22 ديسمبر، 2024 12:04 م

معاناة الطالب الجامعي في التعليم الحكومي

معاناة الطالب الجامعي في التعليم الحكومي

رسالة الى السيد رئيس مجلس الوزراء العراقي المحترم

والسيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي المحترم

 بالرغم من ان الطالب العراقي يتمتع ببعض الحقوق المادية والمعنوية مثل مجانية التعليم ومجانية السكن الجامعي ومنح الطلبة المتعففين منحة شهرية الا انه يعاني من تعسف في تطبيق بعض القوانين والتعليمات التي لا تنصفه عندما يقع تحت طائلة الظلم بالإضافة الى بعض الممارسات غير المهنية التي تواجهه من قبل بعض الاساتذة الجامعيين. لقد منحت القوانين والتعليمات حصانة مطلقة للأستاذ الجامعي وكأنه انسان معصوم من الخلل والزلل. فاذا صادف ان غضب الاستاذ على الطالب بسبب بعض تصرفات الطلبة التي لا تخرج عن كونها طبيعية تلازم الشباب في هذه الحقبة العمرية فان لعنة الاستاذ ستحل عليه بدءا بالتوبيخ والتعنيف وانتهاء بوضع السعي اليائس الذي يؤدي به الى اعادة سنة دراسية كاملة كعقوبة تأديبية على ما اقترف من ذنب عظيم !!

ومن خلال تجربتي في التعليم الجامعي التي تجاوزت الثلاثين عاما أشاهد عشرات الحالات لطلبة مظلومين يعيدون السنة الدراسية بسبب حصولهم على سعي سنوي يائس يقدره الاستاذ تبعا لرصد حضور الطالب وسلوكه داخل القاعة على الرغم من توجيه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بعدم اعطاء الطالب سعيا يائسا فتجد الطالب ناجحا في الدفتر الامتحاني ولكن سعيه اليائس لا يسعفه لكي يصل الى درجة النجاح فيبقى محتاجا الى درجة او درجتين وفي احيان كثيرة لا تتجاوز اصابع اليد الواحدة من اجل ان ينتقل الى مرحلة متقدمة.  

ولم تكن هذه السلوكيات غير مشخصة لدى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي التي التفتت مؤخرا الى رصد هذه الظواهر السلبية بعدما تلقت الشكاوى والتظلمات من شريحة كبيرة تمثل الطلبة في الدراسات الاولية والدراسات العليا. حيث اصدرت تعليمات تعالج فيها الانحراف في منح درجات يائسة غير موضوعية ونسب نجاح منخفضة في اعمامها المرقم ( ج ع /م هـ / 2910 ) بتاريخ 31/8/ 2023 المتضمن

(الزام عميد الكلية بتوجيه استفسار للتدريسي الذي تكون نسبة نجاحه اقل من 30% وفي حال عدم قناعة رئيس القسم بإجابة التدريسي فيصار الى تشكيل لجنة لإعادة تصحيح الدفاتر على وفق اجابة نموذجية ان تبين وجود انحراف في التصحيح يعكس اجحاف التدريسي بحق طلبته فتشكل لجنة تحقيقية بحقه ومعاقبته بعقوبة انضباطية واستبعاده من وضع الاسئلة في الدور الثاني) ولكن محكمة القضاء الاداري ألغت فقرات مهمة من الاعمام في قرارها المرقم 865/2024 المؤرخ في 21/2/2024 وقبلت الطعن المقدم ضد الاعمام بزعم ان مجلس الكلية ليس لديه صلاحيات بمعالجة النسب المنخفضة والدرجات اليائسة وكذلك ليس لدى مجلس الجامعة صلاحيات مشابهة. ومن هنا أتساءل مستغربا ؟؟ اذن لماذا تعرض النتائج ونسب النجاح على مجلس الكلية لغرض المصادقة عليها؟ ولماذا تعرض النتائج ونسب النجاح على مجلس الجامعة لإقرارها ايضا؟ هل يتم عرضها لغرض استحصال مباركة المجلسين على النسب المنخفضة وتشجيع التدريسيين على رسوب الطلبة؟ وماذا عن تعرض بعض الطلبة للابتزاز والظلم؟ من ينصف هؤلاء إذا لم يتدخل رئيس القسم أو العميد بتشكيل لجان تدقيقية وتحقيقية؟

ان المحكمة الإدارية ـ في اتخاذها القرار أعلاه ـ استندت على مبررات غير موضوعية مانحة صفة القدسية المطلقة للتدريسي كونه اجتاز اختبار صلاحية التدريس فاعتبرته (سيد قراره في منح الدرجات العلمية لطلبته ولا يجوز لاحد التدخل في قناعاته العلمية اتجاه طلبته وعدم الايعاز له بتعديل درجة معينة مادامت قناعاته مبنية على اسس علمية صحيحة ولها من المبررات العلمية ما تسوغها). لقد أعطت المحكمة الادارية للتدريسي تفويضا مطلقا بل مقدسا وكأنه نبي معصوم من الخلل والزلل زاعمة ان قناعة التدريسي مبنية على اسس علمية !! ولا أستطيع ان استوعب كيف توصلت المحكمة الى هذا الحكم المطلق القاطع البات بان كل قناعات التدريسيين مبنية على اسس علمية ومستندة على مبررات علمية؟!! وما هو المعيار العلمي والموضوعي الدقيق الذي استندت عليه المحكمة في اتخاذ حكمها المطلق هذا؟ هل هذا النص موجود في قوانين وزارة التعليم العالي؟ هل هذا النص موجود في قانون الخدمة الجامعية؟ وكيف استنتجت ان التدريسي قد بنى قناعاته على أسس علمية صحيحة؟ لقد استندت على اختبار الصلاحية فقط (حيث ان قرار اجتياز اختبار صلاحية التدريس يمثل قرارا اداريا مكتمل الاركان نهائي ومؤثر في المركز القانوني للتدريسي ويكسبه الحقوق والامتيازات المترتبة عليه).

نعم صحيح ان اجتياز اختبار الصلاحية يمثل قرارا اداريا مكتمل الاركان في المركز القانوني ولكن لا يمنح التدريسي منزلة مقدسة تجعله الحاكم المطلق بأمر الله !! وإذا كان التدريسي سيد قراره فان الطالب ليس عبدا له يطوح به شرقا وغربا ويذله في تحكمه بدرجة نجاحه وفشله. لقد كان الاجدر بالمحكمة الادارية ان تختار مصطلحات لا تحمل في طياتها معاني طبقية وضعت فيها التدريسي بمقام السيد في حين لم تذكر الطالب الذي عانى ما عانى من قسوة الظروف المعاشية وصعوبة الظروف المناخية شتاء وصيفا بالإضافة الى تحمله عب طرائق التدريس التقليدية والمناهج الدراسية القديمة التي لا تمنحه فرصة المنافسة في سوق العمل.

أما الحديث المتعلق بنسب النجاح فأمره يعود الى حساب منطقي بديهي يقول : ان نسبة 20% او اكثر هم شريحة مؤهلة لاجتياز المرحلة الدراسية بنجاح دون عناء او بذل جهد كبير من قبل التدريسي وهناك 20% من الطلبة فوق مستوى الوسط وهؤلاء ايضا يجتازون المرحلة بنجاح وبمساعدة جهود قليلة والمفترض والواقعي ان نسبة 20% اذا لم نقل اكثر يجتازون المرحلة بنجاح بمساعدة التدريسي عندما يبذل جهدا كبيرا وبالمحصلة نتوقع ان نحصل على نسبة نجاح 60%  في الدور الاول اما نسبة 40% من الطلبة فتنقسم بين من ينجح في الدور الثاني ومن يبقى في مرحلته الدراسية. هذه النسب مقبولة ومعقولة وتنسجم مع الناموس الطبيعي للحياة والتطور. بينما يعتبر الحديث عن النسب المنخفضة التي تصل الى 30% نجاح في الدورين حديثا ذا شجون وينبغي الوقوف عند هذا النسب التي تمثل هدرا في الطاقات البشرية والموارد المالية بالإضافة الى انها لا تراعي نسب الزيادة في عدد الطلبة سنويا. فهل يعقل ان يرسب نصف الطلبة في كل مرحلة دراسية ويتخرج نصفهم الباقي لكي نقول ان نسبة نجاح 50% مقبولة؟ وماذا عن الطلبة الجدد الذين سيلتحقون بالجامعة في السنة التالية وقد وجدوا نصف الطلبة من العام الماضي معيدين لسنة ثانية؟ هل تتحمل البنية التحتية الاعداد المتزايدة للطلبة سنويا؟     

سيادة رئيس الوزراء المحترم

سيادة وزير التعليم العالي المحترم

هؤلاء ابناؤنا وشبابنا وبناة مستقبلنا فرفقا بهم وعلينا ان نحسن الظن بهم، فكم طالبا اعتبرته المؤسسة الاكاديمية فاشلا وقد تخرج منها بدرجات متدنية لكنه برع وأبدع في حياته العملية والمهنية؟ وكم طالبا كان خامل الذكر في صفوف الدراسة وأصبح قائدا في ميدان من ميادين سوق العمل؟                 

 إضافة الى ما تم ذكره فان الطلبة هذا العام قد عانوا من قصر المدة التي فصلت بين الدورين حيث بلغت أسبوعا تقريبا، فلم يسعف الوقت الطلبة للمراجعة والقراءة وهو راسب بخمس او ست مواد، لذلك نتمنى ان تجد الوزارة حلا لرفع المعاناة عن طلبتنا الأعزاء. والله من وراء القصد فنعم المولى ونعم النصير.