12 أبريل، 2024 10:46 م
Search
Close this search box.

مع المتظاهرين ومطاليبهم

Facebook
Twitter
LinkedIn

النـص :
بعد ان ايقن الشعب انه لا أمل يرتجى في إصلاح عامته وخاصة في الجانب الاقتصادي الذي أضحى اسير افرازات عملية سياسية واضحة المعالم المشوهة بعد أن أصابها سرطان المحاصصة الحزبية والطائفية , لذلك كان الحراك الشعبي العارم في مظاهرات يوم 2/10/ 2019 هذا الحراك الذي ولد متحرراً من أية قيود ومؤثرات حزبية أو إقليمية فلم ترفع لافتة لحزب أو إنتماء ضيق كما جرت العادة في الممارسات السابقة لذا كانت الاوضح والاصدق وذات تأثير مباشر ومفاجئ لم يتمكن أحد من السيطرة عليه وفي هذا تعليل لمدى العنف الذي جوبهت به هذه المظاهرات في بغداد وعدد من محافظات الفرات الاوسط والجنوب حتى ارتفعت الاحصائيات لتصل الى 104 شهيدا و 6107 مصاب وفقاً لبيان وزارة الداخلية وهو عدد كبير لم يسبق أن حصل في أي تظاهرة في العراق وربما في العالم لا بل يفوق خسائر كثير من المعارك العالمية العسكرية , مع الاخذ بنظر الاعتبار محدودية ساعات التظاهر المقرونة بشتى وسائل الخناق والتضييق منها فرض حظر التجوال وقطع وسائل الاتصال الالكتروني بشكل كامل ومنها صفحات التواصل الاجتماعي لذلك وعلى كل منصف وكل عراقي ينتمي لهذا البلد بارضه وشعبه أن يقف وقفة شرف وحق وانسانية ينصف بها هؤلاء المتظاهرين في مطالبيهم وتضحايتهم لذلك نسأل من هم ؟ .. من يمثلون ؟ .. ماذا يريدون ؟.. واين سينتهي بهم المطاف ؟ ..
والحقيقة إن إجابة هذه التساؤلات مترابطة بشكل كبير لانها لأسباب مترابطة ايضا ويكمل إحداها الآخر فالذي لم تتح له الفرصة في أن يكون معهم ببساطة يعرف من خلال التسجيلات الفيديوية المباشرة التي غطت بشكل كبير كل ماحصل في هذه المظاهرات في يومها الاول وبقيت التسجيلات للايام الاخرى حبيسة أجهزة الهاتف النقال بانتظار ان تجد طريقها للانتشار مع أول لحظة تعود بها فاعلية شبكة الانترنت التي قطعت للحيلولة دون انتشار هذه الفيديوات لما لها من أثر بالغ في التصعيد … من هم؟ .. جلهم من الشباب ومن هم في عمر الزهور عاطلون عن العمل فيهم من يحمل شهادة عليا امتهنوا المطالبة في أوقات سابقة والتجمع أمام أبواب الوزارات لأشهر طويلة للحصول على فرصة عمل وتعيينهم , وهذا أحد الأسباب الذي أدى الى الاحتقان بعد اليأس والاحباط لتصل الامور الى ما آلت اليه .
هل يمثل كل متظاهر نفسه بحيث تبقى مطالبهم شخصية ؟ .. الجواب لا فبالتأكيد من وراء كل شخص عائلة وربما عائلتان ينوء بحملهما لذلك كان الاندفاع شديدا بفعل وردة فعل دون ان يأبى أحدهم بخراطيم الماء والقنابل المسيلة للدموع والرصاص الحي , وإلا الانسان بنفسه ولنفسه يجد الحلول في الهجرة مثلاً أو الحلول المؤقتة التي يتجاوز بها مرحلة معينة لكن الامر أكبر من ان يكون هكذا ولذلك كان التأييد واسع النطاق مجتمعياً , ولعل الصرخة الكبرى كانت لذوي الشهداء ومنهم شهداء الحشد الشعبي فهذا يصرخ ويقول انا ابن لشهيد وذاك يقول انا ابي وأخي شهداء في عملية تحرير العراق من براثن داعش الارهابي والآن أصبحنا نحن وعوائلنا طريدي وحش الفقر والجوع , هل من مجيب ؟
ماهي مطاليبهم ؟ .. لا يتصور أحدكم أن مطاليب المتظاهرين تتناسب وغنى وثروة بلدهم العراق لا فالامر مختلف هم يقبلون بالقليل القليل , رعاية لذوي الشهداء وسكن متكون من أمتار قليلة يأوي عائلته وعلاج لمريض إنقطعت به السبل وجملة هذه المطاليب لاتشكل معضلة على حكومات أنفقت مئات المليارات من الدولارات وهي بمجملها لاتندرج حتى تحت عنوان (( العيش الكريم )) وفقاً للمقاييس المتعارف عليها .
والتساؤل الاخير أين تسير الأمور بشباب هذه المظاهرات ومطالبهم ؟.. كما أسلفنا إن هذا الحراك الشعبي العارم متحرر من كل أجندة سياسية وحزبية ولا تقف وراءه اي جهة لذلك ردة الفعل عليه كانت عنيفة وفي هذا دلالة تشير الى العجز عن ايجاد حلول تلبي هذه المطالب وبدى الارتباك واضحا على كل من الرئاسات الثلاثة كان أولها كلمة السيد رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي والتي جاءت محبطة مخيبة للامال حيث لم تحمل في طياتها سوى وعود سبق وان تم سماعها في العديد من المناسبات وهي لاتسمن ولاتغني عن جوع ووضع نفسه موضع المقصر طيلة هذه الفترة بالرغم من انه لم يمض على وزارته سوى عام تقريباً وافتقد الى الجرأة في تشخيص المشكلة الواضحة في النظام السياسي وعملية ادارته المتمثلة بالمحاصصة في كل شيء وبضمنها التعيينات أحد أهم مطالب المتظاهرين والذي باتت تشكل حلما صعب المنال وربما مستحيل للشاب العراقي مهما علا تحصيله وارتفعت امكاناته والحقيقة إن التعيينات هي من صلاحية الوزراء في وزارات توزع وتدار وفقاً لمبدأ المحاصصة الحزبية وهذا يعني أن في كل وزارة تتم عملية التعيين لمكونها المناطقي والمحاصصي ثم تضييق لتصبح عائلية حتى تحصل كل عائلة ولجميع افرادها على وظائف ومازاد عن ذلك يباع بمبالغ طائلة لايستطيع دفعها الا من ذوي المحسوبية ومن أثروا على حساب المال العام بعملية تسمى الاستثمار الحزبي اضافة الى العقود الخيالية في مكاتب يطلق عليها تسميات مثل المكاتب الاستشارية أو مكاتب شؤون المواطنين وهي مكاتب مرتبطة بالجهات السياسية التابعة لها الوزارة طبقاً للمحاصصة الحزبية ونفس الشيء ينطبق على عملية توزيع الاراضي حيث توزع وبشكل مكرر لنفس الاشخاص ونفس الدوائر واذا كان السيد رئيس الوزراء لايعلم عليه ان يشكل لجنة لتدقيق محاضر واوامر التوزيع السابقة للامانة العامة لمجلس الوزراء أو دوائر مجلس النواب في الوقت الذي لم يمنح فيه موظف مضت عليه 20 سنة في الوظيفة فما بالك في غير الموظف حتماً عليه ان يفترش الارض في العراء فراشا وان يلتحف السماء, أما الميزانيات الخاصة والثراء الفاحش على حساب المال العام فحدث ولا حرج منها رواتب ومخصصات والمنافع الاجتماعية للرئاسات الثلاث أكثر من مليون دولار شهرياً لكل رئاسة ورواتب ومخصصات خارج السلم الوظيفي لايستطيع عاقل تصورها ورواتب تقاعدية لخدمة تبلغ 6 أشهر أكثر أو أقل تشكل في مجملها قرابة نصف الموازنة يدفع ثمنها الانسان البسيط من قوته وصحته ومعيشته لذلك نقول لكم ايها الساسة أن تخشوا الله بهذا الشعب بالقسم الذي اديتموه.
أما رئيس مجلس النواب فالمسؤولية تقع على عاتقكم لانكم انتم الجهة التشريعية والرقابية ولن ينفع اللقاء باللجان التنسيقية للمحتجين وكانكم لاتعلمون شيئا الا اليوم .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب