23 ديسمبر، 2024 12:54 ص

معلومات وملاحظات خاصة عن حرب تشرين 1973

معلومات وملاحظات خاصة عن حرب تشرين 1973

تُثار كلّ عناصر الدهشة والإستغراب المسيّجة بعلائم التعجب ”  لغاية الآن ” , حيث هنالك شرائح كبيرة من الجمهور ” سواءً في العراق او في بلدانٍ عربيةٍ اخرى ” يجهلون تفاصيلاً هامّة عن حرب اكتوبر \ تشرين 1973 بالرغم من مرور 40 عاماً عليها , وبالرغم من صدور العشرات او المئات من الكتب والبحوث والمقالات عن مجريات تلك الحرب , ولا شكّ أنّ وراء ذلك الجهل او الإغفال اسباباً خاصة ومتباينة وتختلف من بلدٍ عربيٍ الى آخر , لكننا لسنا بصددها الآن .

وممّا لا يعرفوه البعض , أنه وبالرغم من أنّ خطة الهجوم كانت مشتركة بين القيادتين المصرية والسورية بكلّ تفاصيلها وتوقيتها , إلاّ أنّ الرئيس السادات والقيادة العسكرية المصرية قد خدعوا السوريين بعمليةٍ خداعٍ ستراتيجي لايمكن تصوره الى حدٍّ كبير , وربما كان على القيادة السورية التنبّه الأستباقي والأفتراضي الى ابعد واقصى ما يمكن من افتراضه الموضوعي والأمني ستراتيجيا وتكتيكياً .! , فحيث كان من المفترض ضمنياً أنّ يكتمل هذا الهجوم العربي المشترك الى تحرير صحراء سيناء وصولاً الى منطقة المضايق في اقصى شمال  سيناء قرب الحدود المصرية – الأسرائيلية , والى تحرير هضبة الجولان على الجبهة السورية وصولاً الى الحدود المشتركة مع العدوّ , لكنّ الخطّة السرّية المصرية كانت مرسومة على اساس عبور قناة السويس والتقدم في سيناء لمسافة 15 كيلومتر فقط ! ممّا يؤمّن للمصريين حماية قواتهم ” في هذه المساحة المحددة ” الملآى بمنظومات صواريخ ارض – جو ضد الطائرات الأسرائيلية التي لابدّ أن تنتحر في ولوج هذه المنطقة الشديدة التحصين , ولمْ يجرِ إعلام القيادة السورية بذلك خشيةً من عدم موافقتها على خطة الهجوم المشترك بأعتبار أنّ الهجوم المصري سيشكّل ضغطاً عسكرياً على القوات الأسرائيلية مما يسهّل اندفاع القطعات السورية الى الأمام , الى أن بلغت الحرب مرحلةً شبه مأساوية وعلى كلتا الجبهتين بالرغم من الأنتصارات ” المحددة ” التي حققتها الجيوش العربية .

 لا شكّ أنّ المعضلة الكأداء التي انتهت اليها حرب تشرين بما انتهت اليه , هي < ثغرة الدفرسوار > التي تسللت عبرها قوات شارون وقامت بعملية التفاف من شرق القناة وعبورها الى ” الضفة الغربية ” وأدى ذلك لمحاصرة الجيش المصري الثالث الذي عبر قناة السويس واستقرّ فيها .! , ومن المفارقات أنّ منطقة الدفرسوار هذه قد قيلت عنها الأقاويل وكثرت حولها الشائعات وتباينت الأخبار عنها , ففي حينها قيل أنّ اسرائيل وضعت عربات وقواطع قطارات في مياه تلك المنطقة الضحلة نسبياً , وتعززّ ذلك بالإدعاء برص صفوف من البراميل الملآى بالأحجار والصخور متوسطة الحجم كي تعبر الدبابات الاسرائيلية من فوقها .! لكنه اتضح بعد الحرب بسنوات وعبر معلوماتٍ شبه موثقة وموثوقة أنّ جسراً تمّ انشاؤه ” سراً ” بتلك المنطقة وجرى استكماله بتغطيته بالأسفلت ايضاً ! , علماً أنّ تلك المنطقة اوسع من من عرض نهر النيل الذي أقيم عنده السد العالي , وأنّ ذلك الطريق – الجسر المبلّط بلغ طوله كيلومترا ونيف وبقاعدة لا تقل عن خمسين متراً , وبأرتفاع لا يقل ” من قاع قناة السويس ” الى مستوى هذا الطريق الى نحو 30 متراً .! , فكيف تمّ انشاء وتشييد طريق عبور الأسرائيليين له من دون علم وحدات الرصد والأستخبارات المصرية .! مع الأشارة ” الكاذبة ” أنّ الصهاينة يزعمون انشاءه خلال 48  ساعة اثناء الحرب .! , وهذه من اسرار الحرب التي تبقى مبهمة , ويتحملّ مسؤولية الأختراق الأسرائيلي كل من المشير احمد اسماعيل  ” وزير الدفاع المصري ” والفربق الراحل سعد الدين الشاذلي – رئيس اركان حرب القوات المصرية في عدم الأنتباه المسبق لرخاوة المنطقة الجنوبية في شرق القناة و” البحيرات المرّة المنخفضة , علماً أنّ الفريق الشاذلي ” رحمه الله ” هو البطل الفعلي لعبور القوات المصرية للقناة وتدمير خط او حاجز بارليف , وأنه المؤسس للقوات الخاصة لمصر وللجيوش العربية عموماً . ويبقى التقييم الستراتيجي لموقف الفريق الشاذلي أنه طلب من السادات سحب خمسة الوية مدرعة من التي عبرت القناة < وهي في خط الدفاع الثاني > لمعالجة وابادة القوة الأسرائيلية التي عبرت القناة وحاصرت الجيش الثالث شرق القناة , لكن السادات رفض سحب ايّ بندقية من القوات العابرة .! , وبالرغم من أنّ لكلا الشاذلي والسادات وجهات نظرهما في ذلك , لكنما نرى أنّ رأي الفريق الشاذلي لم يكن دقيقا , فسحب القطعات وانسحابها ونقلها الى غرب القناة عبر جسور العبور , وما يخلّفه الأنسحاب من مخاطر فله ابعاده غير المحسوبة

  وايضاً فلا يعلم البعض أنّ جبهة المواجهة بين الجيشين المصري والأسرائيلي , وعلى امتداد قناة السويس فأنها لا تبلغ اكثر من 200كيلومتر , اي بطول المسافة بين محافظتي البصرة والعمارة التي شهدت اشرس المعارك في العالم وعلى امتداد جبهة الحرب لأكثر من 1000كيلومتر طولاً , واستمرت لثمان سنوات طوال الحرب العراقية – الأيرانية , بينما لم تستمر حرب تشرين لأكثر من ثلاثة اسابيع .! , علماً أنّ مصر حشّدتْ مليون مقاتل بتلك الحرب رغم كثافتها السكانية العالية , بينما القيادة العسكرية العراقية حشّدت مليون مقاتلٍ ونيف في الحرب العراقية – الأيرانية طوال سنوات الحرب بالرغم من الكثافة السكانية التي كانت تتضائل بسبب الشهداء والجرحى .

ولمْ يعد الإسترسال ممكناً ” هنا ” لظروف النشر والكتابة , والموضوع يطول ويطول .!