في تموز عام 2005 تم إصدار قانون مكافحة الإرهاب رقم 3، وحُددت بالتفصيل الجرائم التي يعاقب عليها بالإعدام بكل صراحة ووضوح، وهي عقوبة منصفة وعادلة لمن يقوم بفعل فيه إزهاق أرواح أبرياء، وهي تصح في جميع الأزمان وليس حصرا في السنوات التي أعقبت سقوط نظام دموي تحت ذريعة ان حكومة العراق كانت حينها فتية، ومسك زمام الأمور وحزمه يستوجب الضرب بيد من حديد، لاسيما وأن كثيرين حينها كانوا يتربصون بالعراق الجديد، كي يوقعوه في درك المشاكل والقلاقل الداخلية فضلا عن الخارجية، وكان لزاما على الحاكم أن يتبع سياسة الحزم والصرامة مع الإجرام والمجرمين. ولمتتبع بنود القانون المذكور يلمس الدقة المتناهية في صياغته، ويتبين بكل وضوح الأفق الواسع لدى من سنه وشرعه، إذ انه استحضر كل شاردة وواردة في موضوع الجرم والإرهاب وأشار اليها من قريب جدا، وتعامل مع خيوط الجريمة ودلائلها تعاملا مهنيا عاليا، إذ عرّف في مادته الأولى معنى مفردة الإرهاب بإطناب، وفي مادته الثانية ذكر بثماني فقرات الأعمال التي عدّها تندرج تحت هذه المفردة. وفي مادته الثالثة حدد بخمس فقرات الأفعال التي تحتسب من جرائم أمن الدولة. أما في المادة الرابعة فقد تم فيها تحديد العقوبات بفقرتين الأولى عقوبة الإعدام لفاعل الجريمة الأصلي او الشريك فيها، كذلك المحرض والمخطط والممول على حد سواء، والثانية السجن المؤبد بحق من أخفى اوتستر على الجريمة.
الغريب ان المادة 4/ إرهاب باتت اليوم (عقدة المنشار) التي يقف عندها رئيس جمهوريتنا الحالي علاوة على السابق، إذ كان (مام جلال) يبتعد قدر المستطاع عن المصادقة على أحكام الإعدام الصادرة من القضاء العراقي العالي، والتي اكتسبت الدرجة القطعية، وكذلك بتت فيها محكمة التمييز. وقد سن سنته الى حد ما، خلفه الرئيس الحالي فؤاد معصوم، إذ هو يصادق عليها كما نقول؛ (بالقطارة)! الأمر الذي يدعو كثيرين الى الشك أن (القضية بيها إن)، والـ (إن) هذه تتنوع تفسيراتها بين التهاون والتواطؤ، والتعمد والمشاركة في حياكة مخططات واسعة، تدخل في غزل خيوطها دول وجهات خارجية، فضلا عن أقطاب داخلية لها مخططات هي الأخرى، وتعمل على إطالة أمد بقاء المحكومين بالإعدام أحياءً، والمستفيد من هذا كله أعداء العراق، فيما المتضرر منه العراقيون بسوادهم الأعظم.
فهل يعلم رئيسنا أن تفسيرات تأخير مصادقته على أحكام الإعدام، جميعها لا تأخذ جانب صفاء النية بالحسبان، وقطعا هذا ناتج حتمي، إذ أن جرما كالإرهاب لايمكن التعامل معه إلا بالغلظة والشدة، وترك المطاطية واللين، إذ الإخيران قد يفضيان الى التساهل والتسامح، وبالتالي ومن حيث ندري ولاندري، يخرج المجرم الإرهابي من وراء القضبان بعملية تهريب مدبرة، وحينها يكون قد سبق السيف العذل، ولن ينفع التحجج والتبرير أنه (أمر دبر بليل) بل هو خطة محكمة في وضح النهار، وأمام أنظار الرأس الأول في الدولة العراقية، والذي تمادى في مماطلة المصادقة على أحكام الإعدام، حتى ذهب بعضنا -بل جلنا- الى القول أن معصوم غير معصوم من الانجراف فيما لايرغب أحدنا فيه، ففي تأخيره المصادقة على أحكام الإعدام يكون قد وضع نفسه موضع الاتهام بما لايقبله أحد على نفسه، فهل تقبلها يامعصوم أن يقال عنك (غير معصوم) في أمر يوجب عليك البت فيه على وجه السرعة من دون خطأ التأخير، والإيعاز بتنفيذه (اليوم گبل باچر)؟.
[email protected]