23 ديسمبر، 2024 7:12 ص

معركة الخندق و مشروع التسوية

معركة الخندق و مشروع التسوية

بعد أن أشرفت السنة الخامسة على الانقضاء وكانت كل الأحداث والحركات العسكرية التي خاضها المسلمون تهدف إلى الدفاع عن كيان الدولة الفتية ، وتوفير الأمن في المدينة وماحولها ، وأفرزت الأحداث تنوعا وتعددآ في الجهات والأطراف المعادية للدين والدولة الإسلامية ، فسعى اليهود لاستثمار هذا العداء المتعدد الأطراف بتوجيهه وتمويله وإثارة النزعة العدائية عند بعض الأطراف بغية استئصال الوجود الإسلامي من الجزيرة ، وأنهم اشاعوا عند المشركين بأن الوثنية خير من الدين الإسلامي ، وتمكنوا من جمع قبائل المشركين وتعبئتهم ودفعهم صوب المدينة عاصمة الدولة الإسلامية ، وسرعان ما وصل الخبر إلى النبي (ص) وهو القائد المتحفز اليقظ والمدرك لكل التحركات السياسية ، من خلال عيونه الثقات ، واستشار النبي (ص) أصحابه في معالجة الأمر ووصلوا إلى فكرة حفر خندق يحصن الجانب المكشوف من المدينة ، وخرج هو بنفسه مع المسلمين لمشاركتهم في حفر الخندق بعد تقسيم العمل بينهم يحضهم بقوله ( لاعيش إلا عيش الآخرة اللهم أغفر للانصار والمهاجرين ) ، ولم يخلوا الأمر من المنافقين والمتقاعسين عن العمل رغم همة وحماس المخلصون من المسلمين ، واحاطت قوى الأحزاب بالمدينة البالغة عشرة آلاف مقاتل يمنعهم الخندق وتسيطر عليهم الدهشة لهذا الأسلوب الدفاعي الذي لم تتوقعه من قبل ، وخرج النبي (ص) بثلاثة آلاف مقاتل ونزل في سفح جبل سلع ووزع المهام والأدوار لمواجهة أي حالة طارئة ، وبقيت الأحزاب تحاصر المدينة مايقارب شهر عاجزين عن اقتحامها ، وكانت مواقف رائعه للمسلمين وكان بطلها علي ابن أبي طالب عليه السلام ، وقد توج النبي ( ص) موقف علي عليه السلام البطولي عندما خرج لمبارزة صنديد من صناديد العرب ، هو عمر ابن ود ، بعد أن احجم المسلمون جميعا عن مبارزته ، بقوله (ص) (( برز الإيمان كله إلى الشرك كله )) ، من هذا تعرض المسلمون إلى ضغوط كثيرة منها :
1. تناقص الاقوات ( المواد الغذائية )
2. صعوبة الضروف الجوية حيث البرد القارس
3.الحرب النفسية المريرة التي شنتها جيوب المنافقين
4.السهر المستمر طول مدة الحصار حذرا من الهجوم المباغت
5. غدر بني قريضة حيث أصبح خطرا حقيقيا يهدد المسلمين
من هذه النبذة البسيطة عن الخندق ومجرياته نستمد منها ماجرى ويجري في العراق اليوم من تكتلات وأحزاب كلها تريد من العراق أن يكون ساحة للمهاترات والقتال بين أبناء الحمة الواحدة ، وهذا ما افرزته الأحداث من عام ٢٠٠٣ حتى يومنا هذا حيث تعدد الجهات والأطراف المعادية للدين وإلى عراق الإسلام ، وما داعش وشعاراته الكاذبه ، التي أطلقها إلا من أجل تشويه الإسلام والرجوع للوثنية الجاهلية ، وجمعوا أتباعهم وسوقهم صوب العراق ، عراق المقدسات ، لكن ما أن وصل الأمر إلى مسامع السيد السيستاني حفظه الله ، وهو القائد والمرجع اليقظ والمدرك لما يجري في العراق من تحركات سياسية مغرضة ومدفوعة من جهات خارجية ، حتى أعلن فتواه الكفائية وقال قوله (( من مات مات شهيدآ)) التي أحبطت كل مخططات لا أقول داعش فحسب ، بل كل مخططات الدول الكبرى والمتحالفة معها ، ورافق هذه الفتوى المباركة مشروع مهم طمأن بعض الجهات التي كانت حذرة جدا مما يدور داخل أروقة الكتل السياسية ، وبعد التشاور والشورى بين مكونات التحالف الوطني في معالجة الأمور توصلوا إلى فكرة إطلاق مشروع التسوية السياسية التي طرحها رئيس التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض التقسيم تحت أي عنوان من عناوين التقسيم ،
الهدف من هذه المبادرة الحفاظ على العراق وتقويته كدولة مستقلة ذات سيادة وموحدة وفدرالية وديمقراطية تجمع كافة أبنائها ومكوناتها معا.مسار المبادرة إطار وطني يشمل جميع المكونات العراقية العرقية والدينية والمجتمعية، ويمكن المضي به على مراحل ضمن إطار التسوية الوطنية الشاملة.
لا عودة ولا حوار ولا تسويات مع حزب البعث أو داعش أو أي كيان إرهابي او تكفيري او عنصري وتمثيل المكونات والاطراف العراقية يجب أن يخضع للقبول بالثوابت الواردة بهذه المبادرة ، ومن هذا المشروع وحفظآ على ضمان تسوية حقيقية ممكنة وراسخة ومورد قبول الجميعٍ لابد من الاستناد الى الأسس ومعطيات منها :
1- التسوية الشاملة وليس التنازل أحادي الجانب.
2- مبدأ اللاغالب واللامغلوب.
3- تصفير الأزمات بين الأطراف العراقية.
4- رفض استخدام العنف كورقة سياسية بتحقيق التسويات السياسية.
وكما ارسل الله سبحانه على الأحزاب ريحآ عاتية بارده أحدثت فيهم رعبا وقلقآ فاقتلعت خيامهم ، ونادى أبو سفيان بالرحيل ، حتى أصبح الصباح لم يبقى أحد( وكفى الله المؤمنين القتال )) ، واليوم بدماء الشهداء وحكمة أهل الحكمة والمشورة ، ولى داعش مهزوما مقتولا يجر اذيال انكساره حتى يعلن انتهاء دولة الخرافه.