18 ديسمبر، 2024 8:56 م

معرض بغداد للكتاب ووقفة تأبين الفقيد

معرض بغداد للكتاب ووقفة تأبين الفقيد

دخلت معرض بغداد للكتاب قبيل الظهيرة بقليل وكان المعرض يتوزع على أربعة قاعات على يسار الداخل من جهة الحارثية قاعة مصطفى جواد وعلى يمينه بالتسلسل قاعات .. زها حديد .. على الوردي .. ابو نؤاس فدلفت يسارا حيث هبة نسمة ريح لطيفة عند باب صاحب : ( قل ولا تقل ) وسط سموم صيف بغداد وبعد استراحة قصيرة عند المدخل على كرسي هجره صاحبه قمت بالتجوال في القاعة فكانت الأرضية مقسمة بشكل عادل وجميل لكنها تحقق غاية صاحب المثل القائل : ( كلمن يمدد رجليه على كد اغطاه ) وللأمانة المكان هاديء ومبرد ولا يوجد زحام او ضجيج ولولا قوة الاضاءة لشعرت انك بمكان طافح بالرومانسية لكن مايعيب هذه الرومانسية هو سطوع الضوء وخمول من يجلسون خلف المناضد في تلك الأماكن الصغيرة الجميلة وتارجحهم بين اليقظة والنوم وانشغالهم بأنفسهم بدلا بمن غابوا من عشاق الكتاب والمتزاحمين للحصول عليه لأسباب شتى منها الحر وصعوبة الوصول إلى المكان وطول المسافة المقطوعة على الأقدام بين مرائب السيارات وقاعات العرض إضافة لزحام الشوارع رغم أن دوام الدوائر في خبر كان منذ وفود البغيض ( كورونا ) .. مازحت بعض الموجودين وحدثوني بعد ماسالتهم عن سوق الكتب وازدهار تحارتها لكنهم أجمعوا على غياب الرواد والعشاق وكساد بضاعتهم وفي نهاية المطاف في قاعة صاحب قل ولا تقل ارتحت قليلا في معرض ( الورشة ) التي غاب عنها الشويلي وصاحب ( السرد ) لامر ربما كان اهم من وجودهما فيها ثم دخلت قاعة ( الوردي ) دخول الفاتحين ومثلما رفض ابن الخطاب الصلاة في الكنيسة عند دخوله مدينة القدس لكي لا يعتاد المسلمين هذا الأمر رفضت الجلوس في مكتب واكتفيت بالتجوال لكن ماهالني عند تجوالي هو اني وجدت ممثلة لدار نشر مصرية تغط في نوم عميق فطلبت من صاحبي ان يمهلني بعض الوقت لمزاح ثقيل معها ووقفت قبالتها وسالتها عن سعر كتاب لم أقرأ عنوانه حتى اللحظة فاستيقضت ضاحكة وقالت بلهجة مصرية محببة : ( انا ف حلم والا بعلم هو مين ده اللي يسال عن ثمن كتاب في المكان ده ) فتضاحكت معها وسالتها عن سبب نومها المستغرق فاخبرتني انها منذ الصباح لم يتوقف عند بابها أحد وهي كمسافر ينتظر في محطة لا يمر بها القطار ولما سألتها عن الأسباب دفعت التهمة عن كورونا والحر وساعة الغداء وزحام المواصلات وأكدت أن التكنلوجيا اكلت الورق ثم حولته إلى ذكرى ماتت مع ( انا كارنينا ) وطمست رسومها مع ( بين مدينتين ) لطيب الذكر ( ديكنز ) وما علينا إلا أن نتعامل بواقعية ونسلم بموت ( الكتاب الورقي ) ونعمل له عزاء مهيبا ونقرأ على زمنه الفاتحة مع القهوة المرة ودعتها ودردشت مع آخرين ثم يممت نحو حمى ابا نؤاس وبعده حصن زها حديد فلم يكن الأمر مختلف لكن المفارقة الكبرى في معرض بغداد للكتاب هذا العام ليس قلة الزائرين إنما تكمن هذه المفارقة في ان أكثر المعروض فيه هي كتب خاصة بالأطفال في الوقت الذي اغلقنا فيه المدارس وانهينا التعليم ورفعنا نتائج النجاح وعذرنا ان التباعد في زمن كورونا هو اهم اسباب عدم الإصابة فتفرق اطفالنا وتجمعوا عند الاشارات الضوئية ومفارق الطرق للتسول وبين الاسواق لبيع الماء او غيره او في محلات تصليح السيارات وغيرها للعمل والامر الآخر في مفارقة هذا العام هو كثرة المعروض من الكتب القانونية باغلفتها المهيبة وعناوينها الجذابة في الوقت الذي أصبح البلد فيه ( حارة كلمن ايده اله ) على رأي ( غوار الطوشه ) للعشائر قوانينها وللسيد قانون والشيخ قانون ووووو .. في حين قانوننا الاصلي أصبح مثل حال قانون ( جرعة خرمه ) بعدما أكله الح…