7 أبريل، 2024 1:16 ص
Search
Close this search box.

معرض الكتاب في البيئة الخراب

Facebook
Twitter
LinkedIn

قبل ان تبهر عيون الناس بغلاف الثقافة وزخرفة المعارض ودور النشر،عليك توفير الخبز للفقراء ،واكمال بناء المدارس والمكتبات العامة…اي بناء الانسان والمجتمع..
تتجسد صور التناقض السياسي والاجتماعي في دول العالم الثالث(وحتى في بعض النامية او الناشئة)بمظاهر الرأسمالية المحلية،ونسبة التفاوت الطبقي الواضحة في المجتمع،ولكن العالم يرى دائما ستارا او جدارا عازلا بين الحقيقة المرة والواقع المرئي،وكأن الجميع يدور في خشبة مسرح واسع،يأخذ اشياءا ثمينة،ويعطي النفاق والظلم والفقر والانتهازية والمصالح الشخصية،عندما كنا نسأل الشعب الاندنوسي بعد الاطاحة بسوهارتو ونحن نقف في اجمل الاسواق
(Westfield)
هل فعلا كان دكتاتور!
وكل هذا الاعمار والبناء الحضاري لعمق العاصمة،ومناظر ناطحات السحاب الجميلة،اشاروا الى ماخلف تلك البنايات”احياء بدائية بلا شبكات المياه الصالحة للشرب او لتصريف المياه الثقيلة التي كانت تصب في مايعرف ببلادنا بشط الخيس (المياه الاسنة)،واذكر تماما عندما جمعتنا الصدفة يوما مع احد قادة المعارضة العراقية في دمشق نهايات القرن الماضي بمسؤول عماني رفيع المستوى(كان على ما اذكر مستشار حاكم سلطنة عمان قابوس للشؤون الثقافية)ودار الحديث حول حضوره معرض دمشق للكتاب،وقد ذكر انه اشترى بأكثر من مئة الف ليرة سورية كتب قيمة من المعرض(وتحدث بأنه كان في معرض الكتاب في مصر واشترى كذلك كميات كبيرة من الكتب لدولته)…
وكذلك اذكر جيدا حديث احد المواطنين الايرانيين حول العلم والمعرفة الايرانية “قال نحن في ايران اي كتاب علمي يصدر في العالم نجلبه الى ايران ،ونفككه ثم نعيد كتابته باللغة الفارسية…
الانظمة السياسية الفاشلة لازالت متمسكة بصور المسؤول الذي يجب ان يخضع له المجتمع بالكامل،وان يتصرف بموارد واجهزة ومؤسسات ودوائر وسلطات الدولة وفق رؤيته وقناعاته الشخصية او الاثنية او الفئوية،اذ لازال كل شيء يصنع او ينتج او يصمم او يقام ويشيد او يفتتح وينفذ برعايته ،مصحوبة تلك المسرحية السخيفة بلافتة عريضة تعلق فوق رؤوس الناس وامام اعينهم،وكأن الدولة ملك المسؤول وليس الشعب…
من عادة وطبيعة الاقطاعي او اثرياء البلد واغنياءهم ان يستمتعوا بأوقاتهم الفاحشة الثراء بالتبذير والاسراف في الاماكن التي يزداد فيها الخدم والحشم،ولهذا تعد اكثر البلدان المفضلة عندهم للسياحة هي الدول السياحية الفقيرة (بلدان المساج والجنس وكل انواع الخدمات الشاذة)،فتجربة دبي السياحة التجارية على سبيل المثال وهي بلد نفطي(دولة من دول العالم الثالث لكنها ليست فقيرة) مختلفة، لكنها معدلة عن النموذج السائد،عرفت ان التجارة لايمكن ان تنجح دون ان توفر لرجال الاعمال كل متطلبات الراحة والاستجمام والاستمتاع الروحي(الخمر والميسر الجنس الخ.)،لهذا تجد ان في تجارب الانظمة الفاشلة او الفاسدة تكثر مظاهر التعمية السياسية والاجتماعية والثقافية بشكل ملحوظ ،فتجد انهم يتفاعلون مع الجماهير في الرياضة والفن واقامة المعارض والمهرجات واللقاءات الثقافية، كي تكون ستارا وغطاءا لما وراءه(فقد كان نظام صدام البائد اكثر انظمة العالم في القرن العشرين اهتماما بتلك الفعاليات الشكلية التي اخفت وراءها المقابر الجماعية والسجون ومقاصل الاعدام واحواض التيزاب،والهجرة والفقر، الخ.)،من ظلم وفساد واستبداد وفوضى.
من يريد ان ينهض بالمجتمع ويزيد في وعي الاجيال،عليه ان يكمل بناء مؤسسات الدولة الديمقراطية المستقلة،وان يضع خطة تنموية حقيقية شاملة لجميع قطاعات ومجالات الدولة ،وبالاخص في التعليم والخدمات والتجارة والاقتصاد وغيرها من الاحتياجات الحياتية الضرورية اليومية للمواطن،ان يكمل بناء المدارس النموذجية،وان يضع خطة تربوية وثقافية لانجاح مشاريع نشر الثقافة والفن والابداع والوعي في المجتمع، وبين المراكز التعليمية والتربوية،عبر فتح مكتبات عامة في المدن والاقضية والنواحي والقرى،وان تكون في كل مدرسة مكتبة،وفي كل صف لوحة فنية، الخ.
مافائدة معرض الكتاب وهو يفتتح ويقام من قبل حكومات وانظمة ومسؤولين فاسدين،هم يعرفون قبل غيرهم ان الموظف(صاحب الدخل الشهري الثابت تقريبا) وليس الكاسب لازال يؤمن بمقولة” القرش او الفلس الابيض ينفع في اليوم الاسود”،لان الفساد السياسي والمالي وتغير الاسواق والاسعار ،والتقلبات السياسية والاجتماعية لاتجعله يثق بما سيحمله له ولابناءه المستقبل المجهول دائما،الثقافة ليست رداء خارجي مزركش تلبسه الدولة،انما واقع عملي يراه الناس في اداء اجهزة ومؤسسات الدولة،وسلوك يلمسه الناس في وسائل الاعلام وفي المؤسسات التربوية والتعليمية وكذلك في الشارع…
السؤال هل هناك فائدة من اقامة معارض الكتاب في الدول الفاشلة ام تقاطع،وجهة نظرنا ان المبادئ والمواقف الاخلاقية لابد ان تكون حاضرة في كل المناسبات والمهرجانات والبرامج والفعاليات الفكرية والثقافية والسياسية،ولكنها يجب ان تكون مستقلة بعيدة عن شعار فتح المعرض برعاية المسؤول الفلاني او….
لابد ان تتحمل الطبقات المثقفة اعباء تلك المهمة بعيدا عن سلطة الدولة،وان تفرض شخصيتها المعنوية المستقلة في ادارة تلك الفعاليات الثقافية الوطنية المهمة,لايعني ان تتخلى عن المطالب الشرعية بتوفير الدعم المالي الدستوري لتلك الانشطة الثقافية-الاجتماعية الحيوية،انما عليها ان تبعد سلطة وتدخلات الرقيب الحكومي..الثقافة الحقيقية هي التي تقف مع الشعب دائما،اما لدعم الجوانب الايجابية،او لتخليص المجتمع من الاثار والجوانب السلبية الخ…

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب