إن الأزمة السياسية قائمة، بعوارضها المتعددة، من قبيل الفشل الإداري والفساد المالي والإستئثار بعناصر القوة في الدولة، كل هذا بوعي كامل من الحاكمين، لأنهم هم من تسبب بهذه العوارض المرضية الفتاكةوهذا ما يحصل في العراق حتى الآن، طيلة التجربة السياسية ، وربما يستمر الوضع لأمد غير معلوم، والسبب في أن تغييب الوعي الجماهيري يبدو مطلباً تجمع عليه معظم الكتل السياسية، حتى فطنت الجماهير اسلوب “خلق أزمة للخروج من أزمة أخرى”، وجاءت هذه الفطنة بعد ضغوط وخسائر تكبدها الشعب العراقي بعد ظنه بأنه مطالب بالتضامن دائماً مع المسؤول الذي يواجه الأزمات قبل أن يتحقق في منشأ الأزمة ومصدرها. وفي فترة سابقة كانت الجماهير تعقد الأمل على “الرجل القوي”، ثم تبين أن هذه القوة تحولت عامل إستنزاف خطير للموارد المالية وقدرات البلد بشكل رهيب. دفع بالعراق إلى حافة الإنهيار .استشعرت الجماهير الخطر المحدق بها أزاء الوضع السياسي المزري الذي أحال الوطن إلى مستنقع من البؤس والحرمان انتفض صارخاً وكسر حاجز الخوف والإنقياد الأعمى وثار لنفسه والوطن, حينما يكون الوطن في محنة، فإن مصلحته العليا تكون فوق كل المصالح، ومهمة الدفاع عنه تكون فوق كل المهمات،فقد تميزت حركات الشعوب التي تقودها قيادات شعبية حقيقية في إنها تسير متوازية ومتساندة نحو أهدافها الوطنية، مدركة أن أي انتصار لشعب من الشعوب وتحرره وبلوغ أهدافه، إنما هو نصر لجميع الشعوب الأخرى الساعية للتحرر وبلوغ أهدافها، وإن أية انتكاسة له، إنما هي انتكاسة للشعوب المناضلة جميعاً، فإن تحقيق أهداف أي شعب يجب أن لا يكون على حساب ومصلحة أي شعب آخر، ومن هذه المبادئ انطلقت الثورات الإنسانية الكبرى في التأريخ وتميزت من الحركات البرجوازية العنصرية والحملات الإستعمارية التي فقدت بفقدانها الجانب الإنساني والصلة التي تربطها بالجماهير المناضلة ومصالحها الحيوية.ومن هذه الرؤية فقد أشار المتظاهر الناشط الصرخي الحسني : في بيان ((من الحكم الديني(اللا ديني)..إلى..الحكم المَدَني))بتأريخ الأربعاء 12 / 8 / 2015م وهذا مقتبس منه جاء فيه :((أعزّائي أحبّائي لقد وفَّقَكم الله تعالى لكسر حاجز الخوف والإنقياد المذلّ لسلطةِ فراعِنة الدين وكهنوتِها …وقد قلبتُم مَكْرَ الماكرين على رؤوسهم حتى صاروا مهزومين مخذولين يبحثون عن أي حلّ ومخرج وبأقل الخسائر الممكنة ،ـ لقد توعّدوا بالتظاهرات وهدّدوا بها وروّجوا وأججوا لها وسيّروها… لكن انقلب حالهم فجأةً فصاروا مُعَرقِلين لها ومُكَفِّرين لها ولِمَن خَرَجَ فيها ،ـ فَشِلَ مكرُهُم بسببِ وعْيِ الجماهير وتشخيصِهم لأساس وأصلِ ولُبِّ المُصاب ومآسي العراق في تحكُّمِ السلطةِ الدينية بأفكار وعقول البسطاء والمغرَّرِ بِهِم وتحكُّمِها بمقدَّرات البلد بكل أصنافها وبتوجيهٍ مباشر من إيران جار الشر والدمار ،ـ بعد أن انقلب السحر على إيران الساحر بفضل وعيكم وشجاعتكم وإصراركم فأدعوكم ونفسي إلى الصمود في الشارع وإدامة زَخْمِ التظاهرات والحفاظ على سلميّتها وتوجّهها الإصلاحي الجذري حتى كنسِ واِزاحةِ كلِّ الفسادِ والفاسدين وتخليصِ العراق من كل التكفيريين والتحرر الكلي من قبضة عمائم السوء والجهل والفساد حتى تحقيق الحكم المدني العادل المنصف الذي يحفظ فيه كرامة العراقي وإنسانيته وتمتُّعِه بخيراته بسلامٍ واَمْنٍ وأمان ))http://www.al-hasany.com/vb/showthread.php