27 ديسمبر، 2024 3:19 م

معلومتان سياسيّتان يجهلها الكثيرون !!

معلومتان سياسيّتان يجهلها الكثيرون !!

اولا :- ما فتِئتْ وما برِحتْ في ذاكرة الكثير منْ العراقيين ” من الأجيال الوسط  للقرنِ  الماضي ” تلك الشخصية العسكرية الوطنية – العميد الركن الزعيم – ناظم الطبقجلي , أحد ابرزالمشاركين في تنظيم الضبّاط الأحرار , الذي مهّد لسنواتٍ لثورة 14 تموز 1958   التي اطاحت بالنظام الملكي , ذلك القائد العسكري الذي اعدمه ” عبد الكريم قاسم ” بتهمة الأشتراك بحاولةٍ انقلابية للإطاحة بنظام حكم قاسم , ولعلّ الإشارة تجدر أنّ العميد الطبقجلي كانَ أقدم منْ قاسم في الرتبة العسكرية قبل اندلاع ثورة 1958 , وتشير معلوماتٍ دقيقه انّ ” قاسم ” كان يخشى هذا الضابط ويهابه …. في مطلع الخمسينات من سنوات القرن الماضي , اي قبل ثورة تمّوز ببضعةِ سنينٍ , كان الضابط الطبقجلي يُشغل منصب آمر الحرس الملكي في القصر الرسمي للملك ” والذي جرت تسميته بقصر النهاية بعد الثورة في إشارةٍ الى نهاية الحُكم الملكي ونهاية حياة العائلة المالكة ايضا حيث تمّ اعدامهم آنذاك ” , فوجدَ قادة تنظيم الضباط الأحرار انّ منصب الطبقجلي في القصر يُشكّلُ انسب فرصة للقيام بالثورة والإنقضاض على القصر الملكي بما سيسهّله الطبقجلي وبما يمكن ان يلعب به من دورٍ يختزل ويختصر , وبعد دراسة الوضع ميدانيا , ومناقشة ايّ ردودِ افعالٍ محتملة , بادرتْ قيادة تنظيم الضباط الأحرار بمفاتحة الطبقجلي بالأمر وتنفيذ ما تمّ الإجماع عليه , لكنما الجميع فوجئوا بأعتراض الطبقجلي على الأمر قائلا : – ” إنني مؤتمن على حماية القصر فكيف اخون الأمانة ..!!! ” واضاف : ” متى ما تمّ نقلي من هذا الموقع فأني على أهبة الأستعداد في المشاركة في الثورة ” … ولا ريب انّ موقف العميد الطبقجلي له ما له من معنىً ومغزى , ثمّ , وحيث الأحداث والمواقف تتكرّر في بعض الأحايين , فكيف يمكن للمرء وللمؤرخين ان يقارنوا بين موقف الطبقجلي ذلك , وموقف ” المقدّم سعدون غيدان ” آمر كتيبة الدبابات في القصر الجمهوري في زمن الرئيس الراحل عبد الرحمن عارف حين تعاونَ مع قيادة حزب البعث في تسهيل قيام ثورة 17 تموز عام 1968 وذلك بمنحهم الفرصة الذهبية وفكّ الحلقة الأصعب في تنفيذ الثورة عِبرَ فتحه بوابة القصر الجمهوري أمام الشاحنة التي كانت تحمل منفّذي الثورة من قيادة حزب البعث , بل ووقوفه عند تلك البوابة بأنتظار دخول الثوّار , بالأضافة الى تجهيزه لكتيبة دبّاباته لآليّة التنفيذ المباشر- موقفٌ يكادُ يدنو من ” قصّة حصان طروادة التأريخية في روما ” , وتجدر الإشارة هنا الى انّ المقدّم سعدون غيدان لمْ يكن من قياديي حزب البعث ولا من ذوي الرتب العسكرية العالية لكي يضحّي بمسؤولياته العسكرية في زمن الرئيس عارف . المقدّم غيدان هذا كوفئ بعد نحو سنتين من الثورة بتعيينه وزيراً للداخلية , وفي رأيي – على الأقل – إنّ تسليمه حقيبة الداخلية تعني عدم الوثوق بمنحه منصباً او موقعاً رفيعاً في وزارة الدفاع او في قيادات الجيش .. لسنا هنا بصدد الإنحياز او نقد اي من نظامي الرئيس عبد الرحمن عارف او حزب البعث , إنّما ما نطرحه هنا من مقارنة بين موقف العميد الطبقجلي والمقدّم غيدان , فهو أمرٌ متروكٌ تقييمه للمؤرخين وللقرّاء ايضا , علماً انّ هناك مَنْ يرى انّ رفض الطبقجلي لطلب زملائه من تنظيم الضباط الاحرار بتسهيل إنقضاضهم على القصر الملكي هو نوع من التهاون والأزدواجية وخداع الذات , بينما يرتأي البعض الآخر انّ موقف غيدان كان بطوليّا ومُشرّفاً في إنجاح قيام الثورة , وانّ موقفه يستحق التضحيه بكل ما هو دون ذلك . إنها مسألة آراء – على الأقل – ومتى توحّدت الآراء

ثانياً :-   “برقية سرّية مُشَفّره بتأريخ  1941 6 25  “
يرجى إعادة قراءة تأريخ البرقية :-
النّص
الى وزير الشباب العراقي د . محمد حسن سلمان
إنّي ورفاقي الضبّاط الأحرار في مصر , نتقدّم اليكم
 بقبولِ طلبِنا في التطوّع في الحرب العراقية – البريطانية , 
ونرجو إعلامنا عن الطريقةِ التي يمكن  انْ نصل بها اليكم
الملازم
جمال عبد الناصر
1941 6 25

إنَّ إعادةَ نشرِ هذه البرقيةِ السريّةِ القديمةْ ” والتي لمْ يطّلع عليها الكثيرون من أجيال الثُلث الأخير من القرن الماضي ” على الأقل ” عدا الكثيرين من جيل هذا القرن ” المنهمكين بوسائل التواصل الجتماعي , والغاطسين – دون أن يُدركوا او يستشعروا – بأجواءِ ما أفرزته السياسة العربية منذ ” كامب ديفيد ” من تطبيع و” تمييع ” و تركيع وترويع ايضا ” , ثمّ , إنه بهدف تسليط الضوء ” بشكلٍ مُركّز ” على الخلفية السيكولوجية والقومية التي كان يتمتّع بها الرئيس ناصر منذ الصِبا , والذي لمْ يحمل ايّة نظرةٍ قطرية او دون ذلك , ولمْ تكن رؤاه السياسية محصورةً بالوضع المصري وهو في مقتبل العمر , ولاشكَّ ولا ريبَ أنّ الرئيس جمال عبد الناصر قد جسَّدَ وبشكلٍ اكثر منْ مُجسّم , كلَّ تطلّعاته القومية حين ازاح الحكم الملكي عن مصر , واضحى وامسى ” ناطقاُ رسمياً بأسم القومية العربية بالمبايعةِ والتزكية ” , بل أنِّ الغرب صارَ يُحاكي وينظر الى القومية العربية من خلال عبد الناصر ” وهذه مفارقة ما بعدها مفارقة ” . ولا تزال الذاكرة العربية وغير العربية تحتفظ بالصورة التراجيدية والدرامية والميلودرامية حين تكالبت اسرائيل وفرنسا وبريطانيا والأدارة الأمريكية في عهد ” لندون جونسون ” على ضرب مصر – عبد الناصر وضربِ حركة القومية العربية في حرب حزيران عام 1967 …. هذا , وبرغم أنَّ مئاتِ المؤلّفاتِ والأطاريح والمقالات ” او اكثرَ بكثيرٍ ” قد كُتبتْ بحقّ الرئيس ناصر , لكنّي وبعد مقالتي الأخيرة المعنونة بِ ” أشياء عن جمال عبد الناصر ” والتي نشرتها بعض الصحف والمواقع الألكترونية في ذكرى ولادته مؤخرا , فقد فوجِئتُ بتعليقاتٍ نقديّةٍ لاذعة للغاية .!! من ثلاثةِ اشخاصٍ عراقيين مجهولين سدّدوا نبالهم الإعتراضية ” وكانت ركيكةً في الأسلوب والطرح ” عن الرئيس الراحل ناصر ,وعن مقالتي بهذا الشأن , وبالطبع فقد ترفّعتُ عن الردِّ عليهم , لكني , ووسط حالة الحضيض العربي التي نعايشها  الآن, فأنه حقّاً يُرثى لنا أن يكون هؤلاء وامثال هؤلاء , لا يزالون يعيشون بيننا , وجوازاتُ سَفَرِهم تحملُ صفةَ ” القومية العربية ” , وجليّاً يبدو أنَّ امثالَ هذه ” النماذج ” ومشتقّاتها ومرادفاتها هي التي اوصلتنا الى ما نحن عليه الآن , بعد الرحيل المفاجئ لجمال عبد الناصر , سلامٌ عليهِ يومَ وُلِدَ و يوم ماتَ و يومَ يُبعثُ حيّا …

[email protected]