5 نوفمبر، 2024 10:31 م
Search
Close this search box.

معضلة الكهرباء .. بين الجباية والتجهيز

معضلة الكهرباء .. بين الجباية والتجهيز

الكهرباء ذاك الكابوس الاسود، ظل يرافق العراقيين منذ نشأة التيار الكهربائي، على يد العالم توماس اديسون صاحب أول مصباح كهربائي سنة 1879، أنار به ظلمة الحياة، لم يسعف هذا الوطن، قدراته الاقتصادية من النفط وغاز، وكثير من الخيرات العظيمة.. توفير خدمات حقيقية لأبنائه، لأن الرؤساء الذين تعاقبوا على حكم العراق، فشلوا في إيجاد حل واقعي ومدروس لهذه المشكلة الكبيرة.
البنية التحتية للكهرباء، كانت تعاني نقصا كبيرا في منظومتها قبل ٢٠٠٣، على جميع المستويات من تجهيز ونقل، كانت المحافظات الجنوبية، تفتقر إلى التجهيز على مدى ساعات طويلة، قد تتعدى ال٢٤ساعة، في حين كانت العاصمة أفضل حالا نسبيا، أعتمد أغلب المواطنين على المولدات الاهلية بشكل رئيسي.
بعد سقوط طاغية العصر، في 9/4/2003 ، استبشر العراقيون خيرا، وسرعان ما خاب أملهم بالحكومات التي توالت بعد سقوط صدام، ان الشركات الامريكية العالمية، مثل سيمنز وشركة جنرال ، المتخصصة بالكهرباء، استولت على جميع المشاريع الكهربائية في العراق، وأخذت منحى المماطلة والتأخير، وعدم الإيفاء بالتزاماتها، رغم انها تسلمت دفعات متقدمة من المبالغ تلك المحطات الكهربائية المزمع تنصيبها.
وزارة الكهرباء، رصد لها مليارات من الدولارات، على مدى ثلاثة عشر عام، لم تستطع حل هذه المشكلة الأزلية في وطن يملك من المقومات، ما يجعله يستغني عن جميع الشركات الخارجية، لكن هناك سر ما ، كان يحول دون تمتع أبناء هذا الوطن، الذي يعاني الأمرين في كل صيف ملتهب، ينخر الاطفال وتذوب به الأفئدة في أجواء تجاوزت درجات الحرارة فيها نصف درجة الغليان.
وعود سنوية، تملأ شاشات التلفاز، وهي تعد العراقيين بأن السنة القادمة سنصدر الكهرباء! كان ذلك في سنة 2011، واليوم نحن نعيش في تموز٢٠١٧ ولم ننعم بكهرباء مستقرة، تنجي الشعب من لهيب الصيف المشتعل، دوما ما يتقاذف المسؤولون، ويلقي اللوم على بعضهم البعض، دون رؤيا حقيقية تؤسس لنهاية هذه الأزمة، التي تجاوزها العالم قبل نصف قرن من الآن؟!
نعم؛ هناك زيادة في الإنتاج بشكل كبير، رافقها تضاعف الاستهلاك للطاقة، في موارد عديدة، منها إضافة مجمعات سكنية جديدة، فضلا عن الزيادة السكانية الطبيعية، التي تقدر بمليون شخص سنويا، ودخول أجهزة كهربائية من تدفئة وتبريد، بشكل كبير مما أدى إلى زيادة كبيرة في الاستهلاك العام، وما تم انشاءه من مرافق ومصانع وغيرها، التي كان لها الاثر الاكبر بعدم تحسن الطاقة الكهربائية بشكل حقيقي.
اتجهت الحكومة إلى ترشيد الاستهلاك، من خلال فرض تسعيرة جديدة، على جميع القطاعات، المنزلية والصناعية، والزراعية، رغم أنها لاقت اعتراضا كبيرا، لكنها الطريق الصحيح لتوزيع الكهرباء بشكل عادل على الجميع، رغم ان التسعيرة كانت مرتفعة نسبيا، مقارنة مع الدخل الشهري للمواطن العراقي، الذي يقدر ب250 دولار شهريا.
ان الادعاء، بان المواطن الفقير هو المتضرر؛ ادعاء كاذب، كون المواطن الفقير يملك في بيته اجهزة كهربائية، مانسبته٥٪ من الأجهزة في بيوت الأغنياء، فالذي يتضرر هي المنازل التي تمتلك أسطول من المكيفات إلى جانبها عدد من السخانات، وغيرها من الأجهزة المستهلكة للطاقة، التي سرعان ما تجبره التسعيرة الجديدة إلى خفضها، و ترسل توزيعها إلى جاره الفقير؛ الذي بالكاد يملك مروحة أو مبردة استهلاكها يعادل، مقلاة بيض في بيوت الأغنياء.
الحل الأمثل لاستقرار الكهرباء يمكن حصره في عدة نقاط :
١- نقل صلاحيات وزارة الكهرباء إلى المحافظات ومنحها رخصة التعاقد وإنهاء مركزية الكهرباء التي استنزفت المال والرجال والأسلاك .
٢- فرض تسعيرة معقولة وبسيطة بشكل اولي وتزداد سنويا بشكل بسيط كي لا يدخل المواطن برعب الصرفيات والتسقيط السياسي الذي رافق حملة التسعيرة.
٣- فرض على المجمعات السكنية الجديدة، توفير الطاقة الكهربائية لتلك المجمعات من خلال مستثمر، يتكفل بتجهيز الطاقة وضمان استمرارها، كما يحصل في أغلب البلدان مثل الامارات.
٤- توزيع عدادات الكترونية، حديثة ومتطورة تكون بالدفع المسبق، أو غيره من طرق الجباية الحديثة التي تضمن حق الدولة والمواطن.
٥- إشراك القطاع الخاص ضمن ضوابط معينة وشركات معتمدة، وإبعاد التدخل السياسي واللجان الاقتصادية للأحزاب عن هذا الاستثمار الذي يمس حياة المواطن.
والاسرع والاسهل، هو خصخصة الكهرباء، تحت ضوابط معينة، تحمي بها المواطن من جشع المستثمرين، وتحفظ حقوق المستثمر، هكذا سيكون الجميع مستفيد والمواطن باله مرتاح.

أحدث المقالات

أحدث المقالات