9 أبريل، 2024 8:46 ص
Search
Close this search box.

معسكر شرقي جديد.. روسيا واخواتها !

Facebook
Twitter
LinkedIn

على نار سورية والعراق وجمر مصر الذي لم يتوقد كثيرا بعد، ينضج معسكر شرقي جديد بديل عما كان في القرن الماضي بقيادة روسيا واخواتها.
روسيا التي ربحت جزءا من سمعتها على انقاض دمار الشام ومن نافذة حصار ايران تعيد فتح ابوابها لمصر وتعيد ترتيب اوراقها مع العراق نفطيا وتسليحيا مستغلة ازمة الحكومة العراقية في الانبار، وبهذا يعود من جديد ضباب كثيف سيسفر عن معسكر شرقي جديد بدت ملامحه تتشكل ليقف في وجه مشروع الشرق الاوسط الجديد والتحالف الغربي الذي بدأ مع العراق ويبدو انه انتهى في مشارف ليبيا بعد سقوط القذافي.
كانت البذرة الاولى لظهور المعسكر الشرقي الجديد حين كاد ان يتفتت حلف الغرب في ليبيا في ساعاته الاخيرة، ولكن البذرة الاكثر نضجا كانت عند عدم قيام الحلف الغربي من جديد لاسقاط النظام السوري بالضربة العسكرية القاضية وتراجع واشنطن عن خيار الحرب في ذورة التصعيد، ما اعطى الشرق شرارة الامل في ان تكون روسيا زعيمة المعسكر الشرقي الجديد بما لا يؤثر في سمعة الصين، بل يعيد منح الصين دورها الكبير في ان تكون قائدا اقتصاديا عالميا يمنح روسيا قوتها السياسية في تشكيل حلف الشرق الجديد بمشاركة الصين وروسيا وايران وسورية والعراق ومصر مع ابقاء الباب مفتوحا لمن يرغب بالمشاركة.المعسكر الشرقي الجديد لم تشكله متطلبات ومخططات ودراسات وتوقعات هذه الدول المذكورة، بل شكلته على عكس التيار العالمي الدارج اخطاء واشنطن في المنطقة وعدم درايتها واعتمادها على افكار دول تحاول تمتين وضعها والبحث عن فرص اكبر على حساب حياة وامم شعوب اخرى.
ويبدو ان مواقف روسيا التي ساندت نظام الاسد سياسيا في المحافل الدولية والتعاون النووي والسياسي والاستراتيجي بين طهران وموسكو، وانفتاح العراق من جديد على روسيا بعد تعثر واشنطن في تسليح جيشه بعد ازمة الانبار، قد كانت خطوات نحو تشكيل معسكر جديد لكنه غير واضح الملامح حتى رسم ملامحه اخيرا المشير السيسي في زيارته لموسكو واعادة مشهد (خروشوف – عبد الناصر) بما يشكل نواة لحلف شرقي جديد.
ومرة اخرى يكون السلاح مفتاح المعسكر الشرقي الجديد فبعد اربعين عاما من التيه الامريكي في المنطقة وخاصة بعد حرب تشرين 1973 وزيارة السادات الى مصر يعود السلاح الروسي الى مصر والعراق وسورية، وربما يعود ايضا الى ليبيا قريبا في حال استقرار اوضاعها، والغريب ان زيارة السيسي لمصر كان قد مهد لها الفريق صدقي صبحي رئيس الأركان في زيارة قام بها لدولة الإمارات العربية المتحدة التي مهدت بدورها لزيارة السيسي في حين سيكون مشهدا مفاجئا حين تكون الامارات احدى الدول التي ترعى اليوم مصالح دول عربية مع روسيا ضمن معسكر شرقي جديد تفتح ابوابه وتقيم قواعده اموال عربية نفطية طالما كانت تحت المظلة الامريكية، اما صفقة الاسلحة التي من المحتمل ان تتحمل دولة الامارات ثقلها الاكبر وتقدر قيمتها بنحو ملياري دولار ستتضمن توفير احتياجات مصر من الطائرات والقطع البحرية والغواصات والصواريخ البعيدة المدى وقطع الغيار المختلفة ومنظومة دفاع جوي متطورة لصد أي عدوان على المجرى الملاحي لقناة السويس وتأمين الحدود الغربية والجنوبية وصواريخ طويلة المدى لإعتراض أي صواريخ من شأنها الحاق الضرر بمصر..
اما العراق الذي ظل مفتاح واشنطن في الشرق فيعود اليوم الى احضان روسيا بعد ازمة سياسية وامنية كبيرة، فما ان احجمت واشنطن عن تزويد العراق بالسلاح حتى ظهر وزير خارجية روسيا لافروف في بغداد الخميس الماضي مع صفقة شملت 30 مروحية هجومية و42 من انظمة الصواريخ بانتير-اس 1 ارض جو، في وقت جرت مناقشات اضافية ايضا حول احتمال شراء العراق طائرات ميغ-29 وآليات ثقيلة مع اسلحة اخرى، مع ابرام تفاهمات واتفاقيات مع الجانب الروسي في مجال التدريب العسكري، وبعد لافروف بأيام كان وزير الخارجية الصيني وعلى خطى موسكو يبرم صفقات جديدة من العراق ليتجاوز فيها حجم الصادرات الصينية للعراق 24 مليار دولار خلال عام 2013 ، مع صفقات تسليحية جديدة تم ابرامها خلال الزيارة .
ومع ان العراق يشتري اسلحة روسية جديدة فان مصادر تؤكد ان السلاح الروسي لم يتوقف الى سورية عبر ايران والعراق في تعهدات أصبحت تمثل حلفا استراتيجيا اكثر من كونها تنفيذ صفقات اسلحة بين دول، وهو ما كانت تعبر واشنطن عن قلقها منه بشكل دائم، والامر لا يختلف عما تشير اليه مصادر دولية من ان الصين تشارك هي ايضا في توريد اسلحة للعراق وايران وسورية بما يشكل منظومة تسليح شرقية جديدة بعيدا عن الغرب يمكن ان تكون نواة معسكر اصبح جاهزا للاعلان.
ايران وروسيا والنفط والسلاح عناوين معسكر شرقي جديد يختلف عن معسكر القرن الماضي، وهذه المرة معسكر بلا شعارات ولا شيوعية وبإيران التي كانت خنجر واشنطن قديما ضد الشرق وتحالفاته، المعسكر الجديد لن ينقصه المال بوجود العراق وإيران، ولن ينقصه المقاتلون بوجود أنظمة تجيش الجيوش من حزب الله الى دمشق الى طهران والعراق، ولن ينقصه عملاق اقتصادي تجاري صناعي كالصين، فقد ذهبت دول اوروبا الشرقية الفقيرة لتأتي دول مثقلة بالنفط والسلاح وعشق الموت على الطريقة الروحية الجديدة وبلا شيوعية تخافها الحكومات الفتية النامية.
* اكاديمي من العراق

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب