23 ديسمبر، 2024 2:18 م

معروف الرصافى .. معارضا

معروف الرصافى .. معارضا

بعد ان حطت الحرب العالمية الاولى أوزارها وحققت قوات الحلفاء فى حينها كامل انتصاراتها حيث اصبحت منطقة الشرق الاوسط ضمن نفوذها بعد ان كانت ضمن ممتلكات ( الرجل المريض ) الدوله العثمانيه . وأذا كانت معاهدة  – سايس بيكو – قد اخضعت المنطقه الى الهيمنه الكولنياليه فقد رسم المستعمرون الجدد خارطه جديده للشرق الاوسط حيث خضعت بلادنا – بلاد ما بين النهرين – فى بادىء الامر الى النفوذ الفرنسى والانكليزى ثم اقتضت مصالح المستعمرين ان يخضع العراق للانتداب البريطانى فى نهاية الامر ، وأذا كانت جذوة التحرر من الهيمنه تستعر فى قلوب العراقيين ، فأن الوقائع كانت تشير الى ذلك الرفض القاطع للاحتلال الاجنبى والتطلع نحو التحرر وحق تقرير المصير ، حيث اثبت الشعب العراقى انذاك استعداده للمقاومه وطرد المستعمرين بأى ثمن .
 واذا كانت الدوله العراقيه الوليده التى ظهرت بعد مخاض عسير خاضته طلائع  شعبنا الأصيله  من اجل ترسيخ اهم المبادىء التى كانت الرموز الوطنيه تتطلع أليها فى حينه ، حيث تواصلت المسيره منذ ذلك الحين اى منذ الحرب العالميه الاولى وألى ما بعد الحرب العالميه الثانيه ، حيث تبلور شكل الدوله العراقيه وتبينت مساراتها بالتزامن مع ما ظهر من مؤشرات واضحه لظهور الطبقه الوسطى وأرهاصاتها بمستويات متباينه على النطاقين السياسى والاقتصادى ، ومن خلال تلك التفاعلات الاجتماعيه وما رافقها من بروز شكل من أشكال الحراك الاجتماعى والتمايز الطبقى الاخذ فى الظهور . من خلال ذلك كله ظهرت أصوات ورموز وطنيه أخذت على عاتقها مسؤولية النهوض بأعباء المرحله الجديده وما رافقتها من تحولات كانت بمثابة أنعطافه هامه فى بنية المجتمع الجديد .
ومن خلال هذا التحول أرتفعت اصوات ملتزمه بالمنهج الوطنى الذى كان يشكل أسمى طموحاتها وشعراء وكتاب وخطباء تركوا بصماتهم فى تأريخ بلادنا المعاصر حيث من ضمن من برز على الساحه الثقافيه والسياسيه الشاعر الكبير معروف الرصافى الى جانب الكثير من الاسماء اللامعه امثال الشاعر جميل صدقى الزهاوى وغيره .
ولد الرصافى سنة 1875 واكمل دراسته فى الكتاتيب ودخل المدرسه العسكريه الابتدائيه ودرس فى المدارس الدينيه واتصل بالشيخ العلامه محمود شكرى الالوسى ولازمه اثنتى عشرة سنه وتخرج عليه وكان يرتدى العمامه وزى العلماء ، وسماه شيخه الالوسى (معروف الرصافى ) مقابلا لمعروف الكرخى ، توفى الرصافى سنة 1945 ودفن فى مقبرة الخيزران ، ويعتبر أحد اركان النهضه الادبيه الحديثه فى العراق ، وأحد وجوهها الشعريه البارزه ، وعده زكى مبارك أحد فحول الشعراء العرب فى العصر الحديث ، ووضعه أحمد الزيات فى منزلة احمد شوقى وحافظ ابراهيم – ونظر له الدارسون ضمن مراتب المصلحين العرب الداعين الى تحرير المرأه ونشر التعليم والاصلاح السياسى ، ومحاربة الفقر فى العراق
كان الرصافى صوتا معارضا غير هياب أو مساوم ، عارض السياسه البريطانيه فى العراق وكان شعره خاصة السياسى منه شعرا معارضا صريحا للسياسه البريطانيه ومنحازا الى الفئات الفقيره من المجتمع ، وقد حفلت قصائده بهذه المعانى التى كانت تحرض فى حينها قطاعات واسعه من الناس ودفعها للمطالبه بحقوقها والوقوف بوجه الانتداب البريطانى حيث اتصفت مواقفه بالتحدى والشجاعه النادره
           علم ودستور ومجلس امة                كل عن المعنى الصحيح محرف
         اسماء ليس لنا سوى ألفاظها              أما  معانيها  فليست   تعرف
         من يقرأ الدستور يعلم   أنه                وفقا لصف الانتداب  مصنف
        بالله يا وزراءنا    ما  بالكم                ان نحن  جادلناكم لا تنصفوا
         أيعد فخرا للوزير  جلوسه                 فرحا على الكرسى وهو مكتف
         للأنكليز مطامع   ببلادنا                   لا تنتهى   ألا   أذا  تتبلشفوا
نشأ كما يذكر العديد من دارسيه فى حقبه مرتجه شهدت أنقلابا عالميا كبيرا تمثل فى أنهيار الامبراطوريه العثمانيه وظهور التحول السياسى الجديد ، وواته الفرصه حيث أشتغل بالتعليم مدرسا ومفتشا ومارس التدريس فى تركيا والقدس وأصبح عضوا فى المجمع
العلمى العربى بدمشق وعمل فى الصحافه وأصدر صحيفة الامل ويجمع النقاد أن شعره أمتاز بالجزاله والبساطه والأنحياز الى الطبقات
المسحوقه والوقوف بوجه التسلط وسلب الحقوق .
                                         أيها الاغنياء  كم قد ظلمتم
                                        نعم الله  حيث  ما أن  رحمتم
                                        سهر  البائسون جوعا  ونمتم
                                         بهناء من  بعد ما قد طعمتم
                                         من  طعام   منوع   وشرا ب
عاش حياة متواضعه ومات فقيرا معتزلا