23 ديسمبر، 2024 11:08 م

معيار الوظائف الحكومية في العراق

معيار الوظائف الحكومية في العراق

كانت ثمرة المحاصصة السياسية التوافقية المرة للعملية السياسية في العراق وقعا مؤثرا على جميع المؤسسات والأجهزة الحكومية,فقد أدخلت هذه الثقافة الغريبة والمقلقة مبدأ التوافق الوظيفي بين الكتل المستأثرة بالحكم المحلي أو المركزي,فباتت صورة المدن مختلفة عما ألفناه من قبل(حتى قيل إن حكومة القرية هي من يتحكم بالمشهد السياسي العام),الغريب إن البعض ينادي بحقوق البعثيين التقاعدية والوظيفية(والجيش السابق),
دون إن تلتفت الضمائر الميتة لشريحة المهاجرين من أصحاب الشهادات والكفاءات والخبرات وحتى العاملين العاديين الذين حرمهم هؤلاء بفعل تقاريرهم المسمومة من الوظيفة أو البقاء في الوطن,ممن لم تنصفهم الديمقراطية ,ولم تعد لهم حقوق السنين الضائعة والمهدورة في دوامة الغربة(اللهم إلا ما استفادت منه الكتل الحاكمة هي وأبناءهم وأقرباءهم).
لكل دولة من الدول معيار رسمي واحد لاختيار وتوزيع الوظائف الحكومية بين المواطنين,ولكيل دائرة أو مؤسسة أو مديرية معيار خاص بها(رغم وجود بعض الاستثناءات الضرورية),وواحدة من أهم مبادئ الديمقراطية الحقيقية هي تكافئ الفرص المتاحة للجميع دون الالتفاتة إلى الخلفيات والمحسوبيات والاثنيات,تخلصا من النهج الشمولي العنصري أو الفئوي لحكومات الحزب الواحد,
وتغير تلك الوظائف لا يخضع للأمزجة الشخصية أو الاعتبارات السياسية,بل تجري وفق آليات وبرامج ولوائح وخطط إدارية وظيفية وتنظيمية عامة, وخاصة تبعا للدارة وأنظمتها وقوانينها الإدارية(ونرى فشل مجالس المحافظات المتورطة بوظائفها دون أن يكون لها برنامج رسمي واضح تعمل به,فنجدهم يتسابقون لاستدعاء ولإقالة هذا المدير ولتعين أخر وفقا للأغلبية داخل مجالسهم مع انه ليس من اختصاصهم البتة).
الشعب يسأل الحكومة العراقية بوزاراتها ومؤسساتها وأجهزتها الأمنية,أين هي تلك المعايير التي تم من خلالها ترشيح الموظفين ذوي الخبرة والكفاءة لشغل المناصب العليا أو العامة(المدراء العامين والوكلاء للوزارات والإدارات المحلية-وكلاء وقناصل السفارات-عمداء الجامعات-القيادات الأمنية والعسكرية-المستشارين الحكوميين-الخ.),
لندع مسألة الخبرة على اعتبار إن كفاءة الأنظمة الإدارية في الدول التقليدية الدكتاتورية لاتفيد بشيء في عصر الحداثة الالكترونية(الكمبيوتر وشبكاته العنكبوتية قادرة أن تسير دوائر الدولة بأقل التكاليف وبسرعة وكفاءة ودقة عالية تفوق الكفاءة البشرية),
نرجع إلى المسئولين الذين استغلوا مراكزهم الحكومية لتوظيف أبناءهم وأقرباءهم وعشيرتهم في المواقع التي يشغلون قمة إدارتها,أليس هذا الفعل إجحافا بحق الكفاءات والخبرات الوظيفية الأخرى,وخروجا على القانون والنظام والدستور الذي ساوى بين الجميع دون استثناء,
إلا تكفي تلك التجاوزات لتكون أدلة دامغة على فساد هذا المسؤول إداريا(سيقولون الدستور لم يمنع ذلك نقول لهم نحن لسنا في معرض سوق الحيل الشرعية أو القانونية-ثم هذه وظائف للدولة وليس سوق للهرج والمرج),
أين دور البرلمان والقضاء العراقي من هذه التصرفات المخربة للدولة وأجهزتها وتماسكها الاجتماعي ,وهي تعد أعمال غير شرعية وفوضوية وخارجة عن مبادئ الديمقراطية وقيمها الإنسانية,إلا يحق للمواطن العراقي المحروم من هذه الوظائف المسخرة للمسئولين ورؤساء الكتل البرلمانية أن يتساءل عن جدوى ومغزى وحاجة الدولة لمثل هكذا تصرفات,
يعني بعبارة أخرى أيُريد هؤلاء أن يستأثروا بالحكم والوظائف العامة أيضا,بعض هؤلاء المسئولين يبذرون ألاف الدولارات من خزينة الشعب في سفرات خارجية ظاهرها التواصل مع العالم, وباطنها رغبة جامحة لتقليد بذخ أمراء البترول!
نقول من حق أبناء الشعب العراقي أن يتوجهوا لبعض ممثلي الشعب من الشخصيات الوطنية, وكذلك إلى القضاء العراقي لرفع شكوى محاسبة هؤلاء المسئولين ,الذين استغلوا مناصبهم ومواقعهم في تعيين ذويهم والمحسوبين على أحزابهم وكتلهم في وظائف لايستحقونها ,أو لم يتم الإعلان عنها أو إخضاعها لمبدأ التنافس مع مرشحي هذه الوظائف من المواطنين المستقلين,
هذا فضلا عن تدخلهم المباشر في تحويل بعض عطاءات المشاريع المحالة للمناقصات من قبل الوزارات أو مجالس المحافظات إلى شركاتهم أو شركات قريبة منهم…..
إن الانسحاب الأمريكي سوف يرفع غطاء الفساد عن هذه الجحور المخفية عن أنظار العدالة العراقية النائمة ,حتى وان كانت هناك قوات غير نظامية من المليشيات أو من قوات البيشمركة مستعدة للدفاع عن المكتسبات…….كما يقول رئيسنا الطالباني!