23 ديسمبر، 2024 8:22 ص

مع مصطلحي «الذين آمنوا» و«الذين كفروا» في القرآن 3/4

مع مصطلحي «الذين آمنوا» و«الذين كفروا» في القرآن 3/4

وَما جَعَلنا أَصحابَ النّارِ إِلّا مَلائِكَةً، وَّما جَعَلنا عِدَّتَهُم إِلّا فِتنَةً لِّلَّذينَ كَفَروا، لِيَستَيقِنَ الَّذينَ أوتُوا الكِتابَ، وَيَزدادَ الَّذينَ آمَنوا إيماناً، وَّلا يَرتابَ الَّذينَ أوتُوا الكِتابَ وَالمُؤمِنونَ، وَلِيَقولَ الَّذينَ في قُلوبِهِم مَّرَضٌ وَّالكافِرونَ ماذا أَرادَ اللهُ بِهاذا مَثَلاً، كَذالِكَ يُضِلُّ اللهُ مَن يَّشاءُ وَيَهدي مَن يَّشاءُ، وَما يَعلَمُ جُنودَ رَبِّكَ إِلّا هُوَ، وَما هِيَ إِلّا ذِكرى لِلبَشَرِ». (31/المدثر 74)

هنا يجري الكلام عن أربعة فرق، هي: 1) «الذين كفروا»، 2) «الذين أوتوا الكتاب»، 3) «الذين آمنوا»، 4) «الذين كفروا» مرة ثانية، 5) «المؤمنون»، 6) «الذين في قلوبهم مرض»، 7) «الكافرون». فبكل من مفردة «الذين آمنوا» ومفردة «المؤمنون» تعني الآية هنا (المسلمين)، وبكل من مفردة «الذين كفروا» و«الكافرون» تعني (غير المسلمين). لكن هنا يميز الذين أوتوا الكتاب بعنوان خاص، بينما نجد في نصوص أخرى، أن أهل الكتاب يعدون أيضا من الكفار، أي الذين كفروا، أي لم يؤمنوا بدين الإسلام، وهذا ما سيتبين لنا في بحث مصطلح «الذين كفروا» في القرآن.

«اليَومَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ، وَطَعامُ الَّذينَ أُوتُوا الكِتابَ حِلٌّ لَّكُم وَطَعامُكُم حِلٌّ لَّهُم، وَالمحصَناتُ مِنَ المؤمِناتِ وَالمحصَناتُ مِنَ الَّذينَ أوتُوا الكِتابَ مِن قَبلِكُم، إِذا آتَيتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحصِنينَ غَيرَ مُسافِحينَ وَلا مُتَّخِذي أَخدانٍ، وَّمَن يَّكفُر بِالإِيمانِ فَقَد حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخاسرِينَ». (5/المائدة 5)

هنا تشير الآية إلى النساء اللاتي تنعتهن بـ «المُحصَنات» اللاتي يحلّ للمسلمين الزواج بهن، والآية تميز بين فريقين من (النساء المحصنات)، ألا هما: 1) «المحصنات من المؤمنات»، و2) «المحصنات من الذين أوتوا الكتاب».

يرد مصطلح «المؤمنون» في القرآن تارة بنفس المعنى المذكور آنفا لمصطلح «الذين آمنوا»، لكنه يتخذ تارة أخرى، وهو الغالب معنى مغايرا نسبيا، ولو إنه يبقى في إطار المسلمين، فـ«المؤمنون» قرآنيا هم أولئك (المسلمون) الذين لا يكون إسلامهم ظاهريا وحسب، أي بمجرد نطقهم بالشهادتين، بل يكون إيمانا مترسخا في قلوبهم، ومقترنا بالدقة في التزاماتهم. ومن هنا جاءت الآية «لا تَقولوا آمَنّا، بَل قولوا أَسلَمنا وَلَمّا يَدخُلِ الإيمانُ في قُلوبِكُم». ولكن مصطلح (المسلمين لله)، أو (الذين أسلموا له سبحانه) يرد أحيانا في القرآن بمعناه العرفاني أو الروحاني، عندها يمثل مرتبة عليا من مراتب الإيمان بالله. أما (المؤمن) بلغة الفقه الشيعي، إذا ما ورد في كتب الفقه المعروفة باسم (الرسائل العملية)، فتعني (المتدين الشيعي)، و«الموالي» هو عموم الشيعي بما في ذلك غير المتدين، فكما تعني «الذين آمنوا» قرآنيا (الذين آمنوا بالإسلام)، تعني (المؤمنون) في كتب الفقه الشيعي (الذين آمنوا بولاية علي بن أبي طالب)