17 نوفمبر، 2024 8:25 م
Search
Close this search box.

معترك السياسة والسلطة وأثرها على الشعوب ..!

معترك السياسة والسلطة وأثرها على الشعوب ..!

أن من أبرز بواعث وأسباب التفرقة وتـفتيت المجتمع ، هو  حب الرئاسة والزعامة والوجاهة، ولعل في هذا العصر -كما في العصور السالفة –  لن تجد  إختلافاً بين رجال  الحكم والسياسة إلاّ وجدت حب البقاء  في السلطة أو الوصول إليها  دافعاً من دوافعه  ضد أطراف النزاع ..
كما أنك تجد هذا الدافع  خلف النزاعات في المراكز الثقافية  والعلمية والشركات والمؤسسات والنوادي والفرق  الرياضية وإدارة الأنشطة الأجتماعية  والجمعيات الخيرية والمساجد ومواكب العزاء وإلى أ صغر المناصب وأتفه القضايا !
وفي مثل هذه الصراعات التي يجعل المتصارعون فيها هدفهم  الأول هو الوصول إلى زعامة المنصب أو البقاء فيه لفترة أخرى ، وفرض هيمنتهم  الشخصية أو  الفئوية  عليه ،وهنا فإن العدالة لاتذبح فقط ، بل تأتي المحرمات كلها  في مظهر الحق ، متلبسة أجمل الشعارات الأنسانية والكلمات الجميلة ..
وفي الحقيقة فإن الأطراف المتنازعة على السلطة وعلى أي مشروع سياسي ، وخاصة المشاريع الجماهيرية الكبرى يجعلون من الناس من حيث يريدون أو لا يريدون معلقين في الهواء مثل (كيس الملاكمة ) فيبدؤون  بالضرب فيه ، ولايعنيهم أن الذي سوف يستولي على هذا الكيس المدهوس ماذا يفيده ؟ ثم هل يسكت المغلوب وجماعته ..أم يعدون العدة لجولةٍ أخرى وعلى نفس الكيس المسكين الذي تخّرق من كل جوانبه !!؟
نعم ..إنهم يخططون للعودة ، ولهم موعد على الحلبة مع الغالب المغرور ، وهكذا تدور الصراعات  على ضحايا ها ( الجماهير ) ، مرة هذا على صدرها ومرة ذاك على ظهرها  ، وشعار الطرفين هو ( حب السلطة والرئاسة ) للأشخاص  على حساب  العدل والناس المستضعفين …
ونحن لانقول بأن مطلق الزعامة لايجوز التفكير فيه والتخطيط لأستلامه ،إنما  السلطة والزعامة الشخصية هي المرفوضة والمستقبحة ،أما التي يريدها المؤمن المخلص لأجل  خدمة القضية الأنسانية ، كنشر العدل والهداية على ربوع الوطن والأتيان بالناس إلى حياة طيبة تقوم على مرتكزات حقوق الأنسان  وسيادة القانون  والمساواة في توزيع الثروات وغير ذلك من القوانين الأنسانية ذات القيمة العليا ، فإنها رئاسة محترمة ، وطلب الزعامة لأجل تنفيذها بين الناس أمرٌ تحّث عليه  جميع الشرائع السماوية والقيم الأجتماعية النبيلة ..فقد جاء عن الأمام الصادق عليه السلام  أنه قال 🙁 من طلب الرئاسة  لنفسه هلك ، فإن الرئاسة لاتصلح إلا  لأهلها )
فالمقياس في حرمة طلب الرئاسة إذا كان الدافع لطلبها هو حبسها وتجييرها لنفسه ولأجل شخصه  ،وأن يحتكرها في حزبه وجماعته أو في عشيرته وإسرته ، ومن علاماته أن يكسب الناس إلى مدحه والثناء عليه ، ويفتخر بتلك الزعامة ، ويتكبر على الناس ويستعبدهم لخدمة مايراه ُ شخصياً ،لامايريده القانون والعدل حقاً ..
ونقول : كيف نميز بين  الزعامة الذاتية للشخص ، أو انه فعلاً يريدها  لأجل القيم وخدمة الناس ؟ فالكل يدعي القيم وينادي للخدمة ؟ وعلى قول الشاعر العربي :
وكلٌ يدعّي وصلاً بليلى    وليلى لاتقرُ لهم بذاكا…
والجواب ببساطة هو مدى أستعداد  الشخص للتخلي عن طموحه ، فإن كان فيه الأخلاص للقيم ،لا يدخل  في النزاع مع من هو أكفأ منه ، وإلا  ركب على رأسه  حتى آخر  نفس ، فهو لن يتخلى  عن مقامه  حتى لو فشل أصل المشروع الذي نادى به  ، وذلك من خلال  نيتة إتجاه  المنافسين الأخرين ..
فالمخلص تراه منفتح على منافسيه  ومستعد للحوار، ومفسح لهم مجال الكلام بحرية وأمان ، لأنه لايخاف على زعامته ، ولايرجوها لشخصه ..أما القابض على السلطة قبضة المحبيين المتشبثين بها ، فالأستبداد  والقمع ودحض المنافس والأستهزاء بهم يكون نهجه الأول والأخير  ..
ففي  غياب الحرية وعدم إحترام الأراء ومنع الناس من حقوقهم ورغباتهم ، يأتي الصراع  بين الزعماء  ويضيع المجتمع المسكين في معترك الزعامة والسلطة ، فلا يمكنهم حينئذٍ التمييز بين  الزعيم الصالح  الذي يخدمهم  بنجاحٍ وإخلاص ، وبين الزعيم الكفوء الذي يريد الخدمة ولاكنه لا يحسنها  وهو يحسب أنه صالح لها ، أو الزعيم الذي يبحث لنفسه عن الزعامة والسلطة وتسلق جدرانها بأي ثمن كان !!
 وفي غمرة هذا الصراع  قد تتسلل بعض القوى الأجنبية المتربصة لتنتفع  من تلك الحالة  فتلعب دورها  في تصعيد وتوسيع رقعة النزاع  وإشعال  فتيل الفتن بين أبناءالوطن  الواحد لا سامح الله ..

أحدث المقالات