-1-
المساحة التي يحتلها الامام الحسين (ع) من عقول الناس وقلوبهم مساحة متميزة فريدة ، ذلك انها امتدت الى احرار الامم والشعوب بأسْرِها ولم تقتصر على المسلمين وحدهم ..!!
-2-
ولم يشهد تاريخُ الانسانيةِ كُلّها تدفق الملايين من البشر في كل عام من مختلف البقاع والارجاء في العالم لزيارة رجل تفصلهم عنه قرون بعيدة من الزمن، ولكنّه رغم ذلك يعيش في وجدانهم ولم تنطفأ في أعماقهم جذوة الاحزان لما حلّ به على يد الجبابرة السفاحين من بني امية وأنصارهم .
-3-
ولم تنقطع منذ العاشر من المحرم من سنة 61 للهجرة حتى يوم الناس هذا مجالس التأبين والعزاء، تندبه وتبكيه بالدم لا بالدموع، وتستعرض بطولاته ومعاناته لتستلهم منها دروس الثبات على المبدأ ، والدفاع عنه بكل غالٍ ونفيس ، وتقتبس منه دروس الثورة على الظلم والظالمين من أعداء الله والانسانية .
وهذه المجالس الحسينية هي اقرب ما تكون الى “المدارس” التي تربيّ الناس على التمسك بأهداب الحق ، والمفاداه من أجله ، والتعبئة العامة لمقاومة كل ألوان الفساد والانحراف والطغيان .
-4-
ولم نجد طاغية من الطغاة الذين تربعوا على دست الحكم، منذ استشهاد الامام الحسين (ع) حتى الآن، الاّ وهو شديدُ البطش بعشّاق الحسين وأنصاره، يُحاربهم وهم يمارسون طقوسهم وشعائرهم في تمجيد نهضته
المباركة، ويحتفون به وبالابطال الشهداء من أهل بيته الميامين وأنصاره الطيّبين .
إنّ المسير على الاقدام من النجف الى كربلاء، اعتُبر جريمةً عاقب عليها النظام الدكتاتوري البائد بالاعدام في انتفاضة صفر عام 1397 هجرية
والسؤال الآن :
لماذا هذه القسوة في التعامل مع الحسينيين ؟
والجواب :
إنّ الامام الحسين هو قدوة الاحرار ،ومنار الثائرين، ومُعلّم الحرية ،
وهو الذي يدعو الناس الى أنْ ينفضوا عنهم غبار الذُل والخضوع للكيانات الغاشمة الظالمة .
يقول (ع) :
{ اني لا أرى الموت الاّ سعادة والحياة مع الظالمين الاّ برما }
ويقول :
{ هيهات منّا الذلة }
ويقول :
وعلى الاسلام السلام اذا ابتُليت الأمة براعٍ مثل يزيد
ثم انه يُقدّم في معركته مع أعداء الانسانية حتى (الطفل) الرضيع ، ويُعرّضُ نساءه للسبي والقتل ، ويقدّم القرابين من بني هاشم والأنصار في معركته المقدّسة لهدم عروش الظلم والضلال في رسالة واضحة المعالم تقول :
ان الحياة مع الذل هي الموت بعينه ، وانّ التضحيات هي الطريق الطبيعي للخلاص من عذابات الانسانية .
انهم يخشونه أشد الخشية .
ويخشون من التحام الجماهير بخطّه الوضاء، ومنهجه الحافل بالعطاء
يقول احد الشعراء الحسينيين :
أرجفوا أنّك القتيل المدّمى
أو مَنْ يُنشئ الحياة قتيلُ ؟
ويموت الرسول جِسْماً ولكنْ
في الرسالات لن يموت الرسولُ
ويقول شاعر معاصر :
لغةُ الطفوف بطولةٌ وفداءُ
وحروفها الأشلاء والشهداءُ
وبلاغةُ الأبطال انّ جراحهم
في كربلاء قصيدةٌ عصماءُ
يشدو بها الاحرار عبر مسارهم
وَبلَحْنها يترنم العظماءُ
وعلى شفاهِ الدهرِ منها قصةٌ
تُروى وفيها للأُباة رواءُ
ويقول آخر :
لُحْ فوق تاج الفاتحين شعارا
واسطعْ بدرب الثائرين منارا
وأَرِ الأُلى سِيمُوا المذلةَ أنَّ في
مقدورهم أنْ يصبحوا أحرارا
-5-
إنّ اعتبار اليوم الاول من السنة الهجرية (عيدا) يُطلق عليه اسم (عيد راس السنة الهجرية) ، بدعة مرفوضة، لاّن الهجرة النبوية الشريفة كانت في ربيع الاول ولم تكن في شهر محرم باجماع كُتب السيرة والتاريخ .
واليوم الأول من المحرم هو أولُ ايام الحداد على الحسين سبط رسول الله (ص) وريحانته وسيّد شباب أهل الجنةَ، ومن هنا فنحن ندعو الى الغاء هذه التسمية تناغما مع الواقع التاريخي من جانب ،
وتعظيماً لذكرى سيد الشهداء الامام الحسين (ع) من جانب آخر .
واذا كنا متابعين في ذلك للدول العربية والاسلامية فيما جرت عليه ، فلتكن متابعتنا لما هو الصحيح السليم وفق الموازين الشرعية والتاريخية لا الاعتبارات الأخرى ..!!
-6-
إنّ حُبَّ الحسين هو حب للرسول، وحُبّ الرسول هو حب لله تعالى
وقد قال (ص) :
( حسين مني وأنا من حسين )
( أحبّ الله من أحبّ حسينا )
وحبّ الحسين لا يعني انسياب الدمعة الساخنة فقط لمصابه، وانما يعني الارتباط بمنهجه وخطّه …
فلا مهادنة مع الظالمين والفاسدين .
ومشكلة العراق الراهنة هي :
انّ رؤوس الفساد تحظى بالدعم والاسناد من قبل أدعياء الانتساب الى المدرسة الحسينية وهي منهم براء .
-7-
وأخيراً :
انّ ” داعش” تُناصب (الحسين) العِداء ، ولا تكفّ عن قتل أنصاره ، وتتوق لهدم مرقده الشريف ، وقُبته الطاهرة ، ولكن هيهات …
انّ للحسين أنصارا أشداء في كل عصر ومصر .
وما الحشد الشعبي المبارك الاّ امتدادٌ لاولئك الابطال الذين وقفوا مع الحسين فغيّروا مسار التاريخ .
ولن ينتصر الباطل على الحق … مهما تفرعن الجبارون .
وقد امتلك الحسين (ع) ناصية الخلود ، في حين أصبح اعداؤه في الدرك الأسفل من العار والنار .