23 ديسمبر، 2024 10:56 ص

لا يمكن لعاقل أو واعي ومدرك لحجم المسئولية ، أن يتخيل قصة معلم اللغة العربية ، الذي قضي قرابة عام دراسي كامل ، نائماً بشكل يومي ومعتاد داخل حجرة فصله ، دون قيامه بمهام عمله ، كمعلم مسئول ،عليه حقوق وواجبات تتمثل في تهذيب وتعليم الطلاب ، والارتقاء بمستواهم التحصيلي ، و غرس النواحي التربوية داخلهم ، بل استغل – هذا المعلم – وقت الحصة التي – هي – ملك الطالب ، للدخول في حالة نوم عميق ، حتي صار النوم عنده عاده لا تقبل الإنقطاع !! كان الأستاذ راغب يدخل حجرة الفصل ، فيبادره الطلاب – كالعاده – بالقيام ، احتراماً لشخصه ، فيلقي المعلم السلام عليهم ، ثم يأمرهم بالجلوس ، وبعدها يمسك بأصبع الطبشور ليكتب عنوان الدرس ، الذي لا يشرحه ، ويضع بجواره تاريخ اليوم ، ثم يسطِر بعض الجمل أسفل بعضها البعض ، ثم يسرع نحو المكتب الموجود داخل الفصل ، ويضع رأسه علي سطح المكتب ، ويدخل في النوم الطويل !! لم يفكر المربي الفاضل في أن يستيقظ مره ، ولو لجزء بسيط من الحصة ، لشرح درس ما أو توضيح قاعدة نحوية يصعب علي الطلاب فهمها ، ولكنه استخف بالمسئوليه الملقاه علي عاتقه ، ولم يتيقن من مراقبة ربه الأعلي ، أو أن يستفتي ضميره الذي في نفسه عما يفعل ، وحرمانه الطلاب من متعه تعلم اللغة العربية وبلاغتها وآدابها ، واقتنع الأستاذ راغب بحجج شيطانية ، سولتها له نفسه ، بكونه معلماً بمدرسة حكوميه ، ولا يوجد رقيب عليه أو محاسب له ، فنام ، وقلبه منخدع بالباطل ، وخلع أثواب رسالة المعلم القدوة ، وتناسي معاملة الأمانه إتقان في العمل !! كان يعلو صوت الطلاب ، بعد دقائق معدودة من نوم معلمهم ، بعد إتجاههم نحو اللعب وإشغال وقت الحصة بأي شيئ ، ولو غير مفيد حتي ينقضي وقت الحصة ، فيستيقظ المعلم من نومه ، غاضباً ، وينهر الطلاب بسبب ما يصنعونه له من حالة قلق شديد ، وقلة راحة ، وقطع لذة نومه وأحلامه ، فيدخل الطلاب في حالة صمت شديد ، وسكون تام ، رهبةً وفزعاً من نظرات معلمهم ، وخوفاً من بطشه وعقابه !! تمر الأيام والشهور ، ويبقي حال المعلم علي ما هو عليه ، لا يتغير ولا يتبدل ، فالنوم يعقبه نُوم ونُعاس، حتي أن الأستاذ راغب دخل يوماً حجرة

الفصل ، والغضب يكاد يمزق وجهه العبوس ، وكان يبدو أن أحد الطلاب ، كان قد اشتكي معلمهم إلي إدارة المدرسة ، وأخبرهم بإمتناع المعلم عن شرح منهج اللغه العربية منذ فتره طويله ، ولجوءه للنوم داخل الفصل ، وعندما علم المعلم بتلك الشكوي ، وجه رسالة عنيفة شديده اللهجة للطلاب ، وأخبرهم بأنه طالما قد كتب بدفتر تحضيره بنود الدرس وعنوانه وأهدافه ، فهو بذلك في أمان تام ، عن أي مساءلة قانونية أو إدارية ، سواء من جانب إدارة المدرسة ، أو من أي لجان متابعه خارجية تتبع قطاع التعليم . كان الطلاب المساكين في حالة عجب شديد ، من حديث معلمهم ، وكيف أنه يذكر دولته بأنها مجرد دولة ورق وأختام وتوقيعات ليس أكثر ، ولا يعني وزارة التعليم إن كان المعلم يشرح داخل الفصل من عدمه ، فالتحضير الكتابي بالدفتر، هوالفيصل الوحيد بين عمل المعلم ، أو تقاعسه عن مهام هذا العمل !! اضطر الطلاب لأن يستسلموا لإصرار معلمهم علي عدم شرح دروسهم ، بل سارعوا بالالتحاق بالدروس الخصوصية للأستاذ راغب ، خارج المدرسة ، حتي يعوضوا من فاتهم من دروس لم تُشرح لهم ، وكان مكان الدرس الخصوصي يكتظ عن آخره بالطلاب ، لدرجة أن معلم اللغه العربية كان طلابه بعد انتهاء حصة الدرس ، في شكل فرادي ومثني وثلاث ، حتي لا يلحظ الجيران ، أعدادهم الكبيرة ، لأنه كان يخشي علي نفسه من الحسد ومن أعين الناظرين . وهذا المعلم صاحب سيرة النوم ، الذي ظلم ثلاث ، فهو قد ظلم نفسه التي لم تكن لوَامه له علي نومه الطويل ، وإهمال عمله ، بل لجأ لحيلة النوم داخل فصله ، لاستقطاب المزيد من الطلاب للدروس الخارجية عنده ، وهو الذي ظلم مستقبل طلابه ، وأفقدهم طعم التفوق والتشبُع من اللغة العربية – لغة القرآن الكريم – ، وظلم رسالة المعلم ، وأساء لها ، ولم يعي أن تلك الرسالة لاتقل أهمية عن رسالة الأنبياء المكرمين عبر كل زمان !!