23 ديسمبر، 2024 1:51 ص

معركة الوعي ماضية وحرب “الاستحمار”كذلك !

معركة الوعي ماضية وحرب “الاستحمار”كذلك !

أول خطوة في طريق الوعي تتمثل بالكف عن عبادة “الاشخاص” ذاك أن عبادة -الشخص – تحولك الى منوم مغناطيسيا يدافع عن صنمه في الخطأ والصواب!
ثاني خطوة في طريق الوعي تتجسد بعدم تفكيك منظومة العدل والظلم ومجمل الأحداث لأنها تتناسل بعضها من بعض ، مسجون الامس ظلما وعدوانا سيتحول الى سجان وظالم اليوم لامحالة ،انقد السجون السياسية ومعتقلات الرأي والفكر عموما واحمل على انتهاكات حقوق الانسان وزوار الفجر في كل زمان ومكان ولا تحاول أن تبارك أو تبرر سجون سابقة في معرض انتقادك لسجون لاحقة والعكس بالعكس ،لاتحاول ان تبارك سجون رأي حاكم ما فيما تحمل على سجون حاكم آخر ،الظلم واحد لايتجزأ الا في عقلك وهواك ،والعدل قيمة واحدة لاتقبل القسمة على اثنين ،واعلم يارعاك الله بأن كل تبرير تسوقه لظلم اصحاب الرأي في حقبة ما سيستخدم ضدك في حقبة أخرى وعلى الأغلب ستنتهي بذات السجون والزنازين والمعتقلات الظالمة التي كنت تباركها صباح مساء !
ثالث خطوة في طريق الوعي هي ادراكك جليا بأن الفكر الذي ولدت فوجدت أباك وأمك ،عائلتك ،عشيرتك ،قومك عليه لايشترط به أن يكون هو الحق المبين والاصح بين بقية الافكار المتزاحمة ،انت لم تبحث عن الحقيقة بعد ، وأخالك لن تبحث عنها على الاغلب لظنك خطأ بأن “من ينكر افكار والده ووالدته وقومه وعشيرته فقد عقهم وتنكر لهم وانقلب عليهم !” ، هكذا ضاع مشركو قريش وهكذا كانوا يفكرون ،ولو أنهم بحثوا عن الحق بنوايا حسنة وقلوب صافية وعقول صادقة لكانوا من أخلص اتباع النبي صلى الله عليه وسلم بدلا من أن يكونوا من ألد أعدائه ،وقس على ذلك.
رابع خطوة بطريق الوعي هي أن تحاول جاهدا إستعارة عقل خصمك،غريمك،منافسك هنيهة،وأن تتقمص شخصيته،أن تعيش معاناته،أن تتفهم ظروفه ،أن تستوعب وضعه ،أن تهضم تأثيرات بيئته وتربيته وعشيرته ووظيفته وثقافته وطفولته ومحيطه وتراثه عليه، كل ذلك بينك وبين نفسك فقط لا اكثر، وستكتشف حينئذ بأن ” نصف اتهاماتك له، ملاماتك اياه ، تحاملك عليه كانت مجانبة للصواب وأنك أكثر خطايا وأخطاء منه ،هنا سيلعب تواضعك ولاريب دورا مهما في التقرب اليه والصلح معه ونسيان ما كان بينكما من خلافات وخصام مخبرا وجوهرا ،على النقيض تماما من الدور الذي سيلعبه كبرك ومكابرتك واعتدادك بنفسك والتي ستكون حائلا بينك وبينه برغم كل ما توصلت اليه ،بل وسيصور لك الكبرياء الزائف والاعتداد بالنفس الزائد زوايا اخرى للصراع ، وسيضع امامك مسوغات جديدة للخصام ودوافع لم تكن منظورة للخلاف قد تكون متوهمة ومن بنات افكارك فقط لاغير، الدنيا قصيرة جدا وفانية ولاتستحق منا كل هذا الخصام المحموم الذي افقدنا فضلا عن احبائنا واصحابنا واقربائنا ،عقولنا وضمائرنا وديننا ومثلنا وقيمنا وأوطاننا كذلك !
خامس خطوة للوعي هي تيقنك بأن التأريخ يعيد نفسه ذاك أن البشرية هي ذاتها بنوازعها واحلامها وطموحاتها وغرائزها وهواها وامنياتها وبالتالي فإن محاولة فك الارتباط بالتأريخ ومحاولة التنصل عن الجذور وإجتثاثها هي فكرة اضافة الى كونها خطيرة جدا فهي غير صحيحة بالمرة، كما ان محاولتك العيش في التأريخ فقط وإهمال حاضرك كليا بذريعة الحفاظ على الهوية وعدم المساس بالجذور خطأ لايقل فداحة عن سابقه ، والاصل هو المواءمة بين الماضي والحاضر بتناغم لايسمح لأي منهما بإبتلاع الاخر ولا بإقصائه ولا بتهميشه ،واعلم بأنك وكل من حولك ستصيرون ذات يوم تأريخا لمن بعدكم كذلك ،فأحرصوا على ان تورثوا الاجيال القادمة تأريخا مشرفا لايسمح لهم بلعنكم مستقبلا ولا بمحاولة التنصل عنكم والتبرؤ منكم ،انت ومن قبلك ومن بعدك جزء من التأريخ وعلى الجميع ان يحسنوا صنع تأريخهم قبل ان يلعننا بعض اللاحقين كما يلعن بعضنا بعض السابقين حاليا!
الخطوة السادسة في طريق الوعي تتمثل بـ ” الحذر كل الحذر من تحجيم أو شخصنة القضايا الكبرى المصيرية ،كنا والى وقت قريب نهتف بأعلى اصواتنا (فلسطين عربية ولتسقط الصهيونية ) ،ثم صار شعارنا بالتدريج متناغما مع الهزائم الداخلية والخارجية المتتالية ليتقلص الى ( الضفة الغربية تبقى عربية ) ثم تحول الهتاف ومع كثرة الهزائم ليتحجم بـ (غزة تبقى عزة ) ،وها نحن نقع اليوم وبعد كارثة التطبيع مع الكيان الصهيوني المسخ بمصيبة حصر القضية المركزية الأم وحرف بوصلة الصراع كلية لتصبح هتافاتنا وبوستاتنا بايدن -اردوغان ، التطبيع – تركيا ،ضاحي خلفان -الجزيرة ،ايدي كوهين – احمد منصور، افيخاي ادرعي – خديجة بن قنة ،وسيم يوسف -فيصل القاسم، اليسا -هيفاء وهبي،بايرن ميونخ – برشلونة ، أخي رجاء ، لطفا ، محبة ان قضية فلسطين قضية مركزية كبرى تهم جميع العرب والمسلمين في مشارق الارض ومغاربها وهي الشغل الشاغل للامة من اقصاها الى اقصاها وهي مسرى الرسول صلى الله عليه وسلم ، وفيها اولى القبلتين وثالث الحرمين المسجد الاقصى المبارك ،وعشرات المقدسات، وأي تحجيم لها أو حرف للبوصلة عنها يعد بمثابة كارثة مهولة لاتقل فداحة عن كارثة التطبيع وقبلها التقسيم وقبله وبعده وخلاله الاحتلال والتحجيم والتهجير والظلم والطغيان والسجون والمعتقلات والتهجير والاستيطان والمخيمات ، بأي حال من الاحوال ،فأرجو الانتباه والتنبه الى ذلك جيدا قبل ان نخسر آخر ما تبقى لنا من وعي وكرامة وضمير وشعور وإستشعار لنتحول كليا الى مرحلة ” قلة الفهم والوعي وتبلد المشاعر والجمود والاستحمار” . اودعناكم اغاتي