تحقق النصر، وتحررت الموصل، وطويت صفحة من صفحات الحرب، لكن نحن إزاء صفحة أخرى لاتقل أهمية عن معركة القضاء على الإرهاب، الا وهي معركة الإعمار والبناء، كما وصفها الرئيس معصوم في كلمته التي ألقاها في مؤتمر دافوس الأخير في البحر الميت، ولعل كل الدول التي دعمت العراق في حربه ضد تنظيم داعش الإرهابي، مطالبة اليوم بتبني مشروع إعادة إعمار المدينة، وإزالة آثار الدمار الذي لحق بها، على غرار مشروع مارشال الاقتصادي لإعمار أوربا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.
ويستمد المشروع أهميته من خلال إعادة الحياة للمدينة، وتأمين عودة النازحين الى بيوتهم، ولاسيما أننا إزاء مليون نازح لايعرفون مصيرهم في ظل الدمار الذي لحق بمدينتهم ومنازلهم والبنى التحتية، فيما قدر خبراء إقتصاديون حاجة المدينة الى 50 مليار دولار لإعادة إعمارها، ما يستلزم تحالفاً دولياً للبناء هذه المرة، مع تحصينات فعالة لمنع إختراق المفسدين في مقاولات أو صفقات من فوق العباءة أو تحتها.
وكانت لقطات فيدو وصور، أخذت من الجو للمدينة، عقب إعلان تحريرها، قد أظهرت حجم الدمار الهائل الذي لحق بها، والخراب الذي طال كل شيء فيها، حتى آثارها، ومعالمَها التأريخية، وكان آخرها تدمير منارة الحدباء التي تنسب اليها.
إن إدامة زخم النصر المتحقق على الأرض بتضحيات العراقيين السخية، يستلزم نصراً لاحقاً في معركة الإعمار، وإعادة النازحين، وإشاعة الأمن والإستقرار، لهذه المدينة التي عادت الى أحضان الوطن، الى جانب إرساء قواعد العمل السياسي المشترك على أسس المواطنة، والمصير الواحد، بعيداً عن الإقصاء والتهميش.