تجربة مدهشة وثرية ذات إيقاع خاص، تتكون من مقطعين للقائم بمنصب أمين بغداد، إنها كلمة فني أو تقني، مع سلطة وحكم، والأصل اليوناني لكلمة (تكنوقراط)، هي العلم مع الحكم، ولم تتوفر هذه المعاني، في عمل الأمانة وأمينتها، وبما أن المكر الخدمي، والدهاء الفني، والغباء التقني، للمسؤولين في الأمانة سابقاً وحالياً، يعد الأول عالمياً، فلا غرابة أن يكون مستوى جودة التعليم في العراق، ضمن معايير دافوس، هو المرتبة الأخيرة، فويلاه!! وآسفاه!
أبسط حقوق الإنسان، الذي ينضوي تحت حكم ديمقراطي، حديث الولادة في الحرية السياسية، هو أن توفر الدولة له حق العيش، بحرية وكرامة، وحق التعليم والصحة، في مجتمع يتميز بالعدالة والمساواة، في الحقوق والواجبات، أما في العراق الجديد، لوحظ أنك تتكلم بحرية مطلقة، ولا مجيب لما تقول، أما التعليم فالبشارة قدمت، مع إعلان مؤشر دافوس لمعايير جودة التعليم، وهو إحتلال العراق للمرتبة الأخيرة، بحضور وزير التعليم العالي، وهو ماضٍ الى الهاوية!
تساؤلات يغلب عليها النسيان ثم الفقدان، لعدم وجود إجابات مقنعة في طريقها، الى الوصول للعقل العراقي، الذي أتعبته الأزمات بمختلف ألوانها، بدءاً من الهدم الأمريكي، لمفاصل الدولة بعد سقوط الصنم، ثم النزاع الطائفي حيث الشعب الخاسر الأكبر، ثم الإرهاب التكفيري الوافد من الحاقدين علينا، ثم داعش ومخلفاته القذرة على أرضنا، وفي خضم هذه الأوضاع، ينتشر الفساد كالهشيم في النار، والحكومة تضع لنا ثلاثة خيارات: العطلة، والنوم، والهدوء!
عند حدوث موجة أمطار في بلد ما، فذلك يعني أن الخير في طريقه له، عدا العراق فإنه إنذار من الدرجة الأولى، حيث الخسائر في الأرواح، جراء الصعق الكهربائي، والغرق، وتحطم المنازل، وإقتلاع الأشجار والمزروعات، وكأن الشعب يعيش في بحيرة، من الاوجاع والاحزان، لتساقط مطر دام يومين فقط، وبما إنه تعطيل للدوام في المدارس، والجامعات والمستشفيات، فالإنسان يتجاوز حدود ديمقراطيته، ويهتم بالطعام والنوم، فلا يهم إن تعطل التعليم والعلاج، وثلاجة الموتى!
المؤشرات أعلاه لهي أسباب طبيعية، جراء خذلان المناصب والمصائب، لحياة الناس الأبرياء، وعليه فالنشئ الذي يراد إعداده، من هذا الواقع المتصدع، لابد أن يكون بالمرتبة الأخيرة، في محافل التربية والتعليم، وهو ما ينشده الأعداء من ضرورة، عدم النهوض بالعراق، لا في المجال الفني أو التقني، أو في السلطة والحكم، وبالتالي لا نعرف قيمة ما نفقده، إلا حين فقدانه، والحقيقة أننا ندرك قيمته، لكننا نعتقد بأننا لن نفقده، إنها جودة التعليم!