18 ديسمبر، 2024 8:07 م

مع مطلع 2021… شبح الاغتيالات السياسية يطل في سورية من جديد

مع مطلع 2021… شبح الاغتيالات السياسية يطل في سورية من جديد

السؤال الشائع الذي يتردد في العديد من الدوائر داخل سورية وخارجها، ولا يغيب عن مخيلة أحد من أبناء هذا الوطن: إلى أين تتجه الأوضاع في سورية ، وما هي أخر التطورات هناك ؟!

 

فهذا السؤال حول مستقبل سورية أصبح مطروحا بل وحاضرا في الأجندات الراهنة ومحددا ضمن مسارات الأحداث من حيث التخطيط وان بدت معالمه واضحة ومؤكدة للبعض (انتصارات الجيش العربي السوري) الذي حقق إنجازات كبيرة منذ بداية الأزمة للدفاع عن سورية التي كانت تتعرض للكثير من المؤامرات واستطاع أن يحبطها جميعها.

 

تشهد سورية حالياً، زيادة في حوادث القتل الغامضة التي تستهدف الأدمغة والكفاءات العلمية البارزة من قبل العصابات المسلحة فضلاً عن التفجيرات الإرهابية الواسعة وذلك قبل شهور من الانتخابات الرئاسية، ما من شأنه أن يعيق إجراءات إقامتها ونشر الفوضى التي تقوم على دعم الاضطرابات وزعزعة استقرار سورية وضرب وحدة نسيجها الوطني ، ليعود مجدداً مسلسل التصفيات السياسية التي بدأت أنباؤها تتواتر وتُثير مخاوف الشارع من عودة موجة عنف جديدة تهدد الأمن والسلام في البلاد، على الرغم من وعود الحكومات المتعاقبة بوضع حد لها، والاستنفار الأمني في البلاد. ومسلسل اغتيالات تقف وراءه جهات محددة يرى مراقبون أنها تخدم أجندات إقليمية ودولية، مستدلّين على ذلك بمجموعة قرائن، أهمها طريقة الاغتيال وفئة الأشخاص المستهدفين.

 

ومن ناحية أخرى، لم تقتصر الاغتيالات المنظمة على مناطق محددة كما أنها لم تتخذ شكلاً محدداً أو آلية معينة، إنما كانت على امتداد البلاد. ولم تستهدف هذه الاغتيالات ذوي الرتب العسكرية فقط، إنما شملت الشخصيات القيادية ذات النفوذ خارج إطار المؤسسة العسكرية، وهو ما حصل من استهداف أعضاء أساسيين وبارزين في لجنة “المصالحة الوطنية” على امتداد سورية، كما إنها ترافقت مع أوضاع اقتصادية سيئة وعقوبات اقتصادية قاسية على هذا البلد.

 

وفي جنوب البلاد وتحديداً في محافظة درعا، ازدادت عمليات الاغتيال بين الأطراف كافة، لتكون هذه المحافظة الخاضعة لاتفاق مصالحة هي الأبرز في عمليات الاغتيال والتصفية، بالإضافة إلى محافظة دير الزور التي استهدفت الوجهاء والشخصيات المعروفة في المنطقة من قبل تنظيمات إرهابية تريد العبث في المكونات العشائرية وإنهاء وجودها في المنطقة.

 

إن المتتبع للشأن السياسي ببلادنا ليس بحاجة الى قدرات عظيمة لإستشراف المصالح الأمريكية -الغربية في المنطقة بشكل عام، وفي سورية بشكل خاص، ولا نُجافي الحقيقة إذا قلنا بأن واشنطن وحلفاؤها باتت على قناعة تامّة بأنّها أوهن وأعجز عن تحقيق طموحها في سورية، والقاضي بتقسيمها إلى كيانات إثنية وعرقيّة، من هنا، باتت واشنطن تُخفّض من سقف رهاناتها لاستخدام التنظيمات المسلحة وأخواتها كوسيلة لتحقيق مآربها في المنطقة، في حين يستعد “العلم السوري” ليرتفع في سماء كل سورية.

 

مجملاً في الاغتيالات أنها فصل من فصول الحرب الدائرة في سورية، وهي تتجاوز ذلك في أنها تمهد لفصول أخرى أشد اتساعاً من حرب لم يعد لها هدف سوى استمرار قتل السوريين، وتدمير ما تبقى من قدراتهم البشرية والمادية. وبالتالي فإن هذه الحالة من الفوضى غير الخلاقة لن تنتج سوى مزيداً من العنف والموت والدمار والخراب، التي باتت تهدد الأمن الإقليمي والدولي. وأمام هذا الواقع لا بد من صحوة الضمير وأن نعي خطورة ما تقوم به هذه الجماعات الملثمة والمسلحة من أهداف سعياً لتدمير سورية وتقسيمها والسيطرة على مقدرات البلاد.

 

وأختم بالقول: إن كل هذه الحوادث لا تهز سورية لأنها دولة كالجبال، هدفها الرئيسي الدفاع عن الوطن، ولأن تلك الحرب التي تخوضها دمشق ضد الارهاب هي مسألة حياة أو موت، فقد كان السوريين بالمرصاد لكل من يعبث بأمن البلاد وسيادتها في كل زمان ومكان.

[email protected]