ليس هناك مستقبل يلوح، لدين سيتمزق قريباً، بإنتهاء حياة النبي محمد، (صلواته تعالى عليه وعلى أله)، ولأن الرسول يهجر حسب زعمهم، فالفئة المنافقة سعت وبكل ما تملك، للإنحراف بالأمة عن مسارها، وعليه وجبت التضحية بالغالي والنفيس، وهذا الامر الإلهي لا يتولاه إلا، مَنْ أبعد الباريء عز وجل عنهم الرجس، وطهرهم تطهيراً!
أهل البيت (عليهم السلام) في محاربتهم للباطل، يدركون جيداً قلة الناصر والمعين، بيد أن الأمة الإسلامية كانت كلها، في دائرة الخطر المنحرف، فعملوا على إحياء حكم الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، مقدمين في سبيل ذلك أنفسهم وعيالهم، ليرزقوا خير الأخرة، فهم لم يدفنوا في القبور، بل إنهم سكنوا القلوب، والعقول، والضمائر!
الإستفادة الروحية، والنفسية، والأخلاقية، من تضحيات أهل البيت (عليهم السلام)، وبلاءهم العظيم الذي إمتحنهم الخالق عز وجل به، ففازوا فيه، هو السر الأعظم لبقاء مآثرهم وخلودها، وهي أيضاً السبب لإنتصارات الأمة، المؤمنة بنهجهم، والسائرة على دربهم، والشواهد في العالم كثيرة جداً، على أن الدم ينتصر على السيف، لشموخ وطهر صاحب الدم!
الإنتصار الإصلاحي، الذي تمخضت عنه معركة الطف، أنها شيدت الدين، وإنتزعت الإصلاح له من عيونهم، وما مسيرات العزاء المليونية، ومشاركة الديانات الأخرى، إلا مشهد واقعي لبعض منجزات الثورة الحسينية، يضاف إليها براعة القيادة، والسلوك الأخلاقي للإمام الحسين، في واقعة شهدت منازلة بين الآف من المنافقين الفاسدين، وبين سبعين من الجند المخلصين!
لقد حارب الإمام (عليه السلام)، حلفاء الشيطان، ومخربي قواعد الدين وأركانه، الذين حاولوا إطفاء نور الإسلام، وإستعملوا المال والطمع بالمناصب، والفساد كطعم لتحقيق مآربهم الخبيثة، في القضاء على البيت العلوي، والسير بالأمة نحو الرذيلة، ولأنهم معروفون بإستباحة الحرمات، واللهو بالقردة، فلا بد من فارس غيور على الدين، لينكصهم على أعقابهم خاسئين!
صمت منتصر إجتاح العالم في المحرم، كان مؤرخاً في العرش، قبل بدء الخلق بأحرف من نور، ونتيجة لصناعة القمع الأموي، والفساد السيفاني، كان لا بد من قبضة حديدية، يسفح دمها على مذابح الحرية والعدالة، ليدون الإمام الحسين (عليه السلام) عصر أمة لا يمكن الإستغناء عنها، لأنها تخلد ملحمة الوجود الكربلائي المقدسة!