-1-
هُرع الآلاف من الانباريين – بعد أنْ داهمتهم جرائم داعش – للنزوح من مدينتهم، متجهين صوب العاصمة بغداد .
خرجوا سيراً على الأقدام …
وكم من شيخ انهكته العلة فشق عليه المسير ،
وكم من امرأة عجوز لا تقوى على أعباء هذه الرحلة الشاقة …
وكم من رضيعٍ لايُطيق الأهوال …
خرجوا هائمين على وجوههم ، ناقمين على مَنْ تلاعب بمصائرهم من تجار السياسة ، ومحترفي الاصطياد في الماء العكر .
-2-
وهذا الخروج الجماعي هو الفرصة الثمينة، لاندساس الأوغاد من الداعشيين ضمن النازحين، ودخولهم الى بغداد تمهيداً لإشعال نيران الحرائق والتفجيرات .
فكانت مسألة (الكفيل) اشارةً الى ضرورة الاحتراز من العناصر المدسوسة، ولم تكن بقصد الانتقاص او الاستهانة بأبناء الانبار المظلومين …
-3-
وهنا فتحت المساجد والحسينيات أبوابها، لتحتضن القادمين الى بغداد من الانبار ، في خطوة بليغة الدلالة على ما تقتضيه الاخلاق من مواقف سريعة، لانتشال المكروبين من الضيق والأوضاع الحرجة .
-4-
وهذه المسألة لا تحتاج الى مزيد بيان …
انها واضحة مفهومة …
وليست هناك خيارات عديدة أمام كل شهم غيور ، حريص على امتلاك شرف الاسهام باسعاف ذوي الأكبدُ الحِرار …
إنْ خياراً واحداً ينتظره تحديداً ، وهو ان ينطلق ليقّدم ما يقوى عليه من ايواء أو معونة – مادية أو معنوية – …
والبر الاجتماعي والانساني هو من أعظم العبادات الاجتماعية .
-5-
وقد سررتُ كثيراً حين قرأتُ خبراً عن واحدٍ من رجال الأعمال الانباريين – ممن لست أعرفه – يبادر الى اسكان النازحين في مزرعته، عبر تجهيزها ب(الكرفانات)، وتأثيث هذه (الكرفانات) بالأثاث المناسب وتزويد المزرعة ب(برادات الماء) وتهيئة(المطبخ) القادر على تجهيز من أحتضنتهم مزرعتهُ من النازحين بالوجبات الغذائية اللازمة …
-6-
والمهم :
انَّ الرجل ليست له مصلحةٌ سياسيةٌ ولا انتخابيةٌ في كلّ ما أقدم عليه من هذه الخطوات البارة السريعة ، وانما اندفع من منطلق انساني خالص .
وهنا تكمن الروعة .
-7-
انّ الرجل استطاع ان يقفز الى مستوى عالٍ يتبوأ به روابي التقدير والاعجاب، وله منّا الشكر الجزيل والثناء الجميل على مروءاتِه وخدماتِه
-8-
نعم
إنّ العراق موطنُ النجباء ومنجمُ الطيبين الشرفاء …
ولن يخلو من رجال يُصدّقون ما اشتهر به من نبل وعطاء، وشهامة واريحية، وتألق في سماء المكارم .