

مـــَن  يــُصلــِح  مـــَن ؟ 

مـــَن  يــُصلــِح  مـــَن ؟ 

“حـــدّث العاقل بما لا يــُعقل , إن صدّقك فلا عقل لـــه”
وهل يـــُعقل أن يــُصدّقَ شعبُ بمزاعم ساسة ٍ إكتوى بفسادهم وعنصريتهم وطائفية كتلهم , إن كان للاصلاح المنشود حظوة في التحقيق ,فالحظوة هذه في صحوة الشارع و ضغط الحراك الشعبي على الامريكان كي يتخلوا عن بيادقهم ويعتمدوا مطالب الحراك الشعبي المتصاعد.
مع تبنــّي الأحتلال للثلاثيه ( الشيعيه ,السنيه, الكرديه) الفئويه في ادارة البلاد , إتضحت مبكراً وبجلاء معالم صورة الفوضى المرسومه و المتوقع حدوثها في عراق ما بعد صدام, تلك التي كشف أطرها و حددهوية بيادقها الحاكم المدني الامريكي بول بريمر بعد التنسيق معهم (الساسه المتكلمين بالمظلوميات) زاعما ً وبكل سفاهه بأن مشروعه هو الأكثر قبولا لدى الطيف السياسي والذي حظي بتعاطف عشوائي من لدن عموم الشارع ظناً منه ان بدعة التقسيم الفئوي الاجتماعي ستكون فاتحة خير لآفاق غابت طويلا و باستحضارها يمكنهم التعويض عن حرمانهم ومظلومياتهم ,هكذا وبسرعه سحريه تحقق إنقلابا فكريا عشوائيا وتراصفا اجتماعيا فئويا دفع بكل فئة ممثلة ً بكتلتها الى اعلان مظلومياتها التي اقترفها بحقها شخص رأس النظام وليس طائفته او قوميته او دينه كما يحلو للبعض وصفها , لكن ارادة صناع الفوضى كانت هي الاقدرعلى خلط الاوراق والتغطيه على حقيقة ان صدام من اجل سلطته لم يستثني شريحه (دينيه,قوميه, مذهبيه, طبقيه) دون أخرى.
لذلك نقول , واهم ٌ ذاك الذي يكتفي بوصف الساسه الامريكان بالسذج اويعتبر ما قاموا به عملا غبيا قادهم الى ارتكاب العديد من الاخطاء , نعم ارتكبوا اخطاء جسيمه باعتراف كولن باول و هيلاري كلينتون و توني بلير واخرين كثر , لكن أخطاءهم لم تكن بحق مخططهم المدروس , انما ارتكبوا جرائما ترتقي الى جرائم الاباده , دون هذه التي نعتبرها جرائم بحق شعبنا, و دون خباثة النهج الذي تم اتباعه والعمل عليه , لم يكن من السهل توريط العراقيين في اتون حرب شعبيه مازالت نيرانها ملتهبه ,لم يكن يكتب لهذا الاقتتال ان يولد ويستمر ما لم يتم تحميل السنه تبعات ما اقترفه نظام صدام بحق الشيعه؟ لهذا السبب كان المُخرج من الدهاء عندما جسد لنا ظاهرة اعدام الشيعي لصدام السني التي عمقت الكراهيه وقادت الطرفين الى الاحتراب والقتل الطائفي , و هكذا الساسه الاكراد الذين في لجوئهم الى تحميل العرب وزر كل ما قام به صدام كان الهدف من ذلك رفع سقف مطاليبهم وفرض أمر واقع زاد من مشاعر الكراهية المتبادله بين الاكراد والعرب , اذن برضا ودعم سلوك غالبية ساسة العراق وقبولهم بالمشروع الامريكي تحقق للامريكان المنجز المهم الثاني بعد تحقيق المنجز الاول بالاطاحه بنظام صدام , حتى الكتله العراقيه التي قادها اياد علاوي لم تكن وطنيه بالمعنى المتعارف عليه او كما روّج لها بدليل ما صرح به احدهم قائلا بان فوز القائمه العراقيه (ذات الغالبيه السنيه) يعني جلوس ما لا يقل عن 45 بعثي على مقاعد البرلمان , أما الحديث عن القوائم الصغيره,فقصتها تختلف كليا عن قصة الكتل الكبيره لو اخذنا بنظر الاعتبار تعدادها وحجم الدور الموكل اليها , ناهيك عن التهميش الواضح والمقصود بحقها,نعم هناك اخفاقات في تحمل مسؤولياتها تجاه شرائحها لكن ذلك لا يكفي لتحميلها ما لا طاقة لها به .
ما كان لمؤامرة التقسيم الثلاثي هذه ان تمرر لولا خبرة سياسييو الصدفه(البيادق) التي اختزلت احلام الشعب وحصرتها في جذب عواطف الشارع لفئويتهم التي أغرت الناخب بشكل عميائي بتأثير فتوات الطائفيه والشوفينيه ,أما الامر الثاني الذي ساهم في خراب العراق , فهودولارات النفط التي اعمت بغزارتها بصائر الساسه فأصبح هدف الاستحواذ على المال بشتى الطرق هدفا أستبيحت من اجله كل القيم والقوانين لأغراض إبرام عقود المقاولات المزوره مع شركات وهميه و استيراد البضائع تحت مظلة شركات تتقاسم القمسيون مع رجالات هذه الكتل , والأمر الأكثر خيبة ً هو ان ظاهرة الفساد هذه لم تقتصر على الساسه المدنيين , بل طالت حتى الاتقياء و المعممين من الذين قادهم استهتارهم الى تاجير طائرات خاصه لنقل افواج حماياتهم او افراد عوائلهم وشراء وتاجير الفلل والقصور وأخرون راحوا يرممون مؤخراتهم ويجملّون واجهات اجسادهم والقائمه تطول , كل ذلك من اموال الشعب الجائع أمام سكوت الكتل المطبق على فاسديهم من منطلق “شيلني حتى اشيلك” ,حيث بات من الصعب جدا ان يشار بالبنان الى براءة ونزاهة عنصر يؤتمن به من ثلاثي هذه الكتل بعد ان أصبح الفساد باشكاله المتعدده حرفة و شطارة تتنافس عليه الكتل بتغطيه وحمايه من قبل القضاء الذي تم إشراك رؤوسه في فسادهم , أماهيئات النزاهه التي ما اكثر ان تم تبديل مسؤوليها , لكن دورها لم يكن افضل من دور القضاء الذي لم يتعدى حدود الواجهه الحاميه للفاسدين والمفسدين.
الآن ووتيرة الحراك الشعبي في تصاعد مطرد أدى الى تجاذبات وتنافرات باهته داخل حكومه وبرلمان ورئاسات العراق, مما يدل على ان النظام القائم يحكم الشعب في غياب لمشروع دوله من شأنه ان يفرز فكر اصلاحي لإنقاذ البلد من محنته التي بلغت شدتها حالة اليأس الذي دفع بالمتظاهرين الى اقتحام المنطقه الخضراء وجلوسهم على مقاعد النواب بعد هروبهم , يا ترى هل سيعطي الامريكان اذنا صاغيه للحراك الشعبي الذي توجهه تكتيكات رجل المذهب السيد مقتدى , تارة بانخراط نوابه مع مجموعة البرلمانيين المعتصمين وتارة اخرى باالانسحاب تاركين قيادة الاعتصام بيد مؤيدي الولايه المالكيه الثالثه, بين هذه وتلك وامام عدم التزام العبادي بوعوده الاصلاحيه , يبدو ان الشعب قد غسل يديه من رئيس وزرائه الحالي مثلما غسلها من سلفه المالكي ؟ لذا لم يعد أمام هذا الشعب أفضل من خيارتسليم أمره لما يقرره الرمز الديني , وفي ذلك اكثر من سؤال موجه حول شعب قضى عقودا نضاليه طويله من اجل الحريه والعلمانيه واليوم بات قدره المقسوم ان يقوده رجل معمم!!!.
من اجل تقييم منطقي لحقيقة الحراك الشعبي وتصعيد دوره, فهو بمثابة الخطوه الاولى على الطريق الصحيح , ولكي لا تكون للعمامه كلمة الفصل بسبب غياب المحرك المدني الوطني ,فان تطوير الحراك مدنيا باتجاه بلوره صحيه لتيار سياسي معارض امر قائم ومطلوب بعد ان بات العراقي بأمس الحاجة الى معارضه حتى في داخل تنظيمات الفئه الواحده , خاصة وساستنا العراقيون من شدة ولعهم بتحقيق الارباح باتت معارضاتهم بعضهم للبعض إما في التناطح من اجل المناصب , أوفي المتاجره ببيع وشراء المناصب الحكوميه التي تدر الارباح ما دام الكل يريد ان يشارك في الحكومه , اذن من اين نأتي بالمعارضه الرقابيه ,هنا نكون قد وصلنا الى الاجابه على سؤالنا مـــَن يــُصلح مـَن , حتما ليس بإمكان المتهم بالفساد ان يزعم تبني قيادة مشروع اصلاحي, تلك كذبة لا يصدقها عاقل , فهي كذبة العاجزعن المطالبه بمحاسبة الآخرين من اصحاب الكروش والحسابات المصرفيه , كلاهما مشمول بالعقاب القانوني , فكيف لنا بنزيه جريئ يخطو الخطوه الاولى.
الوطن والشعب من وراء القصد