مع انطلاق عملية تحرير الموصل, يشهد العراق معركة مصيرية, للقضاء على عصابات داعش الإرهابية, وانهاء وجودها في العراق. وتحرير اخر مدينة استولت عليها هذه العصابة الإرهابية, وهي معركة تختلف في طبيعتها, عن بقية المعارك التي خاضها العراق, على الصعيد السياسي والعسكري معا.
فالموصل محافظة كبيرة, بتعدادها السكاني وطبيعتها الجغرافية, التي تحادد إقليم كردستان من جهتها الشرقية, وتركيا من جهتها الشمالية, وانفتاحها على سوريا, وبالخصوص المناطق التي تسيطر عليها داعش, من جهتها الغربية, إضافة الى صعوبة التضاريس, التي تعرقل سير القطعات العسكرية, يجعل من معركة الموصل مختلفة, عن بقية المعارك الأخرى.
ويبقى العنصر الأهم, في هذه المعركة, هو الحفاظ على أرواح المواطنين, من سكنة الموصل, والذي يوجب على القوات المحررة,ان تتعامل معه بطريقة مختلفة, عن ما جرى في المعارك السابقة, وربما سيكون هو العنصر الأبرز, الذي سوف يعرقل سير العمليات الجارية, لتحرير هذه المدينة.
فمن الدروس التي تم أخذها, من معركة تحرير الرمادي والفلوجة, نلاحظ انه كان هناك نزوح طوعي, من قبل الأهالي, كما إن قيادات داعش, لم تتمسك بالأهالي كدروع بشرية, إلا في حالات نادرة, وهو الأمر الذي جعل عملية تحرير الفلوجة والرمادي, لا تسجل فيها أرقام كبيرة, من الضحايا بين المدنيين, وسهل عمليات تحرير هذه المدن, على الرغم من ان نسبة التدمير في البنى التحتية, كانت تتجاوز 90%.
لكننا نلاحظ في معركة تحرير الموصل, انه الى الآن لازالت داعش تتمسك بالمدنيين كدروع بشرية, وتمنع نزوحهم, بل وصل الأمر الى تنفيذ عمليات الإعدام بمن حاول ذلك, في عملية تحمل في طياتها مآرب كثيرة, من ضمنها تعقيد عملية تحرير المدينة, وجعلها صعبة على القوات العسكرية من جهة, والاحتماء بالمدنيين لمباغتة القوات العسكرية, من جهة أخرى.
ولا ننسى ان بعض الدول الداعمة لداعش, كانت تستخدم ورقة الوضع الإنساني للسكان والنازحين, من اجل إيقاف تحرير المناطق, التي تحت سيطرة داعش, وهي ورقة غابت وفشل من حاول استخدامها, في عمليات تحرير الفلوجة والرمادي, لذلك لم تصدر اي تحذيرات دولية, او استغاثات من منظمات دولية, حول إيقاف القصف الجوي, على عكس ما حدث عند بدء عملية تحرير الموصل, فقد صدرت تحذيرات إقليمية ومحلية وسياسية, تحذر من إنزال خسائر بالمدنيين.
كل هذا يجعل من معركة الموصل, تختلف عن سابقاتها, وان استخدام المدنيين كدروع بشرية, القصد منه إطالة أمد المعركة من جهة, والحصول على أصوات داعمة لداعش, بحجة الوضع الإنساني من جهة أخرى, وهو أمر يجب أن لا يمنحه العراق, الى داعش وداعميه بتاتا.