17 نوفمبر، 2024 7:57 ص
Search
Close this search box.

معالم الفشل – الجزء الأول / تشنج الخطاب

معالم الفشل – الجزء الأول / تشنج الخطاب

سردية الصمود ضد المستجدات

في خطبة موحدة ليوم الجمعة، وهي خطبة توزعها الأوقاف للواعظين على منابر الجمعة لأسباب عدة، تظهر الإخفاقات في الفكر السائد وفي الفهم للإسلام بشكل واضح وتحشد لمقاومة الإصلاح والتغيير بشكل غير مقصود وإنما هذا هو الموجود من الجهاز المعرفي الموروث عند كل المسلمين وغير المسلمين والعلمانيين والملحدين وكل ما يخطر لكم على بال في بيئتنا المزدحمة بالأفكار والأيدولوجيات ذات اللسان الذي لا يتوقف الصماء عن سماع المخالف العمياء عندما يعرض عليه امر جاد للقراءة، هم يستقون تفكيرهم من ذات الجهاز المعرفي ولو تأملت من يزعم انه ثائر على الأعراف ستجد انه يجعل من مخالفته هذه دين (الإلحاد، التحرر، العلمانية، ….)، وتجد أن هنالك نوع من العصبيات عند الطوائف تعتبر خطوط حمراء عند من يعترض على العصبية والاستقطاب ولا يرى نفسه انه متعصب أو طائفي وهذا ليس غريبا فهو من سمات منظومة تنمية التخلف وفاعليتها وبيئتها وإبداعها في التخلف مع الزمن.

فعندما يحذر خطيب أو واعظ موجه من جهة عليا يفترض أنها دعوية من المستجدات ويتخذ موقفا دفاعيا تجاه الانفتاح على العالم، هذا مؤشر سلبي لدعاة في دين يعتبر أي ضال هو مشروع إصلاح واي مخالف هو مشروع للتفاهم، الإنترنيت الذي اضحى في متناول اليد ومتطور لدرجة انه يستكشف اهتمامات المتصفح ليقدم له المزيد مما يهتم به هو لا تحده قيم ولا منظومة اخرق، ولا قواعد اجتماعية وإنما يضع قواعد تعتبر الثوابت عندك مخالفة لقواعد المجتمع.

اخذ موقعا دفاعيا من المستجدات باعتبارها خطرا هو الخطوة الأولى للاستسلام، لكن علينا فهم كل جديد ونصنف الإيجابيات فيه والسلبيات وفق معايير ما بعد الفهم لما عندنا من فكر الذي ينبغي أن يرتقي عن الانطباعات ونحن في المجتمع مها كانت عقيدتنا الدينية أو فكرنا السياسي وان نفهم.

كيف نفهم:

طبيعة الإنسان الاختصار، والتعلق بسبب واحد للمشكلة؛ بمعنى تكوين انطباعات عن الأشياء والأفكار والاصطلاح الضيق لمفاهيم واسعة وهذا التصور يسمونه تبسيطا بينما هو تضليل للمنظومة العقلية.

الفهم يأتي من كفاءة المنظومة العقلية في تجسيد المعنى بشكل ملائم ليكون مقروءا، كتابة أو صورة أو مشهد أو فكرة؛ ومن هذا فهم الفكر والكتب ونصوصها، وما يطرح من معاني وغايات في نصوص كتب الأديان لتعريف الغايات التي تحقق للوصول إليها مجموعة من الأهداف، وكذلك الأسس الفكرية التي ترسى عليها القيم والقيم بأنواعها التي تعرف السلوك عند الإنسان، وهذا يحدد إما بمنطلق قيمة واحدة أو مجموعة من المنطلقات التي هي معايير للسلوك كالأخلاق.

فالأخلاق مثلا هي معايير وليست صفة أو سلوك، لان المعيار يمثل حالة قيمية ثابتة الجوهر، إما السلوك فنسبي ويعتمد على العقلية والنفسية ودرجة ارتباطهما لإحداث الفاعلية والبيئة والتفاعل إيجابيا أو سلبيا بين منظومتين الإنسان والبيئة أو أي كيان من فرد إلى ألوف والبيئة.

الإسلام وضع معايير قيمية مرتبطة بالفكر لهذا فالنفسية المرتكزة إلى الإيمان لا تتأثر بشكل فاقع بالمادية ودرجتها لان التأثر يعني اهتزازها عند الفقر وتكبرها عند الغنى؛ بل ربط العقلية والنفسية وهما محوري الشخصية بالفكر نفسه لهذا فالفهم الجيد يجعل حالة التدين أقرب إلىالمنظومة العقلية وضعف الفهم يجعلها فريسة الحالة الغريزية التي هي المفرق للسلوك المؤدي إلى الغايات من عدمه؛ وهذا له تأثير على إدارة مستجدات الحياة أو التلاقح ومدنيات أخرى قد لا تحمل فكرا حضاريا فعندما يضعف الفهم يظهر الخوف من المواجهة وتصبح القضية تمترس ومقاومة بدل احتواء مطلوب لان الرسالة ليس ملك احد ولسنا وكلاء لا عليها ولا على الناس وإنما نحن مكلفين ومن ضمن التكليف أن ندعو الناس بالحكمة والموعظة الحسنة وهذه لن تكون فاعلة بفكر بعيد عن الواقع أو منفصل عنه، لذلا كان من الضرورة بمكان أنينقى الجهاز المعرفي المنقول وراثة، والذي يراد أن تحشى به تلافيف حافظة الجيل الذي سيصدم بأسئلة لم تتوفر لها حلول أو أجوبة منقولة من الماضي.

فيديو في الميديا يتحدث فيه رجل دين نزق يتحدث عن موضوع لا يعني دينه، فاخذ يصف قومه بالرقي عموما وانه ليس همجيا، ناسيا أن كلماته تعبر عن تدني في الشخصية كعقلية ونفسية لانه يخاطب انفعالاته وليس واقعا ملموسا فالتعميم والتنزيه والتعريض بمواطنيهليست سلوكيات ناضجة وإنما همجية ينكرها عن نفسه ويصف الآخرين بها، هذا نوع من التعبير عن كراهية ومشاعر بدائية فاعلة لعصبيات لا تنسجم مع إنشاء الأمة، وهو امر مضر بقومه لانه يبقيهم في حالة انفصال شعوري عن امتهم وانتمائهم للأرض لانها إما لهم وحدهم وهذا ليس ممكنا أو أنها ليست مكانا للاستقرار فيتخذ الناس طريق الهجرة بحثا عن سلام متوقع، فيكون هو سبب الأزمة ولا يفهم هذا فيزداد كرهه للمخالف ويتهمه بتهجير رعاياه، نوع من المتضادات تخلق شخصية مضطربة تبدو مسالمة ثم تنقلب حاسدة أو صلفة في التعبير ضانة أنها وحدها مظلومة، ولا ترى أن من تحدثه مر بذات الظرف والمظلومية.

الحاجة للإصلاح في كل المنظومة

هنالك حاجة لإصلاح المصلحين في منظومة تنمية التخلف واستخراج الأفكار القاتلة، لان غياب الرؤية والتأمل والسكينة والتعمق في الفكر ومحاولة التفاهم.

انتشار الفساد والممنوعات لا يقضى عليه بالوعظ، لان من يتجه إلى هذا استغنى عن الوعظ ومحتوياته أو البيت وتربيته، وهو مسألة منفصلة عن الفكر بحكم انفصال الفكر عن الواقع، لذا فالحل بالقانون والتشدد على مسببات تلك السلبيات، فما ينتشر من فساد لابد أن يكون من قوة فاعلة فإيقاف تلك القوة من الراس هو الحل ليس مطاردة الضحية وترك هذه المنظومات الفاسدة حرة، ومتابعته من الوعاظ عند هذا لتقييم نتائجه كجهة رقابية تعادل أي منظومة في المجتمع معترف بها، دون خوف أو تقوقع أو تقييد لنشاط وفاعلية وتوسع مدارك الأولاد.

                                                                               

أحدث المقالات