19 ديسمبر، 2024 1:41 ص

معالم الفشل – الجزء الثاني / أفكار قاتلة

معالم الفشل – الجزء الثاني / أفكار قاتلة

تجدد الأفكار:

نجد أمرا راسخا في عقليتنا وهي ارتباط انتهاجنا الانطباعي لما أصبح جزء من العقلية التي ترضع مع الحليب، أنك حامل لرسالة، ورغم جهل البعض أو معرفته مجموعة انطباعات بهذه الرسالة فانه يدخل في جدل لأمور عميقة، لا يعرف انه جاهل أصلا بل يريد أن يفرض جهله المركب لأنه يؤمن انه الحق وغيره الباطل، وهذه ليست من المتدينين فقط بل من يزعم انه ليس متدينا بل انه ليبراليا أو شيوعيا، وحتى الأديان الأخرى في بيئتنا لان الأمر أصبح من السمات التربوية في المجتمع.

لا يوجد حوار الكل يتكلم:

أنت لا تجد من يصغي لك إن كنت من الرواد، أو يقرأ ليفهم،فهو ورث فكرة انه معلم يعلم لا يتعلم، لذا يفكر بالرد عليك وأنت تتكلم لتسفيهك بل يثبت جهله عليك، لهذا نجد أنالندوات والمجموعات بها حوار الطرشان، وان مشاهير الميديا المتعاملين مع الثقافة هم من يرسخون المنهج الجاهل والخرافات والتدين الغريزي، وان مراجعات الحركات السياسية فاشلة وهي لا تعلم من أين تراجعفجهازها المعرفي يفترض مثاليتها وأنها تعلم غيرها الصواب.

ضغط الحاملين لراية الدين سبب في جنوح الشباب لأنهيربط صحة الإيمان بالتراث البشري ويساويه مع الكتب المقدسة أو الأحاديث الصحيحة، ويعتبر أي محاولة للتجديد هي هرطقة، هكذا كان ماضي أوربا وهكذا نحن الآن.

لأننا من حيمن شخص مسلم تخلّق في رحم امه، فنحن وكلاء الإسلام هكذا يفكر البعض ناكرا أن الإسلام ليس لقوم وإنما هو وطن، وهو مؤمن راسخ الإيمان بالانطباعات الموروثة وما رافقها من خرافات وخوارق ومعرفة غير محققة بها صواب وعشرات الأفكار القاتلة، صيغة من التدين لا تفهم المقاصد ولا الغايات، وبيئة عاجزة متمسكة بالماضي ولا تملك رؤية للمستقبل بل تخاف أن تشطح إن توافقت مع الرواد المجددين، رغم أن صلاحية الإسلام لكل زمكان هي لقابليته على التجدد.

هذه سبب ما نراه من تخلف عندنا وقتل الأمل بقناعة الاكتفاء وثرثرة لإثبات الذات بلا برنامج ومنهج وبفرض الجهل وأدواته، ننقل مشاكل الماضي ونجسدها في خيالنا ونفرضها واقعا كأنها كابوس يجب أن تعاني الأمة منه جيلا بعد جيل.

اضحى ترسيخ الوضع المتخلف مصلحة ومعاش لبعض فإن وعيت الناس بكتاب فسيردون عليك بعشرات الكتب، وان جاملك حملة الدين (أي دين) اكتفوا بالصمت ولم يكفروك، وان جاملك العلمانيون وغيرهم لم يخونوك.

أحلام بلا آليات

الناظر إلى تلافيف الدماغ الإنساني ومساحات التفكير وتخيل المسارات سيجد أن كل فكرة على الأرض هي من الخيال وهو التفكير خارج الصندوق، وتصبح وهما مالم يتحفز التفكير لخلق آليات ومعطيات لإدخالها التجربة إن كانت علمية أو التحقيق إن كانت فكرية، أو تحويلها من جانب نظري إلى الواقع ونجاحها فجعلها قانونا.

فلابد من صنع أقدام توضع للفكرة كي تسير على ارض الواقع، لكن الأفكار القاتلة تقطع هذه الأقدام عندما يأتيكإنسان متنفذ بفكرة كسيحة ويريد أن يجعلها واقعا مستندا لوكالته عن الدين، سيقول لك التوفيق من رب العالمين، هو رب العالمين وليس ربك وحدك، وهو سيعاقبك لا يكافئك لأنك هجرت أساس خلقك وما باهى ملائكته به وهو منظومتك العقلية، والتوفيق مكافئة لنجاح التفكير في صنع الآليات كدلالة على نجاح المنظومة العقلية.

التفكير السليم:

إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (الشعراء 89 …. والقلب في القرآن في صدر الإنسان أي مقدمته وليس المضخة التي في الجوف، وسلامة الفكر التي توصلك إلى الجنة وليس العبادات وحدها (لَنْ يُنَجِّيَ أحَدًا مِنكُم عَمَلُهُ، قالوا: ولا أنْتَ يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: ولا أنا، إلّا أنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ برَحْمَةٍ، سَدِّدُوا وقارِبُوا، واغْدُوا ورُوحُوا، وشَيءٌ مِنَ الدُّلْجَةِ، والقَصْدَ القَصْدَ تَبْلُغُوا) . (الحديث في الصحاح) فالأمر بإعمال التفكير ونجاح المنظومة العقلية تكون المكافأة هذه قيمة مهمة لفهم الإسلام بعيدا عن تغييب الوعي والتخدير.

الأخذ بالأسباب:

إن نصر الله لا يأتي لأناس عابدين، فالدعوة لها وسائلها للنصر، والحرب لها عدتها، وليس الدعاء على الأعداء ينصرك، فربك هو ربهم، وهو سينصرك إن أحسنت التفاعل وسنن الكون وأعددت التدبير فان لم تنتصر فانظر إلىموطن الخلل في شروط النصر في الأعداد والتفكير والتخطيط لان الدفاع عن الحق عبادة والصلاة عبادة والدعاء عبادة، فان جلست تدعو فلك اجر الدعاء لكن لن تنتصر وأنت في المسجد أو البيت، أو توانيت في التفكير ولم تبن استراتيجية صحيحة، أو تحافظ على عقيدة مقاتليك ونظافة يدهم وأنت تتكلم عن النظافة ولست نظيفا سينتصر حتما من علم اتباعه الشر وبنى منهجه على الشر واعد إعدادا جيدا، لان الله رب هؤلاء جميعا ويمتحن منظومتهم جميعا.

ستقول لم انتصر خالد في اليرموك وهم قلة، انتصر لأنه أحسن التفكير وتغلب على قلة العدد بالاستراتيجية، وخالد نفسه انتصر في أحد والرسول والصحابة معه خسروا المعركة، لأنهم لم يطبقوا قواعد الاشتباك.

لا يحتاج أعداؤنا الكثير ليستعبدونا:

هل يحتاج السكران من يدفعه ليسقط؟ هل يحتاج الرعناء أحد يغويهم ويحرضهم ليقع في المشاكل ويقتل الرعناء بعضهم؟

نحن أمة تستحضر خلافات من ماضيها ومن يستغلها هم شياطين الإنس من أبنائها أو جهلة مقتنعين بتلك المنقولات التي تحرق الحاضر والمستقبل وتستغل من الفاسدين ومن يكون وقودها البلهاء الذين لا يستخدمونتفكيرهم لفهم الدين حقيقة أو التاريخ أو الأفكار المستوردة أو أي من الحوادث والموروثات، والنتيجة طوائف وقوميات وروابط هابطة وأحزان وصراعات وبيئة لمنظومة تنمية التخلف فلا يحتاج أعداؤنا كما نسميهم جهدا لنقتل أنفسنا ونركع لهم صاغرين نهابهم ونقسو على من نتمكن عليهم من إخواننا، فهو اعد العدة ونحن فهمنا الإعداد خطأ هو يبحث عن المستقبل ونحن نريد استحضار مندثر نخلق واقعه وإحداث الفتن بدل أن نشكر نعمة الله في مسار أعطاه لنا في كتاب مثاني ذي طيات ممكن أن يفتحها الرواد في كل عصر.

إننا استبدلنا أصنامَ الحجر بأصنام انطباعات التاريخ ومسميات لرموز وضعناها ولا ندري أننا بها مشركين ونطلب النصر والسداد والتفوق من رب العالمين، هكذا تكون الأمة غثاء تلطم بعضها بأفكار قاتلة.

ما مطلوب فعلا هو تعلم الإصغاء واستلام الأفكار المدنيةوالتفكر بها وتوسيعها لأننا بحاجة ماسة لننقذ امتنا من الرواسب السلبية.

أحدث المقالات

أحدث المقالات