ونحن على أعتاب غلق صفحة مظلمة في تاريخ العراق الحديث ، وهي طرد عصابات داعش من الموصل ، تسابقت الأصوات المنادية بالنصر ، فكلاً يرى أن صاحب السبق في خطف النصر من الآخر ، فتسابق السياسيون من سكنة المنطقة الخضراء الى التصريح أنهم انتصروا على داعش بسواعد أجهزة التبريد والسيارات ذات الدفع الرباعي ، وتسابقوا في رفع راية النصر كلاً أعلى الآخر ، فقادة الشيعة يعتقدون أنهم هم أصحاب هذا النصر ، فتعالت أصواتهم فكلهم يدعي انه صاحب السبق بالنصر ، وانه قائد الجمع المؤمن ، وانه “مختار العصر” والذي فتح بلاد الهند والسند على يديه ، في حين أن العار والشنار سيلاحقه الى ابد الآبدين كون ثلث العراق سقط في عهده ، وتكالبت الوحوش الكواسر على قتل الإنسانية فيه ، وهذه الموصل خير شاهد على وحشية هذا التنظيم البربري الذي لم يبقي أخضر ولا يابس إلا احرقه ، فكيف اليوم وهو ينادي بأنه مؤسس الحشد الشعبي ، وهو صاحب لواء تحرير الموصل ؟!! .
المرجعية الدينية العليا ومن خلال خطبة الجمعة الأخيرة ، كانت تعلم علم اليقين انه سياسي العراق الجدد سيتصارعون على راية النصر ، فسارعت الى قطع الطريق أمام كل الادعاءات والأكاذيب ، لتعلن أن راية النصر يرفعها أهلها من مقاتلين مرابطين في ساحات العزل والشرف ، والأبطال الغيارى من الحشد الشعبي الذي قدموا أرواحهم فداءً للدين والوطن ، فهولاء هم الأحق برفع راية النصر من غيرهم ، لأنهم كانوا ثمن هذا النصر بدمائهم بتضحياتهم بإيثارهم بالنفس ، من أجل إدامة الحياة وإعادة البسمة على جبين المرأة والطفل والشيخ والشاب العراقي ، لذلك كان خطاب المرجعية واضحاً أن لا مزايدة على دماء الشهداء ، وان الأحق برفع راية النصر من كان ملامساً لجروحه ، مضمداً لها ، مرابطاً على سواتر العز والشرف ، حاملاً هموم شعبه ، وهو يصارع البرد القارس والحر اللاهب ، وهم يتصدون بصدورهم للسيارات المفخخة والأحزمة الناسفة ، حاملين حماية شعبهم وأرضهم هدفاً عالياً ، آملين رضا الله ورسوله ، والمرجعية الدينية العليا التي هي الأخرى كانت الراعية والحامية والمدافعة عن العراق وشعبه ، في حين يتصارع السياسيون الجدد على مصالحهم ، وحفظ مكاسبهم الحزبية والسياسية .
التاريخ لن يرحم أحداً ، وسيكون شاهداً على حقبة مر بها العراق الحديث بسياسيه ورجاله ، وسيكتب المواقف ولن يغادر صغير ولا كبيرة إلا أحصاها ، لهذا على السياسيين في العراق الابتعاد عن النصر وأهله ، وأن يركزوا على حل خلافتهم والتي كانت نتاجها ” داعش ” ، وأن يسعوا الى محوا الآثار السلبية التي تركها الإرهاب الداعشي على أرضهم ، وان يعملوا أن امتلكوا الإرادة على توحيد الموقف ومنع تكرار حقبة داعش الإرهابية ، ووضع أولوية التعايش السلمي بين بنود أجندتهم الى جانب مصالحهم الحزبية أو الفئوية الضيقة .