23 ديسمبر، 2024 10:07 ص

مع سليم الحسني والمعركة الجديدة ضد الشهيد الصدر 2/2

مع سليم الحسني والمعركة الجديدة ضد الشهيد الصدر 2/2

ثم هناك مشكلة أخرى، فلو سقط النظام والصدر على قيد الحياة، وقد قامت دولة إسلامية في إيران، كتب الصدر نفسه المسودة الأولى لدستورها، والتي قال عن قائدها «إن الإمام الخميني حقق حلم الأنبياء»، وقال موصيا العراقيين «ذوبوا في الإمام الخميني، كما ذاب هو في الإسلام»، وهو أي الخميني القائل بعد سقوط الشاه «در إين كشور (كشڤر) بايد همه چيز إسلامي باشد»، أي «في هذا البلد (إيران) يجب أن يكون كل شيء إسلاميا»، وبالتالي هذا الذي كان يراد أن يجري في العراق أيضا، أقول لو كان قد سقط نظام صدام أيام الخميني وإذا افترضنا أن الصدر كان ما زال على قيد الحياة، وحتى لو كانت تكونت لديه ملاحظات على أداء الجمهورية الإسلامية ونقد لها، فمن أجل حفظ بيضة الإسلام كان سيدعو إلى جعل جمهورية العراق الإسلامية ضمن اتحاد مع جمهورية إيران الإسلامية، وتحت ولاية الفقيه الموحدة، أي تحت قيادة الخميني. ماذا كان سيعني ذلك. وهذا التوقع مني ليس افتراضيا، بل مستوحى من فكرة له، بالتمييز بين التغيير الانقلابي والتغيير الإصلاحي، فالتغيير الانقلابي أي الجذري والشامل، يكون عندما تكون القاعدة للدولة كلها غير إسلامية، بينما التغيير الإصلاحي يكون عندما تكون القاعدة على النحو العام إسلامية، ولكن تحتاج إلى إصلاحات.

ثم صحيح إن الصدر قد تجاوز الطائفية، وخاطب السنة كما خاطب الشيعة، عندما قال «يا أخي السني ويا ولدي السني، ويا أخي الشيعي ويا ولدي الشيعي، إني معكما بقدر ما أنتما مع الإسلام»، لكن تأملوا في عبارة «بقدر ما أنتما مع الإسلام»، فقرب كل من السني والشيعي للصدر كقائد كان سيكون بقدر ما هما مع الإسلام، أي بقدر تدينهما، وبقدر دعمهما لمشروع الإسلام السياسي. وهذه العبارة تعلو الباب الرئيس لمقر حزب الدعوة المركزي في مطار المثنى، والذي انتقدته في مقالة لي قبل سنوات، لأني اعتبرت رفع الحزب لهذا القول على الباب الرئيس لمقره، يعني إنه لا يؤمن بالدولة المدنية، ولا بالديمقراطية، بل بمشروعه الإسلاموي للدولة الثيوقراطية.

يقول الحسني: «بعد سقوط نظام صدام، كان متوقعاً أن تغطي مدرسة الشهيد محمد باقر الصدر العراق كله»، ويدعم توقعه هذا بقول: «فالشيعة بعمومهم كانوا يقدسونه ويبكون ظلامته ويرون فيه رمز القوة التي واجهت أعتى طغاة العصر»، ولو إني قد لا أوافقه، فهذا كان مقتصرا على شيعة المهجر المتدينين، أما أكثر شيعة الداخل، فسياسيا قد هيمن محمد الصدر على ولائهم ذي المنسوب العالي في سخونة العواطف الحماسية، والشيعة التقليديون هم أقرب للولاء للمرجعية التقليدية المتمثلة بالسيستاني التي هي امتداد لمرجعية الخوئي. ثم يقول الحسني: «كما إن الكيانات الشيعية التي تولت المناصب العليا في الدولة كانت تنتمي الى مدرسته»، لكنها إذا بقيت من حيث الفكر السياسي وفية لخطه، إلا أنها انحرفت عن خطه كليا من الناحية الأخلاقية، كما يتفق معي الحسني..

ثم يعبر الكاتب عن أمنيته التي يأسف لعدم تحققها، ألا هي تبوؤ المرحوم محمود الهاشمي الشاهرودي للمرجعية في النجف، لولا محاربة المدعو علاء الهندي له، وهو الذي اشتهر اسمه بشكل سيئ جدا عندما أفتى بحرمة مشاركة المسيحيين في أعيادهم، مما أثار عليه غضب العقلاء من جماهير الشعب. «ولكن مع احترامنا لفقاهة محمود الهاشمي الشاهرودي، لكن هل نسي الحسني أن الهاشمي أو الشاهرودي كان الذراع الأيمن لخامنئي، وتبوأ في الجمهورية الإسلامية أعلى المناصب، تارة كرئيس للقضاء الأعلى، وبعد ذلك كرئيس لمجلس تشخيص مصلحة النظام؟ وحسبما تسرب، إن حزب الدعوة كان من الداعمين لتبوؤ الهاشمي لدور متميز في النجف، لتهيئته كي يخلف السيستاني بالمرجعية، بعدما قاطع الأخير حزب الدعوة وبقية الأحزاب الشيعسلاموية بسبب فسادها المفضوح وسوء أدائها.

ثم لا أدري ماذا يقصد بـ «المشروع الأميركي ضد الإسلام والتشيع»، وما هو الذي سماه بـ «الإسلام الأميركي»، الذي يخطط لـ «القضاء النهائي على خط السيد الشهيد الصدر».

هذا ما أحببت أن أسجله من ملاحظات على مقالة الكاتب المحترم، الذي يحسب له إنه تخلى عن حزب الدعوة تنظيميا لفساده وسوء أدائه، لكنه – وهذا ما يحسب عليه – بقي حسب تقديري وفيا ربما أكثر من الحزب نفسه للفكر الإسلاموي لحزب الدعوة.