19 ديسمبر، 2024 1:15 ص

معركة الموصل … خارطة لواقع جديد ؟!!

معركة الموصل … خارطة لواقع جديد ؟!!

يمكن قراءة الوضع السياسي ، في ظل الاستعدادات المهمة التي تقوم بها الحكومة العراقية لمعركة الموصل ، والتي تتجه جميع الانظار اليها ، كونها معركة ذات جبهات متعددة ، ولا تقل خطورة عن المعارك الاقليمية الكبرى ، فهناك الكثير من المحللين يعتقدون ان الوضع سائر نحو التعقيد ، وتوسيع ساحة الصراع ، وان المنطقة وخصوصاً العراق سائر نحو المجهول ، وان الواقع على الارض يثبت هذه النظرية ، وان معركة الموصل ستكون معركة كونية ومصيرية ، وبداية خارطة لشمال العراق وسوريا ، خصوصاً اذا علمنا ان العوامل كلها مواتية لتنفيذ هذه النظرية ، من وجود دول اقليمية داعمة ، مثل تركيا التي تسعى جاهدة الى ان يكون لها دور وموطأ قدم لها في الموصل ، ناهيك عن الاطماع الكردية التي هي الاخرى تجد ان من الطبيعي ان يكون لها مساحات سيطرة فيها . النظرية الاخرى تعتقد ان معركة الموصل ، ستكون قصيرة وخاطفة ، أذ ان اغلب قيادات داعش هربت أو قُتلت في المعارك ، او تم تصفيتها من القيادات الداعشية العليا ، وان الاوضاع متغيرة ، وان هناك علامات تفاعل نستطيع ان نعتمد عليها في قراءة الاحداث ، وان ما يدور من صراع على الارض ، وعلائم موت ما هو الا مخاض لوضع أمني وسياسي جديد ، يقتل فيه نظرية التقسيم ، وفيه النظرية الايجابية التي تتحدث ان معركة الموصل ستلغي اي خطط اقليمية ، وستنهي أي اجندات ، وستتحطم في الموصل مؤامرات الاتراك ، ومن يسعى الى حرق المنطقة وتوسيع نفوذه .
اللافت ان الانتصارات النوعية والكبيرة التي يحققها الحشد الشعبي على كافة قواطع القتال ، هي من ترسم الخارطة على الارض ، وان هذه الانتصارات استطاعت من كسر الارادات التي تتحدث عن اقامة دولة سنية وشيعية وكردية ، وان الحكم في الدولة السنية سيكون للبغدادي ” الداعشي ” ، وتكون سهم الخاصرة في الجسد الوطني ، وتمثل تهديداً مستمراً لجميع الاراضي العراقية دون استثناء ، لهذا فان القوات الامنية وبمساندة مباشرة من الحشد الشعبي وزعت اداورها المباشرة وغير المباشرة استعداداً لحرب الوجود والبقاء ، كما ان هذه الانتصارات النوعية أعطت زخماً كبيراً في عملية الاستعداد لتحرير الموصل ، ومع ان المعركة ستكون خاطفة ، الا ان الجزء الصعب في مراحل التحرير سيكون ما بعد التحرير نفسه ، أذ سينتظر القوات الامنية العمل الكبير والكثير في منع الاضطرابات الداخلية والاقتتال ، وحرب الثأر التي يسعى اليها جميع مكونات الموصل ، انتقاماً ممن سعوا الى تهجيرهم وقتلهم ، وربما سيسعى التنظيم الارهابي الى تغيير خارطة المواجهة مع القوات الامنية ، وتغيير تكتيك القتال مع القوات الامنية ، وذلك لأنه خسر جميع مكامن القوة لديه ، لهذا من المرجح ان يلجأ الى حرب العصابات ، وتنفيذ هجمات خاطفة وسريعة على القوات المشاركة في تحرير المدينة .     
الكرة في ملعب اللاعبين الاساسيين في لعبة تحرير الموصل ، وان هذه الحرب محطة أختبار مهمة للجميع ، في طريقة التعاطي مع الحدث ، كما ان هذه المعركة ستكون المحك الذي تكشف نوايا القوة المشاركة فيها ، لهذا سيسعى الجميع الى ان يكون مثالياً في خطابه ، ولكن الواقع سيتحدث العكس ، وسيبقى اللاعب الابرز هي القوى الدولية ، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية ، ونواياها في منطقة الشرق الاوسط ، وكيف ستتعاطى مع الموقف في الموصل ، وهل يمكن أن تكون الموصل صندوق انتخابي للامريكان ؟!