قد ينجح أي مسؤول حكومي أو سياسي أو حتى رياضي أو فنان في استثارة الرأي العام في قضية يسعى من خلالها لمهاجمة خصم أو الدفاع عن نفسه والتصدي لهجوم تعرض له من خصم، وبوسعه أن يدعي أمام وسائل الإعلام أن فلاناً هدده أو حاول ابتزازه في غرف مغلقة أو ما يسمى بخلف الكواليس، وعبارة (خلف الكواليس) غالباً ما تعني أن ما حصل لم يتم توثيقه، وكل شيء لم يتم توثيقه بالإمكان أن نتعبره غير موجود أساساً، ولولا ان القرآن الكريم تم تدوينه في عصر صدر الإسلام لما وصل إلينا باعتبار أن الرواة معرضون للنسيان .
وعند مثول السيد وزير الدفاع خالد العبيدي أمام مجلس النواب في الأول من شهر آب الجاري لغرض استجوابه كانت ردة فعله عنيفة تجاه القائمين على الاستجواب الذين طرحوا عليه أسئلتهم، فبدأ يرد على أسئلتهم باتهامات موجهة إليهم في ظن منه أن خير وسيلة للدفاع هي الهجوم، متناسياً أن التفسير المنطقي للصخب الذي أثاره في البرلمان هو أنه لايمتلك إجابات على أسئلة البرلمانيين، أي أن كل ما قاله الوزير لايتعدى كونه صخباً إعلامياً مفعوله مؤقت سرعان ما يزول عند ظهور الأدلة التي تثبت بطلان ادعاءات الوزير .
وعندما ضاقت السبل بالوزير وأفلت منه زمام السيطرة على أعصابه قرر في خطوة متسرعة أن يضيف جواً من الإثارة و (الأكشن) ويشمل في سلسلة اتهاماته رئيس مجلس النواب سليم الجبوري باعتباره رأس الحربة في البرلمان، أي أنه إذا أراد أن يضرب البرلمان فعليه أن يختصر الطريق ويضرب رئيسه .
والسيد العبيدي لم يقف عند ذلك، بل سعى طيلة الأسبوع الذي بعد الاستجواب الى استهداف رئيس البرلمان من خلال حملة (فيسبوكية) عنيفة مستخدماً فتية متخصصين بالشأن الفيسبوكي يعملون على بث الأخبار المفبركة والإشاعات حول الجبوري والنواب المستجوبين، والله وحده يعلم كم أنفق الوزير على حملة الأكشن هذه وما مصدر المال الذي أنفقه، فتارة يعلن الفيسبوكيون أن سليم الجبوري تزوج إعلامية معروفة، وتارة يزوجونه فنانة، وفي النهاية أعلنوا أن الجبوري توفي اثر نوبة قلبية، ما يدل على أن معالي الوزير من عشاق الإثارة والأكشن..!
وكل هذه المؤشرات تدل على ضعف موقف الوزير الذي ضاقت به السبل ولم يحسب حساباً لمثل هذا اليوم، فالتصويت على إقالته بات قاب قوسين أو أدنى، وإقالته ستشكل انتصاراً للدور الرقابي للبرلمان العراقي .