19 ديسمبر، 2024 2:01 ص

مع الجغرافية الخصبة مَنْ هو المادح ومَنْ هو الممدوح ؟

مع الجغرافية الخصبة مَنْ هو المادح ومَنْ هو الممدوح ؟

كتبنا مقالة عنوانها :
(من تجار الحروب الى تجار الحروف) ، نُشرتْ في جريدة الصباح بتاريخ 22/10/2013 ، وفي نفس اليوم ، قرأتُ مقالة لأحد الكُتّاب ينقل فيها ما كتبه أحد تجّار الحروف عن نجل أحد كبار المسؤولين العراقيين حيث قال عنه :
{قامة سياسيّة اجتماعية فارعة ، ورغم حنكته السياسية ، نجده شاعراً وأدبياً وخطيباً مبرّزا .
ونادراً ما تجتمع العبقرية السياسيّة مع اللوذعيه الأدبية .
لكن في موطن الرجال ، ومصنع الأبطال والعظماء والفنانين ، كل شيء ممكن الحدوث ،
فالعراق الذي اختاره الله ليكون انطلاقة البشرية نحو كونها الفسيح ، لابُدّ ان هناك حكمة خافية حول جدارة هذه الأرض المباركة لكثرة الانبياء والصالحين والمفكرين الذين استوطنوها دون سواها ….
وهذه الجغرافية الخصبة بالمواقف والمآثر أنجبتْ لنا …}
والملاحظ هنا :
ان الكاتب – ونحن لاندري مَنْ -هو أسبغ على (نجل) المسؤول العراقي ، من النعوت والصفات مالم يُسبَغْ على كثير من عظماءالسياسيين المعروفين ، فهو :
قامة سياسية …!!!
واجتماعية …!!!
وليست قامةْ متعارفة بل إنّها :
فارعة ..!!
ان هذا السخاء في اطلاق الأوصاف النادرة ليُثير ألف علامة استفهام وتعجب ..!!
وليت الكاتب يدلنا على موقف واحدٍ فقط، تجلّت فيه براعات هذه القامة الفارعة ؟!!
ان الناس يتهامسون في مجالسهم العامة والخاصة ، ان الممدوح المذكور ، له براعة ممتازة في مضمار ابتزاز الأموال من رجال الاعمال ..!!
ويقولون :
ان قامته فارعة في هذا المجال ..
أما في المجالات السياسية والاجتماعية ، فلم يشهد له أحدٌ ببراعة ملحوظة.
ثم ان الكاتب الغارق الى شحمة أذنه بالأطماع – لم يكتف بذلك ، بل عقّب بالقول :
(ورغم حنكته السياسيّة …)
انه يدرج الشاب الممدوح في عداد المنحكين من السياسيين ..!!
اللهم انا نعوذ بك من الكذاّبين المتملقين المتمرغين على أعتاب السلطويين..
ثم ينتقل الكاتب – صاحب النظر الثاقب، والحائز على أعلى المراتب في تسطير المآثر والمناقب – فيقول :
” نَجِدهُ شاعراً وأديباً “
ولربما يكون قد اطلع على نتاجه الشعري والأدبي ، بينما قد حُرم من الاطلاع عليه عامة الأدباء والمثقفين العراقيين …
ولكّن الغريب أنه لم يكتف بذلك ، بل استمر في الابتداع والاختراع حتى قال:
(وخطيباً مبرّزا)
ان الخطيب المبرّز لايصدق الاّ على امثال الشيخ الوائلي، ونحن لم نسمع حتى الآن خطبة واحدة، من خطب الخطيب المبّرز، والسياسي المحنك المعزّز، فأين سِمِعَهُيعتلي الأعواد ، ويٌدهش العباد ، ببليغ بيانهِ ،وسِحْر خُطبه ؟!!
أليست هذه الوقاحة المتناهية ، مدعاةً للاستهزاء والسخرية ، بدلاً من ان تكون محلاً للاثارة والاعجاب ؟!!
انها الحماقة بعينها
فالاحمق يريد ان ينفعك فيضرك.
 ثم انّ رصيد الكاتب من الزيف لم ينفر ، فاستمر يواصل كتابته قائلاً :
” ونادراً ما تجتمع العبقرية السياسية مع اللوذعية الأدبية “
انه هنا ينتقل الى فصل جديد ، لايُقارن بما ساقهُ في أوائل حديثه ، ليضعنا وجهاً لوجه مع (العبقرية السياسية) و(اللوذعية الأدبية)
وسبحان الله الذي جمع العبقرية واللوذعية ،
-وهما لايجتمعان الا نادراً – بشخص هذا الشاب (العبقريّ)(اللوذعيّ) الذي فاق من سبقه وأتعب من سيأتي بَعْدَه ..!!
وهكذا تموت الضمائر ،وتخبث السرائر ، وتعظم الجرائر ،وتدور على الكذاّب الدوائر ..!!
وأخيراً :
فان الشاب الممدوح، يأتي ذِكره محفوفاً بذكر الانبياء والصالحين والمفكرين الذين استوطنوا العراق ، موطن الرجال ومصنع الأبطال …
ولم يدر في خلدي  :
ان(كاتباً) في الالفية الثالثة، يمكن ان ينحدر الى هذا المستوى الرخيص، من الاكاذيب والأعاجيب، وان يعزف مثل هذه السمفونية البائسة …
إنّ تُجاّر الحروف، هم الذين عمقّوا في نفس الدكتاتور المقبور، نزعة الشعور بالتفوق على البشر كلهم ، لا على الحكام والرؤساء العرب وحدهم…
وهم اليوم يواصلون مشروع انتاج صنم جديد ،ويذبحون كل القيم من أجل تلميع صورته ، والاشادة بانجازاته وذريته ..!!
[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات