22 نوفمبر، 2024 10:18 م
Search
Close this search box.

معا لتجفيف مستنقع الطائفية

معا لتجفيف مستنقع الطائفية

وحوش ضارية تفتك ببني الإنسان في وضح النهار ، أشلاء تتمزق وحرائق تندلع ، وهلع يتجسد على وجوه المارة يمتزج بقلق خانق مما تخبئه الأيام القادمة ، وحزن جاثم على القلوب ، وزحامات خانقة ،  مآسي تتابع  في مشاهد مرعبة.
تحليلات الخبراء وآراء الكتاب تختلف في تقييم الكوارث التي ما انفكت تصيبنا منذ عشر عجاف أكلت الموارد البشرية والمادية ، بين أنها ضريبة الخروج من قبر الدكتاتورية الى عراء الديمقراطية أو هي آلام الفطام أو غياب المؤسسات وتداعيات السلطة المطلقة أومكر مؤامرات الخارج وفوضى الداخل وسوء الإدارة وو…….وأدرك شهرزاد الصباح .
منفيون من جنة المواطنة
وبنظرة من خارج الصندوق سنرى بوضوح المستنقع الطائفي الذي ننحشر فيه جميعا ، رائحته تزكم الأنوف ومع هذا فقد أعتدنا عليها وأصبحت ضرورة حياتية ولازمة إجتماعية ورؤية سياسية ومتكىء تاريخي وزاد ثقافي.
منظرالمستنقع المقرف الذي تدب على سطحه كائنات قبيحة وتتربع في قاعه التماسيح والغيلان المفترسة ، ومع هذا نسمع من يحدثنا عن الورود على ضفاف المستنقع والكنوز التي يحتضنها في جوفه .
بين افيائه نشأ المفكرون والساسة والإداريون والخطباء والشعراء الذين يتغنون بتاريخ مستنقعنا ومآثره الخالدة وضرورة الحفاظ على ماضيه المقدس وربط الأجيال بما تركه الأولون من تراث يمجد المستنقع ويحرك الغرائز ويسطح الوعي .
الحقيقة المرة التي ننكرها ونتحاشى وضوحها أننا جميعا مخرجات لهذا المستنقع على إختلاف تنوعنا الفكري والمناطقي والمهني وغيرها من الهويات الفرعية والمشترك الذي يؤلف بيننا بقوة هو المستنقع الطائفي نفسه بكل أبعاده الذي نكرع منه منذ قرون ولم نرتوي .
مفكرون ومسوقون
بين حين وآخر تظهر مقالات جميلة أودعوات خجولة تتضمن أفكارا جريئة تحث على اجتياز ثقافة الكراهية التي نستمتع في كل يوم بتعبئة عقولنا  من مستنقعها الآسن ، ومن المؤسف أننا لانزال نظن بكسل لذيذ أن المستنقع سيجف ونعبر الى جنان المواطنة  بمجرد تسطير الحروف وضخ الأفكار على الورق أومحاضرة في القاعات المغلقة ونقنع أنفسنا بعدها أننا حصلنا على براءة الذمة الوطنية بعد أن أخذنا لقاحا فرديا ضد الفايروسات  المنبعثة من جوف المستنقع الكبير.
بينما كل المعطيات والشواهد الراهنة سواء أكانت سياسية ، اعلامية ، داخلية ، خارجية و……. تدل على أننا أسرى لمنظومة ثقافية ماضوية لانستطيع منها فكاكا إلا بالعمل معا ( مفكرون ، ساسة ، جامعيون ، رجال أعمال ، نساء ، شباب ، قانونيون ، اعلاميون ، شرائح أخرى ) بروح فرق العمل المعاصرة  تتضمن برامج متنوعة من أجل تسويق الأفكار التنويرية وتحويلها من التنظير النخبوي  الى الإجراءات الميدانية.
آن لنا أن نعد خريطة طريق من أجل تجفيف المستنقع الطائفي يقف على رأس الهرم مفكرون وكتاب وأصحاب رأي ووعي ناضج يفككون بمهارة أجزاء المستنقع  ويضعون الحلول والبدائل المناسة المرحلية والإستراتيجية وخميرة فكرية يستلمها مسوقون ماهرون من منظمات المجتمع المدني وممثلون عن مجالس المحافظات ليتم التشبيك النوعي بين الفكر الثر والإدارة الرشيدة  .
آباء مؤسسون
على الرغم من جسامة التحديات وخطورة اللحظة العراقية الراهنة إلا أن بقية من ذوي الفكر العميق والنظرات الجريئة يعيشون بين ظهرانينا ( الواقعية أو الإفتراضية) لاينقصهم سوى اللقاءات الفكرية لإنتاج خزين فكري يكون بمثابة منارات عصرية تمهد لفهم مفاعيل الطائفية وأفضل أساليب التعامل معها حسب خطة تمتد لعشر سنوات أو أكثر تقينا صديد الطائفية وتقرحات افرازاتها .
على الرغم من سوداوية الواقع والمشاهد التراجيدية على الصعد كافة إلا أني ألمح بعين خيالي مفكرون تنويريون ومسوقون ميدانيون تتلقى عنهم الشرائح الإجتماعية خرائط الحياة السعيدة عبر كبسولات فكرية تغير القناعات المريحة وتلهم الفاعلية المجتمعية من أجل اجتياز آمن لمخلفات مستنقع الطائفية الخطير.
إبرىء ذمتك أمام الأجيال ، وأدعم فكرة ايجابية رائدة أوسوّق برنامجا اجتماعيا ، يكون لك عربونا لحجز ماتستحق من جنة الوطن الموعود الآمن التنموي المزدهرالذي يبدأ خط الشروع ببنائه حين نصطف معا لتجفيف مستنقع الطائفية.
إضاءة : من السذاجة محاولة تغيير العالم ، إلا أن عدم المحاولة جريمة (منصف المرزوقي من كتابه هل نحن أهل للديمقراطية).

أحدث المقالات