23 ديسمبر، 2024 6:28 م

 في كل زمان تدخل على مجتمعنا بعض العادات السلبية التي هي ليست من ثقافاته واخرى ايجابية تضاف على سلوكياته حاله في ذلك كحال بقية شعوب العالم فالاحتاكاك المباشر بشعوب تختلف عنه في التراث والثقافات تؤثر فيه ويؤثر فيها خاصة وان العالم اصبح كالقرية الصغيرة بفضل وسائل الاتصال والتواصل الاعلامي والجماهيري …
وانطلاقا من المسؤولية التضامنية التي يتحملها  ابناء كل مجتمع في التاشير على السلوكيات السلبية من اجل معالجتها وابراز السلوكيات الايجابية من اجل اشاعتها في المجتمع نجد انه من  الضروري الوقوف على احدى الحالات السلبية التي صار بعض ابناء مجتمعنا طالما يتعاملون بها عند انتقادهم لسلوك مسؤول سياسي او  تنفيذي وهي استخدامهم اسلوب الشتم او اللعن معتقدين بذلك ان هذا الاسلوب اكثر تاثيرا من النقد البناء والمتحضر ثم هم كثيرا ما يوجهون جل غضبهم على القائمين في رأس هذه السلطات ان كانت تنفيذية او تشريعية او قانونية مبتعدين بذلك عن توجيه اصابع الاتهام على المسؤول المباشر عن السلوك الخاطئ الذي هم انتقدوه حتى وان كان موظفا بسيطا ..
والغريب ان كثيرا من الفضائيات المحترمة لا تتنزه عن مثل هذه السلوكيات وتسمح لضيوفها في برامجها السياسية والنقدية والفنية بالشتم والتجاوز الادبي على كبار المسؤولين الذين ساهموا هم (اي الفضائيات) مع ابناء الشعب العراقي في اجلاسهم على كراسي الحكم او منحهم المناصب من خلال الانتخابات
 نقول اننا لم نسمع او نقرا بتراثنا وتاريخنا الاسلامي ان اسلوب تجريح الكرامات والهيئات من خلال السب والشتم قد غير مسار امة ….بل ان التغيير ينطلق من النقد البناء المبني على الادلة الصحيحة والقناعات العلمية …ولنا  بسلوك رموزنا  السياسيين اسوة حسنة فالحادثة التي جرت على اعظم سياسي ذكره التاريخ ومعلم الديمقراطية وهو النبي صلى الله عليه واله وسلم عندما جاءه اليهودي ومسكه من جلبابه وبدأ يشده ويقول له سدد ما عليك من دين يامحمد باسلوب الاهانة والتجريح امام الصحابة فقام له عمر وقال دعني اقطع راسه يارسول الله…. فاجابه النبي حري بك ياعمر ان تامره بحسن الطلب وتامرني بحسن الاداء…فلم يعدمه او يعتقله لانه تجاوز على رئيس الدولة ورمز سيادتها وكرامتها وهو النبي صلى الله عليه وسلم وهذا درس لنا في الديمقراطية…..
والشاهد الاخر هو الموقف الذي مرعلى نوري سعيد باشا  حيث كان رجل يبيع ( اللبلبي ) بالقرب من نادي العلوية في شارع السعدون وكان نوري سعيد يمر من هذا الشارع صباح كل يوم عند ذهابه لعمله وكان هذا الرجل ينهال بالسب والشتم على رئيس الوزراء نوري السعيد ويصفه بالعميل وعندما طلب احضار هذا الرجل حضر بزيه البغدادي  بدشداشته وحزامه الجلد والكيوة قال له مبتسما (انت شنو قصتك يومية مستلمني من الصبح؟؟؟) فقال له الرجل( والله باشا اريد تحبسني حتى يكولون عني سياسي…)
ضحك الباشا واعطاه نوط ابو العشرة قائلا له (( يلله روح ولو تموت ماسويك سياسي واشتم براحتك…  ) 
واليوم ونحن نشاهد هذه الحالات السلبية في الفضائيات ووسائل الاعلام الاخرى لم نسمع ان احدهم قد اعتقل لانه سب او شتم فلانا من المسؤولين …وهذه ضاهرة ايجابية تحسب لاصحاب القرار ..وهي من مضاهر الديمقراطية والتي دفعنا الدماء من اجلها بالرغم من انها من صميم موروثنا الحضاري وقد افقدنا اياها سلسلة من الحكام الذين لا يقبلون غير هز الرأس بالموافقة على لكل ما يقولون او يريدون …..
الشعب العراقي الان يعيش ازمات كثيرة فانعدام الخدمات وتردي الوضع الامني وضياع الكرامات وبخس قيمة الانسان وضبابية الصورة المستقبلية وكثر الاحتجاجات والاعتراضات على القيادة السياسية العليا هي ارض خصبة لحصول مثل هذه التجاوزات الغير حضارية من قبل المنتقدين
فهلم معنا لاصلاح هذه الضاهرة ونثقف انفسنا على الابتعاد عن السب والشتم والتنكيل بالهيئات   وان نعتمد النقد الحضاري السليم والواقعي الذي ينفع المسؤول في تحديد الخلل في المنظومة التي هو على راسها لنساعده من معالجتها وبذلك نلقي الكرة في ملعبه ….وان اساء الاداء فلنا صناديق الانتخابات نتخلص منه او ممن جاء به من الكتل السياسية او من كبار السياسيين…وان اصلح الخطا فنكون قد ادبنا انفسنا بحسن الطلب …ووضعنا لبنة بناء في مكانها الصحيح …والكل يحتاج الكل ….ومن الله التوفيق