4 نوفمبر، 2024 9:22 م
Search
Close this search box.

مع بالغ الود

التوقيع بين القوى العظمى وإيران، أو الصحيح بين أمريكا وإيران؛ على العودة للعمل بالصفقة النووية، أو العودة لخطة العمل الشاملة والمشتركة، وعودة إيران المتزامنة للالتزام بما ورد في الصفقة النووية؛ ظل يراوح مكانه طيلة الأشهر العديدة السابقة من المفاوضات غير المباشرة بين إيران وأمريكا.

مرة يتم الإعلان أن التوقيع على هذه الصفقة بات وشيكا، وتاليا يتم الإعلان أن التوقع عليها؛ ابتعد كثيرا. إيران من جهتها تخلت عن الكثير مما كانت تطالب به؛ حتى تعود إلى العمل بالصفقة النووية، حسب الادعاء الأمريكي. في الأيام الأخيرة يبدو أن العودة للعمل بالاتفاق النووي؛ أصبح بعيدا، فالمسؤولون الإيرانيون، حسب تصريحاتهم الأخيرة؛ يطالبون بالضمانات، التي تنحصر في أن لا تنسحب أمريكا مرة ثانية من الصفقة، أو أن يتم تعويضها حين تنسحب من خطة العمل الشاملة والمشتركة، هذا أولا، وثانيا، أن يتم غلق ملف آثار اليورانيوم في ثلاثة مواقع، كان مفتشو الوكالة الدولية قد عثروا عليها في وقت سابق في مواقع سرية لم تكشف إيران عنها. أمريكا من جانبها رفضت هذين الطلبين، وكذلك الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وزير خارجية أمريكا قال مؤخرا؛ إن إيران في ردها الأخير؛ دفعت بالملف النووي إلى الوراء. من جهة ثانية الرئيس الأمريكي جو بايدن قال في إيضاح الموقف الأمريكي من الصفقة النووية؛ إن أمريكا لا تريد العودة إليها، إلا بعد أن تلبي أو تخدم الأمن القومي الأمريكي. والملاحظ أن أيا من الجانبين، الأمريكي والإيراني لم يغلقا، ملف المفاوضات، بل على العكس من هذا؛ تركا الباب مفتوحا للمفاوضات الماراثونية المقبلة. البعضُ من المحللين، يؤكد أن ملف الصفقة النووية أي التوقيع عليها بات من الماضي، أو سيسدل الستار عليه؛ ليتحول الأمر أو الوضع إلى صراع بين الندين. مسؤولو الكيان الإسرائيلي من جانبهم قالوا، إن التوقيع على الصفقة بات أمرا، ربما مفروغا منه، ذلك أن الكيان الاسرائيلي لم يستطع منع الإدارة الأمريكية الحالية من التوقيع عليه. ولاحقا، قال هؤلاء المسؤولون؛ إن أمريكا لا تتدخل أو لا تمارس ضغطا على الكيان الإسرائيلي بالامتناع عن مهاجمة إيران أو مهاجمة برنامجها النووي، إضافة إلى أن المعلن من قبل الكيان الإسرائيلي؛ أن أمريكا زودت إسرائيل بالطائرات والقنابل القادرة على الوصول إلى إيران، أو إلى المواقع النووية الإيرانية، لتحقيق ضربات قادرة على تعطيل البرنامج النووي الإيراني.

إذا ما نظرنا إلى الوضع من زوايا أخرى، أي من زوايا مصلحة الطرفين الإيراني والأمريكي في إعادة إحياء الصفقة النووية، وهل أن في نية الجانبين، أو في تخطيطهما؛ عدم العودة إلى الصفقة النووية؟ وإذا كان واقع الأمر كذلك؛ ما هو البديل لكليهما؟ في منطقة تضج بالفوضى والمشاكل، ووجود الجانبين في صلب هذه الفوضى والمشاكل، أن كلا الدولتين تلعبان بالزمن للحصول على تنازلات متقابلة، إضافة إلى أن لكيلهما أسبابهما. الولايات المتحدة تحاول أن تبدو للناخب الأمريكي وكأنها هي التي تمسك عصا فرض ما تريد على الجانب الإيراني، أي أنها في وضع قوي ومسيطر؛ لإجبار الجانب الإيراني للرضوخ أو الانصياع لما تريد كي تتم العودة إلى خطة العمل الشاملة والمشتركة، عليه فإن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تماطل في المفاوضات، أو أنها ستعمل على تعليقها من دون أن تصل إلى النهاية، أي يتم الإغلاق الجزئي للمفاوضات وقتيا، مع ترك الأبواب مشرعة للعودة إليها أي المفاوضات؛ إلى أن يتم إجراء انتخابات التجديد النصفي لمجلسي الشيوخ والنواب، الذي لم يبق عليه سوى شهر أو أكثر قليلا من الشهر. الولايات المتحدة وبالذات الإدارة الديمقراطية الحالية، تعول كثيرا على إعادة العمل (بالاتفاق النووي) لمنع إيران من أن تمتلك السلاح النووي، لأنها ترى أن هذا هو الطريق الأمثل والسليم للحيلولة دون صناعة إيران للقنبلة النووية. كما أن عودة إيران إلى أسواق النفط والغاز بحرية، أمر مهم للجانب الأمريكي في ظل صعود أسعار الطاقة، النفط والغاز، إلى أرقام مرتفعة، فأمريكا تعمل على زيادة المعروض من النفط حتى تنخفض أسعاره، ما يضر أو يلحق ضررا بالاقتصاد الروسي، وبالتالي بالجهد العسكري الروسي. أما إيران فهي الأخرى تريد أو أنها تعمل بجد على إبرام الصفقة بأسرع وقت، لكنها تحاول أن ترسل رسائل بخلاف هذا التوجه الإيراني، كي تحصل على أكبر قدر من المكاسب. إيران في أوضاع اقتصادية مؤلمة، ومهما قال المسؤولون الإيرانيون بخلاف هذا، فإن هذا الأمر أو هذا القول لا يغير من الواقع أي شيء، هذا من جانب، أما من الجانب الثاني؛ فإن إيران تدرك تماما أن بإمكانها بيسر العودة إلى وضع برنامجها إلى وضعه الحالي في حالة انسحاب أي رئيس إدارة امريكي جديد في المقبل من الزمن، كما عملت حين انسحب ترامب من الصفقة عام 2018، أي أنها وفي جميع الأحوال لن تخسر أي شيء، على العكس من هذا فإنها ستحصل على مبالغ طائلة، من جهة، أما من الجهة الثانية فإن الإدارة المقبلة على افتراض تغير الإدارة الحالية عام 2024، وعلى افتراض أيضا انسحاب الإدارة المقبلة من خطة العمل الشاملة والمشتركة للصفقة النووية؛ عندها، في ذلك الحين، سيكون موقف إيران أقوى وحجتها أيضا أقوى مما هي عليه في الوقت الحاضر، كما حدث في عام 2018عندما انسحبت أمريكا من الاتفاق النووي، وهذا هو ما تعلمه وتدركه إيران وتعمل على تبويب سياسة المواجهة مع الجانب الأمريكي على أساس هذا المنطلق والمسار. الكيان الإسرائيلي يهدد بمهاجمة المواقع النووية الإيرانية، والولايات المتحدة أطلقت يد الكيان الإسرائيلي في هذا الاتجاه، أي العمل الإسرائيلي على تعطيل البرنامج النووي الإيراني، وأن الكيان الإسرائيلي له الحرية الكاملة في التصرف بما تقتضيه مصالحه. أقول بقناعة، إن الكيان الإسرائيلي لن يهاجم إيران في أي شكل كان، وما أقصده هو العمل العسكري المباشر على المواقع الإيرانية المنتخبة؛ المهم هنا، التأكيد؛ على أن عدم مهاجمة (إسرائيل) إيران، ليس لأن إيران تمتلك القوة التي تلحق ضررا قويا بالكيان الإسرائيلي عند مهاجمة الأخيرة الأولى، بل لأسباب تتصل اتصالا بنيويا لجهة المستقبل بما يحمل من تحولات وتغييرات، ومخارج الأوضاع في دول المنطقة العربية، وإيران وتركيا أيضا في جانب، مع جوانب استراتيجية اخرى.. تمس مسا عميقا حقوق الشعب العربي الفلسطيني التاريخية غير القابلة للتصرف.. بمقتضى الخطة والتخطيط الأمريكي الإسرائيلي.. مهما حاول دهاقنة النظام الرسمي العربي طمس الحقائق، بمعنى آخر؛ تكسير حقائق الواقع على الأرض، ومن ثم دفنها تحت الرمال بالتسويق الإعلامي واسع المساحة والنطاق، لكن في المقابل فإن للشعوب العربية وعيها العميق وكلمتها ولو طال الانتظار.. في النهاية أقول؛ إن المشاكل التي تعاني منها دول المنطقة العربية، بما فيها شعب فلسطين ودول الجوار العربي؛ جميعها تشكل كلا واحدا، لا انفصام أو ابتعاد بعضها عن البعض الآخر، في تأثيرها ومؤثراتها المتقابلة..

أحدث المقالات