22 نوفمبر، 2024 10:28 م
Search
Close this search box.

مع سجاد تقي كاظم وما أسماه انسلاخي عن المكون الشيعي 1/4

مع سجاد تقي كاظم وما أسماه انسلاخي عن المكون الشيعي 1/4

ابتداءً أرجو ألا يعتبر مني ذكر الأسماء بلا ألقاب عدم احترام لأصحابها المحترمين، لكن هكذا تعلمت في ألمانيا، هنا في المقالات والدراسات والأخبار تذكر جميع الشخصيات، مهما بلغت أهميتها الفكرية أو موقعها السياسي مجردة من الألقاب، حتى بدون ذكر سيد أو سيدة، كما هو مألوف في المخاطبة، وأنا من طبيعتي لا أتأثر بشيء إلا إذا اقتنعت به، وليس من قبيل التقليد.

الملاحظة الثانية ربما يلاحظ المتابعون لي بأني أكاد أكون توقفت عن كتابة المقالات السياسية، لانشغالي بالتأليف وأسباب أخرى، سأعاود للكتابة عندما تزول.

والآن مع مقالة سجاد تقي كاظم، فأقول لا أفهم مغزى استخدام كلمة «الانسلاخ عن المكون الشيعي». فأن يكون الإنسان شيعيا أو سنيا، هي إما قضية عقيدة، وإما انتماء اجتماعي لفئة من فئات الشعب، وإما يعبر إن كان لا هذا ولا ذاك، عن ازدواجية اعتدناها في المجتمعات الشرقية. فأما العقيدة، فهي اختيار شخصي، وليست جينات وراثية، ولذا عندما لا أكون شيعيا ولا سنيا، فلأن ذلك يمثل اختياري الشخصي لعقيدتي، حيث اخترت في آخر إيماني بالإسلام الإسلام اللامتمذهب وفق مذهب شخصي أسميته بالمذهب الظني، قائم على ثلاثة ركائز؛ العقلية، التأويلية، الظنية، وغير متبع لأي مذهب من المذاهب، ثم عندما تحولت إلى إلهي عقلي لاديني – ولا أحب استخدام كلمة «ربوبي» – فمن قبيل الأولى ألا يعقل أن أكون شيعيا ولا سنيا. ومع هذا نجد ما أسميتهم بالازدواجيين الذين يكونون علمانيين ليبراليين ويبقون سياسيا شيعة أو سنة، بل هناك ظاهرة الملحد ذي مشاعر الانتماء الطائفي شيعيا أو سنيا. ولذا فأنا سياسيا كعلماني ليبرالي لا يمكن أن أحمل فكرا سياسيا شيعيا، بل هذا ما كان شأني حتى في أواخر حياتي كإسلامي-ديمقراطي قبل تطليقي للإسلام السياسي، بسبب افتراقي الفكري معه، وليس فقط بسبب سوء الأداء السياسي للإسلاميين. أما اجتماعيا، فلا أنتمي لما يسميه الكاتب المحترم بالمكون، لأني سياسيا أؤمن بالمواطنة ولا أؤمن بانتماء آخر، وفكريا أنتمي للمواطنة الكبرى كإنسان. ووضحت كل ذلك في مقالة لي بعنوان «أفتخر أني لست شيعيا ولا سنيا» وذلك في 13/01/2013، وأدناه رابط المقالة:

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=340883

أما بالنسبة لتساؤله مستغربا لماذا لا أؤيد مشروع الإقليم الشيعي في الوسط والجنوب الذي يدعو إليه في ما يسميه بقضية الشيعة ذات العشرين نقطة، وهو باستثناء علمانية توجه صاحب المشروع شبيه بمشروع عبد العزيز الحكيم بدعوته إلى تأسيس الإقليم ذي التسع محافظات، والذي عارضته في وقتها بشدة، لأني وجدته تكريسا للطائفية، وبينت خطورته بأنه محاولة لإخضاع المحافظات الشيعية لولاية الفقيه الإيرانية، لعدم إمكان إخضاع كامل العراق لها، مع فارق إن صاحب مشروع العشرين نقطة ضد أحزاب الإسلام السياسي وضد تدخل الجمهورية الإسلامية في شؤون العراق وتكريس نفوذها فيه، وهذا ما نلتقي فيه أنا وإياه، مع اختلافي وإياه في فهم العلمانية، كما سأوضحه. لكن إذا كان يقصد تطبيق الفيدرالية وتأسيس الأقاليم، فأنا منذ البداية كنت من أشد المتحمسين والداعين للفيدرالية. ولأدرج هنا مقطعا من رسالة جوابية للسيد سجاد، إذ كتبت له:

أنا كنت دائما وما زلت من دعاة الفيدرالية مع تطبيقها تطبيقا صحيحا مقترنة بديمقراطية حقيقية وعلمانية وقائمة على أساس المواطنة، فلا مشكلة أن تكون أكثرية نفوس إقليم ما من دين أو طائفة أو قومية معنية كحاصل تحصيل للواقع، لكن لا أن ندعو إليه كإقليم شيعي أو سني، ويجب على الإقليم أن يرعى مواطنيه من الأقليات الدينية والمذهبية والقومية بشكل متساو، كمواطنين درجة أولى حالهم حال الأكثرية، فمثلا التطبيق الفيدرالي لكردستان عليه الكثير من الإشكالات، منها المبالغة بالنزعة القومية، قد ساهمت سياسة بغداد في دفعهم إليها أكثر، ومنها عدم معاملتهم لغير الكرد كالتركمان والآشوريين والإيزيديين على قدم المساواة، ومحاولتهم تذويب هذه المكونات في الهوية الكردية، ومنها عدم ديمقراطية الأداء، وسيطرة أسرة محددة. وإلا فلا مشكلة عندي مع إقليم ذي أكثرية شيعية، يكون فيه بقية المواطنين من سنة وصابئة ومسيحيين وبهائيين وملحدين متمتعين بحقوق المواطنة، متساوين مئة بالمئة مع الأكثرية. أما رفضك للعراق كدولة لكونه صنيعة سايكس پيكو، فيا عزيزي العراق أصبح أمرا واقعا، وها هو يقترب من بلوغ القرن من عمره، وكثير من الدول تأسست بشكل مفتعل، لكنها عندما تحولت إلى واقع، فعاش أهل تلك الدولة لفترة طويلة سوية، تحولوا إلى شعب. ألمانيا فيها كاثوليك وپروتستانت، سويسرا فيها الناطقون بالألمانية وبالفرنسية والإيطالية، وكندا فيها القسم الفرنسي والقسم الإنگليزي. الأقاليم مع هذا ليست دولا مستقلة عن بعضها البعض، فسياسة الدفاع والخارجية والاقتصاد موحدة، وليس لكل إقليم رئيس مثل رئاسة الإقليم التي ابتدعها الكرد، بالرغم من أني من أشد المدافعين عن حقوق الكرد، لكني ضد سياسة الأحزاب المتنفذة، تماما كما أنا ضد سياسة الأحزاب المتنفذة في بغداد. ثم من سيحكم الإقليم الشيعي؟ من جديد ستنتخب نفس الأحزاب […] (الدعوة، المجلس، الحكمة، الفضيلة). أقم إقليما، لا أقول شيعيا، بل ذا أكثرية شيعية، لكن علمانيا ديمقراطيا يتمتع بقية المواطنين فيه بكامل حقوق المواطنة، ولا تحكمه الأحزاب الإسلامية ولا عملاء إيران ولا الفاسدون، وأنا أول المؤيدين وسأتشرف للانتماء إلى هذا الإقليم.

انتهى المقطع من رسالتي. لكن أقول لا يعني هذا أن نقف ضد تأسيس الأقاليم، إذا طالب أبناء المحافظات التي يراد تشكيل الإقليم منها، سواء كان إقليم البصرة، الذي تطالب به نسبة من أهالي البصرة، أو إقليم عبد العزيز الحكيم بالمحافظات التسع، أو إقليم الوسط والجنوب الذي يدعو إليه مشروع العشرين نقطة الشيعي. لكني أرى الخطورة في الدعوة إلى إقليم شيعي أو إقليم سني، لكن إذا كانت أكثرية نفوس إقليم ما شيعية أو سنية، أو مسيحية أو إيزيدية أو تركمانية، فنحن مع الإقرار بهذا الواقع، ولا نريد تغييره، لكن نتمنى مع الوقت أن تتجذر عند الجميع ثقافة المواطنة، بعيدا عن الانتماء الديني والطائفي والعرقي.

وكانت لي رسالة سابقة كتبتها له، أدرج المقاطع المهمة منها أدناه:

صحيح مشروعك يعتمد إلى حد كبير – وأؤكد على قول إلى حد كبير – العلمانية أي الفصل بين الدين والسياسة، ومبارك جهدك إذ لم تجعله دينيا ولا طائفيا. لكني شخصيا أفهم الطائفية على نحو آخر، وهي عندي درجات. وأدنى هذه الدرجات هو أن يعتمد الشخص الانتماء إلى طائفة ما، ولو انتماءً اجتماعيا، وليس دينيا أو طائفيا، فهو مستوى من مستويات الطائفية، وكثيرا ما كررت على الفضائيات عندما كنت أظهر بكثافة، إن مجرد وجود حزب خاص للشيعة، وآخر للسنة، حتى لو لم يكن يتبنى موقفا سلبيا من الطائفة الأخرى، فهو مستوى من مستويات الطائفية، وهو نقض لمبدأ المواطنة، الذي يعد ركنا أساسيا من أركان الدولة الديمقراطية العلمانية الحديثة، ومن هنا قلت إن مشروعك يعتمد العلمانية إلى حد كبير، وليس بشكل كامل، بتقديري وحسب فهمي للعلمانية.

إذا كان هناك رد أرجو الانتظار حتى نشر الأجزاء الثلاثة المتبقية من هذه المقالة، ثم أعتذر من الآن عن عدم توفر الوقت لدي للرد مرة أخرى، مع احترامي، لأني مشغول بشكل مكثف جدا بقضايا فكرية وسياسية أخرى، فأرجو قبول اعتذاري.

أحدث المقالات