23 ديسمبر، 2024 7:13 ص

مغناطيسية كربلاء.. تجذب قلوب البشر

مغناطيسية كربلاء.. تجذب قلوب البشر

عندما نتحدث عن كربلاء، تحلق في أفاق مخيلتنا، تلك الإحداث الدامية، جسد صريع، كف هنا، رأس على الرمح طويل، إصبع مقطوع، أشلاء شباب، أطفال يتصارخون، جوع عطش، قربة يخترقها سهم، عمود ملطخ بالدماء، كف مع راية لم تسقط، ثم عبرة ودمعة، وتختمها ب”حبيبي يا حسين” تلك الصرخة التي أعلنتها بطلة كربلاء، زينب الكبرى(عليها السلام)، حتى صارت لغة العالم، من كل الجنسيات. تنبع من أعماق القلوب، وتصدح بها الحناجر، معلنة شهر العشق الحسيني، ممزوج بدم الحرية، وأصبحت مصداق قراني “فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون” سيل وأمواج بشرية، تصب في كربلاء، وهي تقطع ألاف الأمتار مشيا على أقدامها، بفعالية تختلف عن كل مرثونات العالم. عندما تشاهد تلك الجموع، وهي تزحف عشقا، نحو قبلة العاشقين، ستنطق العين بحروف متلألئة، تخط على الوجنات، نحن عشاق المظلوم، كلما تقدمت خطوات، يعتلي شرف الخدمة كل الطقوس، وتعجز السن عن الوصف، تظهر في أعلى الجمجمة، علامة استفهام بحجم كبير، من الذي أوحى لكم كي تجتمعوا؟ كيف تركتم كل ما تملكون؟ من المنظم ل هكذا فعالية عظيمة؟ من المنسق؟ من المشرف؟ من أين التمويل؟… هي إرادة السماء، لإمام القلوب، ترخص له الدماء والأرواح، ومع هذه الأعداد المليونية، تسموا النفوس وتعلوا عن حدود الطبيعة، فلا نزاع ولا جدال ولا خلاف، يحاط كل شخص بهالة الأخلاق، وللتواضع الحصة الكبرى، وتختفي كل الطبقات، ليبقى عنوان الجميع “لزوار أبا الأحرار” يقابلها عنوان الشرف ما بعده شرف ” خدام الحسين(عليه السلام)”

إن كل ما يكتب، هو قطرة من الفيض الحسيني، الذي اجتاز كل الحدود، واسقط كل النظريات، فكان إحدى تطبيقاته، السفر عبر الزمن، الذي امتد لأكثر من إلف وأربعمائة عام، تسير نحوه الأرواح، ودحض قانون النسبية على يده، فلواحد؛ يجن بعشقه الملاين، حتى جاذبية نيوتن وقوانينه، عجزت عن تفسير قوة جذب كربلاء، فلم يجتمع لأحد في العالم، مثل ما اجتمعوا على حب الحسين (عليه أفضل الصلاة والسلام). كانت وما زالت كربلاء مدرسة الإنسانية، تسير بالإنسان إلى الكمال والتكامل، وتعمل على تفعيل جانب الخير، في نظام السلوك الإنساني، كي يتحلى بالمنظومة الأخلاقية المحمدية الأصيلة، التي إرادتها السماء، وأكدتها الكتب السماوية، التي تؤهل البشر للعيش في الجنان، وهذا ما جاء به القران الكريم، وأكد عليه النبي المصطفى واله الأطهار(عليم أفضل الصلوات وأتم التسليم).