7 أبريل، 2024 12:36 ص
Search
Close this search box.

مع د. سعد ناجي جواد في «دستور العراق وثيقة مزورة» 4/4

Facebook
Twitter
LinkedIn

أواصل مناقشة مقالة «دستور العراق وثيقة مزورة مررت بالتزوير وملئت بالألغام والمطبات» لأستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد د. سعد ناجي جواد، بحيث تكون نصوصه المختارة للمناقشة مسبقة بالحروف الأولى من اسمه (س.ن.ج)، ومناقشتي له مسبقة بالحرفين الأولين من اسمي (ض.ش).

(س.ن.ج): بينما احتوى الدستور على فقرات تثبت ممارسات طائفية لطائفة معينة، ولم يتم الحديث عن حقوق مماثلة للطوائف الأخرى.

ض.ش: ربما يقصد حق إقامة الشعائر الحسينية، وفي مادة أخرى حق إقامة الشعائر في العتبات المقدسة. وهذا ما انتقدته آنذاك، وبعد ذلك مرارا، ولو إن هذه العبارات هي ما يمثل ضخ مفردات شيعية استفزازية أكثر مما تمثل امتيازات في الحقوق، لكن المشكلة في التأويل وسوء التطبيق، وفي كل الأحوال يجب أن تحذف مثل هذه العبارات من الدستور الذي نتطلع إليه.

(س.ن.ج): كما احتوى الدستور على تضارب مقصود في مواده، فمثلا تقول إحدى المواد إنه في حالة تعارض مواد الدستور، (الذي هو في كل دول العالم الوثيقة الأسمى والأعلى مرتبة والتي تلغي أي قانون أو تشريع يتعارض معها)، مع مواد الدستور المحلي لإقليم كردستان تكون الغلبة للقانون المحلي.

ض.ش: كما بينت مرارا إني مع الحقوق القومية للكرد، لكني ضد تمدد الحقوق على مصالح الدولة الاتحادية أو على حقوق عراق ما خارج منطقة كردستان، فالصحيح أن تتبع الأقاليم الفيدرالية دستور الدولة الاتحادية والقوانين ذات الطبيعة الاتحادية، لأن هناك في الدول الاتحادية نوعين من القوانين، فنوع هو ذو طبيعة اتحادية، ونوع ذو طبيعة محلية، وبتقديري إن دستور 2005 رغم مثالبه قد راعى ذلك، مما يجعل الإشكال أعلاه غير دقيق. فمن حيث دستور الإقليم فقد نصت المادة (120) على أن «يقوم الإقليم بوضع دستور له، يحدد هيكل سلطات الإقليم، وصلاحياته، وآليات ممارسة تلك الصلاحيات، على ألا يتعارض مع هذا الدستور»، إذن «على ألا يتعارض مع هذا الدستور»، وليس كما ذكر الكاتب. كما من حيث القوانين فقد ورد في المادة (121) ثانيا النص الآتي: «يحق لسلطة الإقليم تعديل تطبيق القانون الاتحادي في الإقليم، في حالة وجود تناقض أو تعارض بين القانون الاتحادي وقانون الإقليم بخصوص مسألة لا تدخل في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية»، إذن فقط «بخصوص مسألة لا تدخل في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية». فلا أرى أي خلل فيما ذكر في المادتين، بل الخلل كان دائما في التطبيق، سواء تطبيقات السلطة الاتحادية، أو تطبيقات سلطة الإقليم، التي سلكت في كثير من الإجراءات سلوك الدولة المستقلة، دون تبرئة السلطة الاتحادية.

(س.ن.ج): كما استحدث الدستور تعبير طارئ جديد هو (المناطق المتنازع عليها) والذي يعطي الانطباع إن هناك نزاعا بين مكونات الشعب الواحد على أراضي البلد الواحد، الأمر الذي أشعل خلافات وصلت إلى حد استخدام القوة المسلحة لفرض إرادة أو رغبات طرف على آخر.

ض.ش: أتفق مع الكاتب على عدم صلاحية مصطلح «المتنازع عليها» وسبق وكتبت منتقدا لهذا المصطلح ومتمنيا لو كان قد استخدم بدلا عنه مصطلح «المختلف عليها». وهناك فعلا مناطق مختلف عليها، وهذا ما يجب أن يسوى بطريقة دستورية عقلانية سلمية، بدون ابتزاز، ولا إفراط ولا تفريط.

(س.ن.ج): ولم يتوقف الأمر عند مطالبة إقليم كردستان بأراض من كل المحافظات المجاورة، وإنما انتقلت العدوى إلى محافظات عربية أخرى.

ض.ش: يقصد كما أخمن إثارة بعض المحافظات ذات الأكثرية الشيعية بأن صدام كان قد استقطع أراضي شاسعة منها (كربلاء مثالا) ليضمها إلى محافظة أخرى ذات أكثرية سنية (الأنبار مثالا). وهنا نتمنى أن تحل هذه القضايا بعيدا عن النزعات الطائفية، شيعية كانت أو سنية، بل بالتحلي بالنفس الوطني، وعبر التفاهم والحوار، وبالطرق الديمقراطية والسلمية، ولا أظن إن ذلك يختزن خطورة اندلاع صراع مسلح، كما يشير إليه الكاتب، خاصة وإننا شهدنا من خلال ثورة تشرين الابتعاد عن الحس الطائفي للمتظاهرين.

(س.ن.ج): إن كل ما قيل أعلاه يثبت ضرورة أن يقوم العراقيون بأنفسهم بكتابة دستور جديد أو أن يقوموا بتعديل الحالي تعديلا جوهريا.

ض.ش: فعلا هذا ما نتطلع إليه، وشخصيا ما كنت أرى ألا إمكانية لتحقيقه إلا بعد عدة عقود، وجدت إن ثورة تشرين قد بعثت في أنسنا الأمل في اختزال الزمن، وما مبادرتي «دستور دولة المواطنة»، إلا محاولة متواضعة لكنها مهمة جدا لصياغة دستور يؤسس لـ «دولة ديمقراطية علمانية حديثة تعتمد الموطنة».

(س.ن.ج): فهل سينجحون في ذلك؟ نظريًا نعم يمكن أن ينجحوا، لأنهم يمتلكون من العقول القانونية والمشرعين ما يمكنهم من فعل ذلك بكل سهولة، ولكن عمليًا يبقى هذا الأمر صعبًا في ظل وجود الأحزاب المشتركة في العملية السياسية المستفيدة من هذه الوثيقة التي مزقت العراق. وخير دليل على ذلك إن اللجنة التي كلفت الآن لإجراء تعديلات على الدستور، وبعد كل الذي عاناه العراق من النسخة المعتمدة، شُكِلَت وفق مبدأ المحاصصة ولا يوجد فيها خبير دستوري واحد»، لا بل إن الغالبية العظمى من أفرادها ليس لديهم حتى اختصاص في أي فرع من فروع القانون، هذا إذا كان لدى بعضهم شهادة جامعية صحيحة.

ض.ش: سيستطيع العراقيون إنجاز هذا المنجز التاريخي المصيري، مع الإقرار بصعوبة العوائق أمامهم، والتي عسى أن تذللها الإرادة التي ترجمتها ثورة تشرين، وعسى أن يكون هناك القدر الكافي من الوعي لفرض صياغة دستور لدولة حديثة، لا يكتب بأيدي اللجنة التي شكلت مؤخرا، والتي فعلا لا تملك المؤهلات.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب