لم نتعظ أبداً هكذا نحن بل أغلبنا، وليس جُلّنا لأكون منصفاً، ستأتي إنتخابات مجالس المحافظات، فلن يفصلنا عنها إلا شهور معدودة، وتحديداً في الشهر الرابع من عام (2017)، وسباق الأحزاب بدأ منذ مدة ليست بالقصيرة، وقد تسلح بعضهم بكل وسائل التسقيط إعلامياً وسياسياً، ومنهم مَنْ سار نحو الحليف الأقوى، لتقديم الولاء على حساب المبادئ الحزبية الخاصة به، والقيم الإنسانية، وهدفهم الأسمى هو الفوز بمقاعد في مجالس المحافظات، وليس لخدمة الوطن والمواطن، بل من أجل مكاسب مادية للكتلة أو الحزب، فهل سنتعظ وننتخب الأفضل؟!
أهداف واضحة وجلية للساعين الى البروز، في الساحة السياسية، متناسين إن الصوت الهادئ أعلى من الصراخ، كما تقول الحكمة فكيف بنا؟! والحبر البنفسجي الصامت، هو مَنْ سيحدد هوية مجالس المحافظات وشخوصها، الذين سيكونون المؤتمنين على أهل المحافظات، وتقديم الخدمات إليها في ظل الأوضاع الراهنة، حيث يتقدم عوامل إستقرارها، القضاء على الإرهاب بكل أشكاله، فالمرحلة القادمة هي التي يجب إدراك أهميته، لأن مخلفات داعش ليست سياسية، وعسكرية، وأمنية بل هي فكرية ومجتمعية، ونحن بحاجة الى قادة حقيقيين، يسعون الى تغيير الفكر الإرهابي الجمعي، لدى بعض الشباب المغرر بهم.
عندما تمتلك الرؤية الصحيحة الشاملة الواقعية، مع التخطيط المنظم والإستشراف الدقيق، لمرحلة ما بعد داعش، فنهاية العام ستشهد إستقراراً أمنيا بإذنه تعالى، فالإنتصار للعراق، والإنكسار لداعش، كما أن إجراء الإنتخابات في موعدها المحدد، وعدم تأجيلها تحت أية ذريعة، يعني الإستعداد المبكر، لبدء البرامج الإنتخابية وتسجيل الأحزاب والكيانات السياسية والخطط الأمنية المرافقة لعملية التهيئة، وهذا وحده يحتاج لتخطيط سليم، فهو بحد ذاته نصف النجاح القادم للإنتخابات. إن مجالس المحافظات ستتولى مهام خطيرة، وكبيرة، وكثيرة في آن واحد، أولها تقييم المرحلة السابقة، وتحديد الأولويات وتنظيمها، وإدراك مستوى أهمية كل مهمة، بحيث يكون التطبيق ناجحاً فعالاً، ليدرك الناس مقدار العمل الذي سيقوم به المجلس القادم، وهناك نقطة مهمة أخرى هي، أن لا يتعكز الجديد على القديم الرديء، فالمفترض أن يدع عمله يتكلم بدلاً من المهاترات، التي لا طائل منها سوى مضيعة الوقت، وسرقة المال العام.العراقي الأصيل إنسان بسيط ومحب لبلده، وصاحب مبدأ لكونه تربى على المودة والرحمة، وجُل ما يتمناه الأمن والخدمات، فقد دفع ثمناً غالياً خلال الفترة الماضية، وسيجد الأمان في ظل حكومة محلية قوية، تستمد قوتها من المركز، يرافق ذلك التهيئة التامة والحقيقية، لتفعيل قانون مجالس المحافظات رقم (21)، ففيه كثير من البنود إن تحققت، ستعود بالمنفعة على المحافظة والمركز معاً، وإلا فإن التشبث بالقرارات المركزية، دون إعطاء فرصة للحكومات المحلية بممارسة دورها، سيجعل من الإنتخابات مجرد عرس عراقي بلا نتائج مثمرة، لديمومة تقديم الخدمات للمواطنين، الذين يطمحون نحو الأحسن.بدل الدخول في سباق التسقيط الإعلامي والسياسي، يفضل أن يتحلى الجميع في هذه الانتخابات، بثقافة التنازل والإلتقاء في المنتصف، لتحقيق المصلحة العليا بغية تقديم الأفضل، وعدم الإنجرار وراء المناكفات والسجالات السياسية، لتسقيط الرموز والشخوص، وبالتالي لم ولن نسمع من المجلس السابق، والحالي، والقادم إلا الوعود، والمواطن يُجبر على سياسة فرض الأمر الواقع رغماً عنه، وتعود ريمة لعادتها القديمة.ختاماً: الإنتخابات القادمة ستحدد هوية كل محافظة، فما تقوم به اليوم في محافظتك، سيراه غداً أبناؤك، وعندها إما يكرم المرء أو يهان، لذا على المواطن تقع المسؤولية الكبيرة أيضاً في الإختيار، خاصة الأفضل، وكما قالت المرجعية الرشيدة: (المجرب لا يجرب) خاصة الذين فشلوا، في الإهتمام بالمواطن البسيط.