مت فارغا عنوان لكتاب الفه تود هنري ان لا تموت وانت تحمل فكرة او علما او خيرا لم تنشره، فتكون اغنى الارض هي القبور، من اجل هذا قل ما عندك من افكار حتى لو لم تنفد فستبقى في ذاكرة أحدهم ويأتي يوما تنفد.
قال الحبيب ﷺ (لا تزول قدما عبدٍ حتى يُسألَ عن عمُرهِ فيما أفناهُ، وعن علمِه فيما فعل، وعن مالِه من أين اكتسَبه وفيما أنفقَه، وعن جسمِه فيما أبلاهُ) سنن الترمذي ٢٤١٧ حسن صحيح.
الحقيقة ان هذا الفيديو الذي ارسله لي صديق عزيز جعلني اقيس سلوكيات الناس وطريقة تفكيرهم وربط كل شيء بالمادة والمصلحة الشخصية ولمخاطبة النخبة، لأقول بثقة ان اغنى منطقة هي مدافن بلدنا بما حملت من افكار لأناس كانوا يأملون منفعة من افكارهم فماتوا دون ان يستفيد منها أحد او افكار روجوا لها فظن الناس ان هؤلاء يبغون امرا، فلم يروا ابعد من ذلك فيها عندها تكون البلد مقبرة للفكر والمفكرين كما هي اليوم واقعا او يغادروها الى حيث يبدعون.
بيئة منظومة تنمية التخلف (تسفيه المصلحين)
في الانحدار الحضاري الفكري وعندما تكون منظومة تنمية التخلف فاعلة يتقوقع البعض من المؤثرين على ذاته، فيكون كحشرة على شجرة مريضة، وعندها يكثر النفاق والشقاق وتلك حال الامم المستكينة القابلة للاحتلال من غيرها، فتكون ادوات للمشاريع الدخيلة سواء بالتعامل المباشر معها او بالسلبية في محاولة تعظيم الايجابيات المحتملة فلا يوجد شيء سلبي بالمطلق وانما هي جدلية النهضة والانحدار في استراتيجية التعامل مع الانكسار، هذه المجموعة المؤثرة والتي هي جزء من النخبة بعضها مثبط للناشطين والمفكرين وتتهمهم كأي امة متخلفة لمصلحيها بالسفاهة وما توحي به سوء النوايا في انفسهم؛ فالنظرة ان لا شيء مجانا والفكرة الاتية من غيور بهذا المعيار فاسدة او ان لمن يطرحها غايات، وهذا يتناسب مع الانحدار القيمي وبقائه في اللسان دون انطلاقه من القلب، حيث يرى الانسان مرضه في الاخرين؛ او ان الافكار التي تطرح بنية حسنة تحور بطريقة تخدم مصالح شخصية لبعض المتنفذين وليس مصالح عامة بغايتها ودون ان يكلف من تبناها وشوهها حتى كلمة يشكر بها من تبني فكرته مع اعتذار لتشويهها.
المنافقون المثبطون
ان المفكرين حملة فكرة كالمرأة المثقلة بحملها، وكما قال صديق قريب، ان للفكرة عمر تنتهي صلاحياتها…. فلم ادعها تموت في ذهني وبها ايجابية محتملة؛ وما على الرسول الا البلاغ المبين، من هنا كانت الفكرة، ومن دواخل الناس المتخلفة والتي تولت مواضع النخبة الحكم السلبي والسلوك المشوه لأي فكرة تنهض بالبلاد فتأخذها هزوا او تسفيها واستهانة.
ولو اعتادت الناس على الجدية في دراسة الوقائع وتقديم الافكار وكانت الجهات التنفيذية تتفاعل مع هذه الافكار وتقدمها كخلاصات ومقترحات في الموازنة والتخطيط من الموازنة، فان هنالك نوع من الترابط الذهني وماكينة تعمل للبناء لا لدوار الشك المتوسع كحجر تلقيه في بركة ماء يبدأ بدائرة الحجر حتى يتوسع ليكون بقطر بركة الماء.
لو تبنى المسؤول افكارا مطروحة لكانت ادارته للعمل أنضج وأفضل من ارتجال في امر يجهل ابعاد قراره فيه، ولو قال العالم ما يعلم واوصل الناصح النصيحة لكان الامر بإيجابية وحسن غايات، ولو لم ينتظر اصحاب الراي سقوط من لا يحسن المضي في خطته لما تعرضت الامة الى مشكلة من قرارات فاشلة فتكاثر الفاشلين…
وهنا لابد من اتوقف قليلا لرؤية الاهداف، هل هدفك نجاحك انت ولو كان بان يفشل غيرك ولا خطة عندك، ام هدفك ان تتطور مدينتك وبلدك وتعالج مشاكلها البشرية والمدنية لكن لا تملك الحل، ام تملك الحل وترى الخطأ الذي يتعرض له من تزعم انهم اهلك لكن فشل منافسك اهم من علاج خطأه وانقاذ الاخرين، سيقال انه لن يقبل ان نساعده، تلك المشكلة ليست لأنه لا يقبل ان تساعده، بل انت ايضا لن تقبل ان يساعدك لو تبادلت المكان وفاعلية الانا وحب الذات المتغلب على القيم التي تنطق بها.
لم تقدم نفسك لعمل يقوم به غيرك أفضل منك وبعدمية تبعده بدل ان تقدم المتمكن وتتصدى لمساعدته والعمل لا يمكن ان يتم بفرد انما تتكامل الناس لتصل الى انجاز ونجاح؛ الجواب واضح انها منظومة تنمية التخلف التي اضحينا بيئة لها ندور في محورها ونتبنى قيمها في التسفيه والبحث عن المردود والمنفعة الدونية ولو احترقت البلاد والعباد.
الخلاصة هنالك امراض اجتماعية سترها غنى البلد عندما كان غنيا لكن الان مفضوحة عندما بات الوضع عار والناس تنظر اليه كأنه يوم المحشر.
ان اصلاح النفوس الخربة هو مقدمة النجاح في اعمار البلاد، فعندما تتكاثر الحشرات على شجرة القيم والبناء فان المخرجات عفنٌ وفساد حتى للأفكار الطيبة
ان وصف الواقع ورديا لن يفعل أكثر من تخدير الناس الصالحين، ولكن لابد ان يبقى الامل حينما نمنع ان تغتال الحشرات الشجرة بالإصغاء للتافهين.