يقول الزعيم شارل ديغول (المقابر مليئة برجال لا غنى عنهم )،وهو يعني إن الذين يستحقون الحياة هم من في المقابر ،أما من هم في السلطة فمكانهم المقابر ،هذا هو حال العراق الآن بعد أن تم تدميره على يد أمريكا راعية الإرهاب العالمي ،وتحويله إلى خرائب ينعق فيه السياسيون الفاشلون والفساد والنهب المنظم والقتل على الهوية والتهجير الطائفي والعرقي والطائفية الكريهة ،التي تقوم به الميليشيات الطائفية، التي تديرها إيران في العراق حسب تصريحات جورج كيسي قائد الجيوش الأمريكية إبان الاحتلال الامريكي للعراق ،حيث اعترف بان إيران وميليشياتها هي من وراء تفجير الإمامين العسكريين عليهما السلام وتهجير السنة والمسيحيين وغيرهم من الطوائف الأخرى كالصابئة والشبك واليزيدية ،ومنذ أن خرج الاحتلال مدحورا بفعل بطولة المقاومة العراقية الباسلة ،والعراق يعيش حربا أهلية طائفية بين الشعب كله والحكومات التي أنتجها الاحتلال ،وما نراه الآن في المحافظات المنتفضة من حرب حقيقية على الشعب إلا دليل على ما نقول ،هذا ما خلفته إدارة المجرم بوش وإدارة الجبان اوباما، من حكومات طائفية بنيت على المحاصصة البغيضة ،التي أوصلت البلاد إلى هاوية الخراب ،وكان وما يزال لإيران اليد الطولى في هذا الخراب والدمار المنظم ،واليوم وبعد انتهاء مسرحية الانتخابات البرلمانية الهزلية الكوميديا في العراق ،يدخل العراق نفقا آخر هو نفق تشكيل حكومة عراقية جديدة بدون رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي ،فقد بدأ الصراع هذا عندما أعلن عمار الحكيم زعيم المجلس الإسلامي أن قائمته المواطن قد حققت فوزا كاسحا في الجنوب على بقية القوائم وإنها هي من سيشكل الحكومة القادمة،ثم تلاه احمد الجلبي ليعلن أن المالكي ذهب إلى إيران ليستجدي ولاية ثالثة مع مجموعة من أعوانه في حزب الدعوة منهم خضير الخزاعي وعبد الحليم الزهيري وغيرهم ،وخرج التيار الصدري معلنا ترشيح محافظ ميسان رئيسا للوزراء ،في حين أجمعت المراجع الأربع على رفض قائمة المواطن والتيار الصدري ودولة القانون في تشكيل حكومة ،وهكذا رفضت قائمة متحدون على لسان رئيسها أسامة النجيفي إعادة ترشيح المالكي رئيسا للوزراء واعتبرته (خطا احمر ) واياد علاوي صرح مثله وصالح المطلك ومسعود برازاني،إذن الآن هم في معركة حقيقية لتشكيل الحكومة الكتل الرافضة للمالكي والمرجعية من جهة ونوري المالكي من جهة أخرى ،فمن يفك هذا الاشتباك ،والمعارك على أشدها في الانبار والمحافظات الثائرة ضد المالكي وحرب المياه ضدها قائمة وتهدد بغداد وضواحيها بالغرق باختصار حكومة المالكي غارقة إلى أذنيها بالأزمات ودماء العراقيين ،بفعل السياسة الطائفية الفاشلة لرئيس الوزراء نوري المالكي والتي أجمعت كل الكتل شركاؤه والمرجعية بهذا الفشل ووضعت الدم العراقي المسفوك في شوارع العراق في رقبة رئيس الوزراء (تصريحات مقتدى الصدر والمطلك وعلاوي والنجيفي والمرجع بشير النجفي) ،هنا يبرز الدور الإيراني والأمريكي في إنقاذ نوري المالكي فاستلم الإشارة مباشرة من حكام طهران ،فأسرع بالذهاب إلى خامنئي لتقديم الولاء والطاعة والخنوع لأوامره وتنفيذها بعد تجديد ولايته الثالثة والتي سيكون ثمنها باهضا جدا على العراقيين من الدم المسال في المدن والأحياء ،بفعل ميليشياتها التي أصبحت تقاتل مع الجيش وزي الجيش وسلاح الجيش وهمرات ودبابات الجيش كما حصل ويحصل الآن في بهرز والانبار وبغداد ومنها عصائب أهل الحق وحزب الله العراقي البطاطي وقوات بدر وغيرها ،وهكذا يحج المالكي إلى طهران كلما شعر بالخطر الذي يهدد ولايته وحكومته ،في وقت تلقى إشارات أمريكية قاسية حسب صحيفة نيويورك تيمز التي نشرت تحقيقا تؤشر تخلي واشنطن عن المالكي لأسباب ذكرتها وهي أن (المالكي رفضته المرجعية بقوة ورفضه شركاؤه بقوة ولم يعد مرغوبا به في العراق ) ،لذلك أمر تبديله أصبح ضرورة لإدارة اوباما وتبحث عن عميل آخر لها ينفذها ما تمليه عليه في المرحلة القادمة وهو الأهم لأمريكا وإيران ،وهي حسم الوضع في سوريا لصالح الطرفين بعد التفرغ لها كليا في العراق ،خاصة وان الأزمة اوكرانية تطل برأسها بقوة لتعلن الحرب العالمية الثالثة هناك ،إذن معركة تشكيل حكومة عراقية بات ضرورة لأمريكا والعراق وعلى مقاس الطرفين وهذا ما تعمل عليه الدولتان الآن كل من زاويتها وأجندتها في العراق والمنطقة ،خاصة بعد فشل المعارضة السورية في تحقيق نصر ولو وهمي في سوريا بالرغم من التقدم الذي تسجله يوميا على الأرض ،ودعم أمريكي خجول لها في الإعلام والسلاح وزيارة رئيس الائتلاف احمد الجربا الأسبوع المقبل يصب في هذا الاتجاه ،لذلك ستكون معركة تشكيل حكومة عراقية جديدة معركة كسر عظم بين عمار الحكيم ونوري المالكي فكل منهما أعلن الفوز الكاسح الانتخابات فمن منهم سيتراجع لا احد وسيذهبون إلى المواجهة بكل إشكالها وقد رأينا مؤشرات هذا في أكثر من محافظة ،أما التيار الصدري فسيكون داعما وحليفا لعمار الحكيم في معركته هذه فمن سيربح الرهان الإيراني في تشكيل حكومة تابعة لولي الفقيه الإيراني ومباركة أمريكية ،وستكون قائمة متحدون والتحالف الكردستاني والعربية والوطنية وغيرهم هم (متفرجون )فقط على ما يجري من صراع شيعي شيعي على السلطة ،والتي ستحسمها مرجعية خامنئي في الأخير ،المعركة في أولها ولا نستطيع التكهن والضرب بالرمل ،ولكنها بدأت فعلا على الأرض وسنرى نتائجها قريبا وقريبا جدا ،وسيظل الشعب العراقي يدفع ثمن الصراع على السلطة بين الأحزاب الطائفية المرمية في أحضان إيران والتي تدين بولائها الكامل لولي الفقيه الإيراني ومرشد الثورة خامنئي ،فإلى أن يتحرر العراقيون من نير التبعية الإيرانية يظل الدم العراقي مسفوكا في شوارع العراق ،اجزم أن من يعتقد تشكيل حكومة جديدة في ظل صراع سياسي خطير جدا بين الكتل وبين المالكي وتفاقم حرب المياه وحرب المالكي على داعش الإيرانية الصنع في المحافظات سيسهل تشكيلها في المدى المنظور هو واهم جدا وقارئ غير جيد للمشهد السياسي العراقي ،إنها معركة يخوضها المالكي ضد خصومه وشركائه في العملية السياسية وليست معركة العراقيين لان معركة العراقيين في مكان آخر مع الإرهاب والميليشياوي الإيراني-الامريكي ،ولا تعنيه مسألة تشكيل حكومة عراقية تابعة لولي الفقيه وللبيت الأبيض أبدا ..