لايخفى على المتتبّعين والمتخصّصين والمحلّلين في الشؤون السياسية والاقتصادية الدولية، معرفة ما سيؤول أليه الاقتصاد الايراني او بما هو بيّن وما يُنبيء به من علامات الانحدار للفترة القادمة، نظرا لما تلعبه ايران من دور – حراك و صراع – سياسي في العراق بشكلٍ خاص، وفي منطقة الشرق الاوسط بشكل عام، أستلزمها أستنزاف مواردها وطاقاتها الاقتصادية.. والذي أدّى بشكل ملحوظ فقدانها السيطرة والنفوذ في أغلب الدول التي تشكّل أهميّة – استراتيجية – لأيران، كـ لبنان واليمن وسوريا وغيرها.
بسبب تدنّي اسعار النفط العالمية الذي أثّر بشكل قوي وشكّل الضربة القاصمة للاقتصاد الايراني من جهة، والحصار المفروض عليها من جهة اخرى، بدأ ساسة ايران وملاليها يفقدون التوازن وأُصيبوا بـ (الهستيريا) وأخذوا يُطلقون اصوات التهديد والوعيد الفارغة.. ولا يعلمون وفق ما وصلوا أليه من تردّي وفشل، ان (الصراخ على قدر الألم) ومهما كانت تهديداتهم، فـ صراخهم لم يعد يجدي نفعا ولن يوقف سقوط براميل نفطهم وتدحرجها الى الحضيض.
بات واضحا من صراخ الرئيس الايراني انهم قد وصلوا الى حالة فقدان التوازن التي سبّبها لهم انهيار اسعار النفط، التي لازالت تهوي دون وجود أية توقعات الى اي مدى ستصل او الى اي حدّ ستتوقف عنده؟ النفط الذي فقد ثلثي سعره من قيمته الاصلية حتى الآن.
من صور فقدان التوازن لساسة ايران في هذه المرحلة الحرجة لهم، ان الرئيس الايراني هدّد في الامس الدول المسؤولة عن هذا الهبوط بأنها ستلقى العقاب على ما اسماه (المؤامرة) والتي يعتبِر السعودية ودول الخليج هم الذين وراءها مستهدفين بها ايران وروسيا.
إتّضح من زيارة وزير الخارجية السعودي الشهر الماضي الى روسيا انها كانت دعوة مقايضة وصفقة مُقترحة لتخلّي روسيا عن ايران مقابل وقف تدهور اسعار النفط والتي لم تقبلها روسيا.
في هذا الاطار، صرّح خبراء النفط والمراقبين الاقتصاديين بان ايران تستلم 32 اثنان وثلاثون دولارا مقابل كل برميل نفط، وهذا عندما كان سعر البرميل 60 ستون دولارا وذلك بسبب الحصار المفروض على صادرات ومبيعات نفوطها. وبسبب هذا تعتمد ايران بشكل كبير على البيع السرّي عبر الوسطاء الذين يلتهمون 28 ثمانية وعشرون دولارا منها مقابل مغامراتهم السريّة تلك، بالأضافة الى تكاليف تهريب الاموال وايصالها للحكومة الايرانية، وكل ذلك يتم عن طريق الملالي واستخبارات الباسيج التي تلتهم الحصّة الكبرى من فساد مبيعات النفط.
اليوم ومع سعر 42-45 دولار للبرميل الواحد مع خصم تكاليف المبيعات الـ 28 دولار وتكاليف الانتاج الـ 12 دولار هذا يعني ان ايران لن تتقاضى اكثر من 2-5 دولار كعائدات نفطية عن البرميل الواحد، وهذا وحده يعتبر نسبة مدمّرة لأيران. وهذا يفسّر لنا اسباب الهستيريا وفقدان التوازن التي أُصيب بها الرئيس الايراني وتهديداته المباشرة من أعلى هرم السلطة التي ظهرت عن طريق التسريبات الاعلامية او على لسان مسؤولين ادنى منه رتبة.
يتبادر تساؤل بعد هذه التهديدات: هل ستنجرف ايران لتقوم بعمل أهوج مع دول الجوار (الاقليم الايراني) كما قام صدام حسين بمهاجمة الكويت بتسهيل وتشجيع أمريكي اوقعه في فخ الشرعية الدولية رغم ابلاغهم له بأن مايقوم به على الحدود مع الكويت هو شأن عربي لايخصّهم. أم ستستسلم ايران التي باتت تترنّح وعلى شفير الهاوية الاقتصادية؟، متهاوية مع تهاوي براميل نفطها الى وادي الانهيار. فتصدق نبوءة الرجل العراقي الحكيم عندما قرأ وأستشرف القادم وقال: مَن يُراهن على ايران فهو غبي وأغبى الاغبياء، ايران حصانٌ خاسر، قد أستنزفت اقتصادها وخسرت نفوذها في دول المنطقة وأنهيارها بات وشيكا.