18 ديسمبر، 2024 10:17 م

معضلة القوى المدنية

معضلة القوى المدنية

عندما يشعر حيوان القنفذ بالبرد يبدأ بالبحث عن إخوانه لكي يلتصق بهم حتى يشعر بالدفء ، المشكله أن الشوك الذي على جسم القنفذ يجعل عملية تقاربه مع أبناء جنسه صعبه ومؤلمة ، نظراً لأنهم كلما تقربوا من بعضهم فإن الشوك الذي على أجسامهم يؤذيهم ، فيقررون الابتعاد عن بعضهم ، ثم يشعرون بالبرد فيقتربون مرة أخرى وهكذا ، في سنة 1851 تأمل الفيلسوف الألماني شوبنهاور في موقف حيوان القنفذ هذا واعتبرها واحده من معضلات الانسان الاجتماعية النفسية واسماها ( معضلة القنفذ ) .
السلوك الحيواني تسيطر عليه الغريزة والتي تشمل الامومة والبقاء والجوع والعطش والنوم ويتطور السلوك الحيواني بادخال عوامل بيئية التي تؤدي الى عملية التعلم ، بينما الانسان تسيطر عليه العمليات العقلية مثل الادراك الحسي والمعنوي والتذكر والتفكير والتخيل والابداع بالاضافة للعوامل البيئية ، العوامل البيئية تعتمد على النضج العضوي والعصبي والحسي ، السلوك نتاج للعملية العقلية تتم من خلال تفاعل عاملي النضج والتعلم ، النضج والتعلم هي احدى المشتركات مابين الانسان والحيوان .

القنفذ وجد حل لمعضلته بوجود مسافة آمنة مع المحافظة على الدفء بينهما لكي لايجرح احدهم الاخر ، بينما القوى الوطنية والديمقراطية لم تجد لمعضلتها حل فلم تجد المسافة الأمنة بينهما ، فهما بين مجروح ومفارق ومعاتب ومجافي ومعتزل ومتشائم .
لذلك دعونا نتفق على ايجاد المسافة الأمنة والاتفاق على المشتركات ونعتبرها من الثوابت ، الثوابت هي : وحدة العراق ارضا وشعبا ، السيادة وبناء دولة المواطنة على قاعدة العدالة الاجتماعية ، بناء اقتصاد اجتماعي تضامني ،بناء مؤسسات الدولة الرصينة والحوكمة والفصل بين الدين والدولة وعدم عسكرة المجتمع ، ولو وضعنا هذه الثوابت واتفقنا على وجود المسافة الأمنة ضمن اطار تنظيمي واسع لأستطعنا الوقوف ضد الصقيع السياسي والاداري الفاسدين ، هذا الصقيع الذي يقطع جسد المجتمع مثلما يقطع جسد المتزلج التائه وسط الجليد .

لايمكن الاستمرار بهذه العملية السياسية التي تتخذالديمقراطية لباس لها وهي تمارس الفساد بكل انواعه وتبدل واجهاتها في بداية كل دورة انتخابية مدعية التغيير لانها فشلت بأدارتها ( للدولة) وبعد الانتخابات تعود لطبيعتها الفاشلة .
لنعمل على تبني وتفعيل وتحقيق هذا المطلب ، تقول روزا لوكسمبرغ (( ان طالب المرء بشيء عليه ان يفعل شيئا ليحقق ذلك المطلب والا سيكون المطلب فارغا بلا تاثير يذكر سوى جعل الهواء يرتج )) .
لاتجعلوا القنافذ اكثر منا نضجاً وتعلماً