23 ديسمبر، 2024 10:44 ص

مع من نتحالف اقتصادياً

مع من نتحالف اقتصادياً

الان النقاش على اشده بشأن تبني رؤية استراتيجية للاقتصاد الوطني الذي يعيش ازمة خانقة جراء انهيار اسعار النفط وغياب النهج الاقتصادي الواضح. ولاسيما تطوير الانتاج الوطني واستعادة عافية صنع في العراق والوقوف بوجه تحديات سياسة الانحراف التي يمارسها جيران العراق ويحاصرونه وان لم يعلنوا عن ذلك، وانما يمكن نلمس ذلك من المشاريع الزراعية والتحكم بالموارد المائية والصناعات البديلة للصناعة الوطنية والضغط لفتح حدوده على مصاريعها حتى ان بعضاً من هذا الضغط عطل فرض التعرفة الكمركية تحت واجهات مختلفة.

لا شك نحن بحاجة الى التعاون مع الدول الاقليمية والعربية لصالح شعوبنا وبلداننا ولتطوير اقتصادات العراق والنهوض بها، لاسيما ان هذه البلدان سبقتنا في الاستقرار بالمناحي المختلفة وقطع بعضها شوطاً، وبالتالي يحاول ابقاء العراق سوقاً لتصريف منتجاته ومجالاً يمنحه فرصة تطوير اقتصاده، ولا اعتراض فكل بلد يسعى الى ان يوسع نشاطه، والملاحظة الاخرى ان اقتصادات هذه البلدان ليست على درجة كافية من التطور والجودة في جميع المجالات بحيث تغنينا البحث عن شركاء متحملين في تطوير القطاعات الاقتصادية العراقية، الى جانب ذلك ان نشاطات الموارد في هذه البلدان تتشابه وعناصر الانتاج والتطوير تكاد تكون نفسها، وهذا لا يحفز على الاقتصاد العراقي ان يحقق الاستفادة المثلى من السوق الاقليمية او انها تكفي لإغنائه في البحث عن مجالات تجارية وسوقية اخرى.

الواقع ان البحث عن شركات اقتصادية وتحالفات لبلد يريد النهوض باقتصاده وتطوير امكاناته لابد ان يتوجه الى البلدان المتقدمة التي تمتلك عناصر الانتاج والتقانة وناصية العلم لنتمكن الاستيراد منها ما يحتاجه البلد لإعادة بنائه وتأهيله، فضلاً عن ذلك ان هذه البلدان تمتلك الرأسمال والخبرة، ونحن اصلاً قد تعاونا معها في عهود سابقة لبناء صناعة وطنية وبنية تحتية للقطاع الزراعي وآليات الاستثمار فيه والانتقال به من قطاع متخلف الى قطاع ناهض يمكن ان يسد الحاجة المحلية ويفيض عنها وبالتالي نؤمن نسبة عالية من البدائل والاكتفاء الذاتي الذي اصبح لا غنى عنه خصوصاً في ظل الازمات التي تنشب في المنطقة ولتلبية الطلب المتزايد على فرص العمل.

ان جميع دول الجوار التي تغرق البلاد بسلعها الرديئة للأسف تعمل لمصالحها الخاصة ولا تعير وزناً لمصالح العراق الا اعلامياً ليس الا فهي تنفذ مشروعاتها من دون التشاور معنا في استغلال موارد المياه وتعتدي على حصصنا منها وما الى ذلك مما لا يتوافق مع الجيرة الحسنة برغم ان الميزان التجاري يميل اليها بشكل كبير، بل ويشكل جزءاً اساسياً من دخولها الوطنية.

على اية حال، هذه البلدان التحالف معها اقتصادياً لا يوازي بأي شكل من الاشكال التحالف مع البلدان الاوربية والولايات المتحدة وبعض بلدان جنوب اسيا ذات الامكانات الواسعة والخبرة في بناء اقتصادات قوية يمكن ان نجد طموحاتنا في البناء والتأهيل لديها وليس لدى بلدان الجوار التي هي اصلاً بلدان نامية وتعاني من مشاكل وازمات وصناعات وخبرات لا يمكن وضعها في مصاف الدول المتقدمة. اختيار الحلفاء في الجانب الاقتصادي مسألة في غاية الاهمية لتنفيذ رؤية استراتيجية بآجال متوسطة وكلفة أقل وخلق بيئة ملائمة لجذب رؤوس الاموال العراقية المهاجرة التي هربت لأسباب اقتصادية وسياسية، وكذلك تشجيع رؤوس الاموال الاجنبية للشراكة والاستثمار في الاقتصاد الوطني.