18 أبريل، 2024 12:57 م
Search
Close this search box.

مع مجرى النهر…تمضي الذكريات10

Facebook
Twitter
LinkedIn

ثلاثة ايام هي ايام الزيارة التي قضتها عائلة ابو قحطان في ضيافتنا وكما اخبرتكم كم كنت قلقة ومتوجسة من نظرات تلك السيدة الخمسينية وكأن هاتف يقول لي ان وراء الاكمة ما ورائها لكني لم اجزم الامر وحين اعدوا حقائب السفر كنت استعجل اللحظات كيما اغلق الباب ورائهم وان كان يعز علي مفارقة ابي الذي رافقهم السفر ملتحقا بعمله .
لم يكن ظني مخطئا وكان هناك امر مبيت كشفته جلسة طويلة بين امي وأم قحطان قبل السفر بساعة وكنت حينها بعيدة عن مجلسهما ذاك لانشغالي بعمل المعجنات التي اعددتها لابي وكانت ارادة امي ان تخصص قسما منها لعائلة ابو قحطان.
………………
امي تنظر الي نظرة طويلة كمن يحدث نفسه بأمر ذي شأن…اردت ان اقطعها بحديث عن قرب موعد بدء العام الدراسي الجديد فلم يبد عليها اهتمام كما في السابق بل حركت يدها بشكل دائري كمن يؤكد عدم اهتمامه بل وارتسمت على شفتيها ابتسامة وهتفت قائلة:
سماح ربما راح تتركين الدراسة ….!!!!!!
فغرت فاها وندت عني آهة اشبه بصرخة استنكار وهتفت بنبرة غاضبة:
شنو …منويكول …اوليش …ليش اترك الدراسة…؟
ليش تتركين الدراسة …؟لن ربما راح تتزوجين …!!!
ماما …تحجين صدك …اني وين والزواج وين …لسه ماخلصت مدرستي وماحققت هدفي …شنو زواج …ماما اني لسه ازغيرة …اريد اكمل دراسة وادخل الجامعة وبعدين افكر بالزواج.
لا…لاياما ما …لاياسماح …اجوج ناس طيبين ومتمكنين وانتي شفتيهم وعرفتيهم ….
عندها وثقت ان وراء هذه الزيارة لتلك العائلة كان هدف يخصني ترى من الذي رشحني لتلك الزيجة ….لعبت برأسي الافكار لكني اظهرت عدم معرفتي بالخاطب فقلت متسائلة:
منوذولة اللي اعرفهم اوشايفتهم …اني ابد ما اعرف احد ولا ابالي اي واحد منين جبتي هذا الحجي…؟
لا…تعرفيهم ذولة الضيوف اللي جانو عدنة قبل كم يوم طلبوج من ابوج وابوج وافق.
منو بيت ابو قحطان…؟
سألت رغم معرفتي المسبقة ربما لأحرج أمي ولأسألها عمن رشحني لهذه الزيجة فهل يعقل ان ابي رافقهم بهدف تعريفهم بي فهل انا رخيصة عنده الى هذا الحد…آه أبي…أبي …هل يعقل هذا …!!!
ظللت اتسائل وقاطعتني أمي قائلة:
شبيج تخبلتي …ابوج ايقدمج الهم …شنوهل الحجي انتي ابكل عقلج تحجين هذا الحجي …المسألة او مابيها هي أم قحطان لما شافتج ازغيرة او حلوة او متعلمة او شاطرة اختارتج لابنها ..
ضحكت ضحكة هي اشبه بنحيب حزين وترددت الكلمات على شفتي كانها سيل جارف:
ام قحطان اختارتني …ياه والله هاي حلوة …اختارتني شنو هي اللي تتزوج لو ابنها وقبل ان اتم رمي كلماتي التي كانت كأنها مشاعل نارتحرقني صرخت بي أمي صرخة غاضبة وقالت:
شنو هالحجي موعيب ليش مو من حق الام تختار عروسة ابنها اذا هو وافق عليها
يعني قصدج قحطان هذا المتعجرف وافق على ان اكون العروسة المناسبة اله.
اي نعم …موبس هذا حتى هو طلب منها ان تاخذ راي قبل ماايسافرون….
اشعجب ماشافني ازغيره عله الزواج او ما كلتليه هي اتريد اتكمل دراسة.
شنوا زغيره يماما انتي هسة باحلى عمر مناسب للزواج وتأسيس اسرة ويكون عندج اولاد اتكبيرهم ويكبرون وياج…اني كنت ازغرمنج من اتزوجت وهاي انتي اشوفين بيت او اولاد وهاي سنة الحياة.
ماما انتي ماكان عندج هدف بالدراسة ..لكن اني اريد اواصل دراستي او اهدافي غير اهدافج او زماني غير زمانج شنو تجبروني عله الزواج …؟
نظرت الي بغضب وهذا دأبها دائما حين لا ترضى عن امر ما ووجدت في كلماتي وقاحة كبيرة وفي تفكيري خطا جسيم وبرأيها ان فرصة الزواج هذه اثمن بكثيرمن هدفي في الدراسة وسنوات الاجتهاد والسعي لتحقيق هذا الهدف الذي قد لا يتحقق في النهاية والذي قد لا تمكنني الظروف من مواصلة الدراسة والتحصيل العلمي.
رحت اردد ابيات الشعر على مسمعها وهي لاتعيرني استماعا لكني هكذا ..هكذا رحت اردد:
الام مدرسة اذا اعددتها …اعددت شعبا طيب الاعراق
اخترقتني نظرتها الملتهبة وكأنها تقول :
الست اما طيبة وحنون ومحبة .انا لست بجاهلة علم او تعليم لكن دروس الحياة علمتني الكثير والتجارب المريرة جعلتني لا أثق بالمنى والاماني واؤمن بأن عصفور في اليد خير من عشرة على الشجرة.
هكذا كانت تحدثني نظرتها وهكذا كنت اقرأ افكارها .نعم هي أم طيبة وحنون وهي ايضا قوية وربما قاسية في مواقف تؤمن بأن فكرتها هي الاحق والافضل وعلى الاخرين ان يتقبلوها .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب