23 ديسمبر، 2024 9:25 م

معضلة الفن العراقي

معضلة الفن العراقي

يُقال , أن الأمة التي لا تحترم الأدب والفن هي أمة أشبه بالميتة .. لا شك أن هذا القول له مقاربات واقعية , أذ كيف لها أن تعبر عن ذاتها وتستحضر تاريخها ونتاجاتها ؟ .. لا يمكن أن يستمع أحد إلى بكائها اليومي على فجائعها .. الثقافة بصورة عامة , رسالة الشعوب التي تختزل هويتها وتعبر عنها بجدارة ووضوح .. أنها شعلة الامل والمحبة , هي دعوة السلام التي تغني عن مليارات مخصصة لحفظ الأمن المفقود نتيجة لتربع أفكار التطرف القميء .
ليست غريبةً حالة النكوص الثقافي والفني في العراق , يكفي أن نرى أن وزير الثقافة يتولى أمر الدفاع بتجسيدٍ عملي لمقولة جزار العراق السابق (القلم والبندقية فوهة واحدة ) !! ومن هنا نستطيع معرفة العقيلة التي تتعامل مع الأبداع , هم لا يملكون شيئاً سوى الريبة تجاه كل شيء   و( كل ما لديهم مطرقة فلا نعجب ظنهم بأن كل المشاكل مسامير ) حسب المثل الياباني .. المسرح لا يمثل لهم قيمة بل يروه رجسٌ فيما بينهم أو الأصح تهديداً لمستقبلهم أن أخذ دوره المنشود  . الغريب أن تٌستغل الديمقراطية بهذا الشكل , أن ممارسة أدوار (الأنقلابات الصامتة)  تعرّض النظام بمجله إلى خطر كبير .. ما محاولة تأطير الفن بدينٍ ما أو أدلجته برؤية لا تتسع للإنسانية إلا أنقلاب غبي على الدستور الذي يبيح الحريات ضمن القيم المجتمعية , ناهيك عن مباني النظم الديمقراطية التي تحمل في طياتها ضمان الحقوق والحريات ,لكن من الصعب جداً أن تطلب الحرية من فاقدها .
لعلنا لا نخطئ بأستحضار الشاعر التشيلي الكبير بابلو نيرودا وقصته مع جنود بينوشيه (قائد الأنقلاب ) , فبعد مقتل الرئيس سلفادور الليندي جاءه الجنود يبحثون عن السلاح , فردهم قائلا (أن الشعر هو سلاحي الوحيد ) ..
الكارثة كبيرة في البلد , الإرهاب حرٌ طليق يأخذ الأرواح البريئة ,والمسرح يُحاصر بتلك الوسائل التي يُفترض أن تعالج المفخخات والكواتم !! ليتهم أستمعوا لصيحات المرجعية وتوجيهاتها الداعية لخدمة الناس وتجاوز الأزمات , يتنكرون لها ثم يتقمصوا دوراً مزيفاً مدّعين تمثيلها , الفاشلون كأنهم أحسوا بحاجتهم لموبقة أخرى لتكتمل الصورة .. ومن يكذب لا يؤتمن على شيء .