11 أبريل، 2024 7:42 م
Search
Close this search box.

مع مجرى النهر …تمضي الذكريات6

Facebook
Twitter
LinkedIn

عودي وتحدثي اليَّ….
خرج صوتي بنبرة الامر محدثا الصورة ولكنها ابدا لم تستجب وظلت مجرد صورة في اطار.
هل انا في حلم ام يقظة ما زلت اطرح هذا السؤال مع نفسي وبينا انا كذلك اذ شعرت بيد تربت على كتفي وتغمرني نظرة حانية من عيني ابي الذي رأيته واقفا امامي وسألني:
ماذا تفعلين…؟
لم احر جوابا مما دفعة ليكرر عليَّ السؤال:
ماذا تفعلين…؟
لكنني بقيت متمسكة بصمتي ولم احر جوابا …
بان على وجه ابي الاسف بل ورأيت علامات القلق والخوف ترتسم على محياه
وهتف :
-هل من خطب… ماذا دهاك …..؟
لم اجب وبقيت متمسكة بصمتي رغم كل شيء وبدى لي خائفا من ان اكون قد واجهت امرا خطيرا ربما نال من عافيتي من الناحيتين النفسية والجسدية كأن يكون قد اصابني مس او جن او ارتسمت لي صورة رهيبة لا استطيع وصف بشاعتها جعلتني عاجزة عن التعبير عما اصابني لذا راح يصرخ بأعلى صوته مناديا امي وحين جاءت على عجل وهي تخطو بخطوات سريعة وتكاد لفرط سرعتها تسقط في كل خطوة نتيجة لما اصابها من هول وفزع طلب اليها إذ ذاك ان تتوجه لي بالسؤال لمعرفة ما اعاني منه.
راحت هي الاخرى تطرح عليَّ السؤال ذاته وانساب صوتها في مسمعي بنبرة الخوف والقلق ايضا قائلة:
اشبيج …حبيبتي …احجي …؟
وبعد لحظات من الصمت ولما لم اجبها بما يسكن روعها قالت:
سماح حبيبتي …ماما كوليلي اشبيج…؟
احترت في امري وكانت تلك المواجهة اكبر من ان تحتمله مشاعري وربما تحول حلم اليقظة الى واقع مريروكان عليَّ ان اهيئ له جوابا مناسبا لذا ودون ارادة مني حفزتني افكاري الى مفتاح الحل ….اجل مفتاح الحل فأجبت وقد ابتلت عيناي بالدموع :
لا شيء …لا شيء …
راحت نظرا تهم تخترقني وكأنهم يبحثون داخل نفسي عما اصابها ففتحت يدي التي كانت قابضة على سلسلة المفاتيح قائلة بعد لحظات:
لا شيء سوى انني عثرت على سلسلة المفاتيح هذه .
علت الدهشة وجهيَّ والدي َّ وسرعان ما توجها لي بالسؤال قائلين:
واين وجدت سلسلة المفاتيح القديمة هذه …؟
فأجبت وانا ابتلع ريقي الذي احسست به جافا:
وجدتها تحت طبقة من التراب على عمق ليس باليسير تحت الفسحة الداخلية لباب السرداب .وجدتها حين كنت انظف تلك المساحة من مقدمة باب السرداب المقضية الى اعلى دركات السلم والتي لم تنظف مذ زمن بعيد .
مضت لحظات من الصمت تبادل خلالها ابواي النظرات ثم ما لبث والدي ان احتضنني بحنان ومسح دموع كانت تترقرق في مآقي عيني وبادرت امي الى احتضاني بحنان وهي تمسح بيدها على رأسي .
شعرت بالدهشة وخيبة الآمل لأن والدي لم يولي سلسلة المفاتيح تلك اهتماها يذكر وكنت احسبها قبل لحظات كأنها مفاجأة الحظ المنتظرة وطريق الثروة التي عولت عليها طويلا لكن الذي انعش آمالي تلك هي مبادرة امي بتناول تلك السلسلة من يدي وراحت تتأملها مليا ثم سرعان ما اشرق وجهها بابتسامة عريضة وهي ترفع احد تلك المفاتيح الى عينيَّ ابي الذي كان يعاني الحزن والخوف والقلق عليَّ وكأن الامر بالنسبة اليه لم ينته بعد فتنبه لصوت امي الذي ايقظه من تلك المشاعر وهي تقول:
أليس هذا هو مفتاح الصندوق الحديدي الخاص بوالدك رحمه الله والذي بحثنا عنه طويلا ولم نعثر عليه في ذلك الوقت مما جعلنا ننقله الى السرداب مع الحاجيات الاخرى التي لم نعد بحاجة اليها ثم سرعان ما نسينا امره ولم نبحث عنه ولم نهتم بإيجاد المفتاح لمعرفة ما يضم من حاجيات …؟
صمتت قليلا ثم واصلت حديثها :
لقد نسينا امره وتوالت الايام والشهور والسنون وشغلتنا عنه حادثات الزمن.
هنا رأيت ابي ينظر اليَّ …ثم سرعان ما ادركت انه لم ينظر اليَّ وبدى لي وكأنه ينظر الى مدى بعيد عبر الزمن والسنين وحسبت انه يستعيد امورا حدثت ويجد الان في استعادتها بعض ما يمكن ان يجيب عن اسئلة عديدة ظلت تراوده ولم يجد لها اجابة شافية لذا بادرني السؤال:
أين وجدت هذه السلسة…؟
اشرت بيدي الى باب السرداب قائلة:
هنا تحت هذه الطبقة الترابية التي انتزعت بلاطتها العلوية بفعل الرطوبة وكان في نيتي ان ازيح هذه الطبقة ليمكنني فتح الباب على مصراعيه وليس بالشكل الضيق كما هو الحال بفعل وجود تلك البلاطة المرتفعة المشبعة بالرطوبة .
تناول ابي سلسلة المفاتيح وفتح الباب على مصراعيه وهبط الدركات ترافقه أمي لذا هبطت معهما وضغط والدي على زر المصباح الكهربائي فانتشر نوره كاشفا عن الكثير من الحاجيات والادوات التي غلفت بطبقة من التراب والغبار وكان حذرا مخافة تواجد بعض الحشرات خاصة العقارب .
بعد ان جال ببصره في تلك الحاجيات المتكدسة بعضها فوق بعض امتدت يده تعاونه امي الى احد الصناديق الحديدية وكان ضخما بعض الشيء مما جعلهما يبذلان جهدا كبيرا في تحريكه الى مكان منفرد وبادرا الى فتحه وكان فيه الكثير من الادوات والملابس و……صندوق فضي فكانت المفاجأة لحظة فتحه …..!!!

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب