22 نوفمبر، 2024 11:43 م
Search
Close this search box.

معلّمون يستحقون اللقب بجدارة وآخرين “جلّادون” بأمتياز …!

معلّمون يستحقون اللقب بجدارة وآخرين “جلّادون” بأمتياز …!

لازالت عالقة في ذاكرتي الندية حادثتين حينما كنت أدرس في المرحلة الأبتدائية، الأولى كانت في مرحلة الثالث أي بعمر ثمان سنين. لازلت أتذّكر جليسي على مصطبة الدرس حينها كان صديق طفولتي السيد حيدر السيد رجب حينما طلب مني معلّم الرياضيات الذي أترفّع عن ذكر أسمه أن أجيب على سؤال لم أستطع الأجابة عليه من شدة الخوف والرعب الذي كان يزرعه في قلوبنا فما كان منه الأّ أن طلب من أثنين من زملائي أن يرفعوني فلقة وأخذ يضرب بكل ما أوتي من قوة على أسفل قدمي وكأنه يأخذ ثأرا من طفل بعمر الثامنة حتى أحمرّتا وتورّمتا من الضرب!

الحادثة الثانية كانت في مرحلة الخامس الأبتدائي حينما تأخّرت عن الدرس الأول في شتاء ممطر وقارص البرودة ففوجئت مع مجموعة من التلاميذ المتأخّرين كحالي بالملّعم الذي أترفّع عن ذكر أسمه، كان أحدنا أيضا صديقي وجاري السيد حيدر السيد رجب وتلاميذ أخرين قادمين من مناطق نائية مستوياتهم المعاشية لاتسمح لهم الأّ بالمشي ذهابا وأيّابا بشكل يومي وعلى مدار العام الدراسي والتأخر شئ متوقع ومفهوم. فوجئنا بهذا “المعلم” يمسك بالعصا القاسية ويطلب منّا أن نصطّف أمام السبورة ونقلب أيادينا الناعمة البريئة على قفاها وصار يضربنا كالمجنون بهستيريا عجيبة لازالت عالقة في أذهاننا كلّما ذكر أسم “المعلّم” لنعود الى أماكننا في صفوف نوافذها مشرعة للبرد!

في المقابل كنّا نتوق الى درس اللغة العربية ونواظب على حضوره بأستمرار. هذا الدرس كان يعطينا أياه أستاذنا الفاضل المعلّم الحقيقي الأستاذ حسين أبن الشيخ محمد الطوفان (رحمه) الذي كان يرفع من معنوياتنا أمام أبائنا كلما سألوه عن مستوانا الدراسي وأخلاقنا في المدرسة ولم يعجز يوما عن التعامل معنا نحن الصغار بحنّية أبوية حقيقية فكان لنا في المدرسة معلّما وأبا بكل ما للكلمة من معنى.

بعد هذه السنين وبعد تبدّل الأحوال وحينما رجعت الى العراق قابلت كلا المعلّمين فأنتابني شعور بالأنتقام من الأول فترفّعت عنه ولم أبدي له أمتعاضي ولو بكلمة بينما أحتضنت معلّم العربية بشوق ولهفة وجلسنا معا نتجاذب أطراف الحديث.

كم أنت رائع ايها المعلّم حينما تكون من طينة حسين الشيخ محمد وكم أنت بائس وتعيس حينما تكون من أمثال “معلّم الفلقة” و “معلّم تكسير الاصابع”. فيا أيها المعلّم أمامك خياران أما أن تكون معلّما بأمتياز او جلّادا بجدارة والأمر اليك فأنظر ما أنت فاعل، فعلى كلا الطريقين ذكر نجاح أو ذم فشل.

قم للمعلّم وفّه التبجيلا … كادّ المعلّم أن يكون رسولا.
www.zaqorah.com

أحدث المقالات