18 ديسمبر، 2024 9:14 م

معالجة سريعة لأزمة التعليم العالي الأهلي في ألعراق

معالجة سريعة لأزمة التعليم العالي الأهلي في ألعراق

يشهد العراق ظاهرة نمو سريع لقطاع التعليم العالي الأهلي كنتيجة للطلب ألزائد  والمتباين للحصول على شهادة البكلوريوس، بحيث أدى عدم تمكن الجامعات الرسمية من توفير مقاعد كافية الى تلبية الطلب من قبل الجامعات الأهلية مع انه يتم بصورة مخالفة لما هو متعارف عليه في العالم حيث تكون مستويات المدخلات  ونوعية ومحتوى التعليم في الجامعات الاهلية أفضل مما هو عليه في الجامعات الرسمية. 

لماذا تخلَّفت نوعية وجودة التعليم العالي ألأهلي في ألعراق؟ 
يتميز ألتعليم الأهلي في ألعالم بتفوقه على ألتعليم الرسمي ولذلك يكون الطلب عليه كثيراً بالرغم من تكاليفه العالية. الطالب يبحث عن أحسن تعليم لأنه يمنح احسن الفرص لاشغال افضل الوظائف. ألتعليم الخاص يوفر تدريبا افضل ومن قبل تدريسيين افضل تأهيلا وفي بيئة اكاديمية اكثر ملائمة للتعليم والتعلم وتطوير المهارات ويظهر ذلك جلياً في معدلات التحصيل الدراسي والنجاح والتسرّب والفشل وما الى ذلك. عندنا تمثل الكليات والجامعات الاهلية الحلقة الأضعف في التعليم العالي على عكس ما هو معروف عنها في العالم. في ألولايات المتحدة تتميز الجامعات الاهلية بالتالي: صفوف ذات أعداد قليلة من الطلبة، وبناء أقوى لشخصية الطالب، ومستوى عالٍ من العلاقات الشخصية بين الاساتذة والطلبة، ونشاطات متنوعة لتنمية قابليات الطالب المهنية والاجتماعية، واحتمالات أعلى لحصول المتخرج على عمل افضل.الغريب إن ما يحدث في العراق هو عكس ما يمكن توقعه على الصعيد العالمي، حيث يتميز التعليم العالي الأهلي مع وجود بعض التباين والاستثناءات بالصفات التالية:
1- إستقباله الطلبة الفاشلين في الحصول على مقاعد دراسية في الجامعات الرسمية.
2- عدم امتلاكه لهيئة تدريسية مستقرة وطموحة ومستعدة للمنافسة بدرجة كافية.
3- ضعفه في مجالات البحث العلمي والابتكار والتطوير.  
4- دوافعه الربح المالي السريع او الإيثار الخيري او الكسب السياسي. 
5- انخفاض المستوى العلمي بدرجة مذهلة وعدم تمكين الطلبة من المهارات الأساسية.
6- معظم مواده التدريسية عبارة عن “ملازم” من وريقات معدودة لا تتناسب مع أهمية المادة والمستوى العلمي الضروري لمنح الشهادة.
7- كثرة التجاوزات اللا أخلاقية للطلبة على اساتذتهم وتفشي الغش، بحيث انه اصبح حالة طبيعية!
8-اهتمامه بتوفير دراسات دينية وإنسانية وتلك التي لا تحتاج الى بُنية تحتية مكلفة او تجهيزات تقنية كبيرة. 
تكمن المشكلة الرئيسة للتعليم الاهلي برأيي في تمتع هذا النوع من التعليم بمميزات فريدة كالنفعية والربحية واغتنام الفرص خصوصا في مجتمع تقلصت فيه ادوار الجامعة في بناء الانسان ويمر في ازمة اخلاقية واسعة النطاق فيه تتفكك منظومة الوحدة الوطنية بمفاهيم الطائفية السياسية والعرقية، ويتسع فيه حجم الفساد الاداري والمالي لدرجة رهيبة. وسيكون من الصعوبة تطوير جودة التعليم الأهلي في ظل بقاء الربح كقوة دافعة أساسية، وفي الاستمرار بالاعتماد في القبول على ما ترفضه الجامعات الرسمية، وبوجود بُنى تحتية هشة وتجهيزات ضعيفة وموارد بشرية غير كافية وغير مستقرة، وكذلك في اكتظاظ الصفوف وانعدام مخرجات تعلم للبرامج وللكورسات وعدم توفر بيئة أكاديمية حرة مفضية للتعليم والتعلم بحيث يتخرّج الطالب وهو لا يمتلك إلا نصف المعرفة وبلا مهارات حياتية.  ولا يسعنا إلا الجزم بأن هذه الأسباب هي التي أدَّت الى ان ينظر المجتمع لهذه الكليات نظرة دونية.  
كيف يمكن إخراج التعليم الأهلي من أزمته؟اخذاً بنظر الاعتبار ما احتواه قانون التعليم العالي الأهلي، الذي أُقرَّ من قبل البرلمان بتاريخ 26 تموز 2016 من شروط مهمة لمنح الاجازة او الغائها، ومن تعليمات وإجراءات ملائمة لضمان نوعية عالية من التعليم، ولأن التعليم الأهلي وجد ليبقى ويتوسع، ولحرصنا على دعم هذا القطاع المهم وتحسين جودته، ولأننا نرى خطورة كبيرة في تركه ينمو من دون وجود نهج إصلاحي يعالج مشاكله ويضع قيوداً صارمة لمراقبة أدائه، التي من شأنها ان تنقذه من مأزق الانتهازية والربح وتجاوز مخاطر تدهور قيمة الشهادات وفقدان أهميتها. لهذه الأسباب نضع امام وزارة التعليم العالي والجامعات والكليات الاهلية المقترحات الآتية: 
1- تشكّل كل جامعة أو كلية أهلية مجلس أمناء مستقل من علماء وشخصيات عامة من ذوي الخبرة والاهتمام بالتعليم العالي، وخدمات الاستشارات العلمية وأكاديميين من خارج الهيئة التدريسية للكلية، مهماته الإشراف على رسم السياسة العامة للكلية، وإقرار الخطة السنوية، وستراتيجية الكلية، وتقييم أداء الكلية. 
2- لا يتم الاعتراف بالكلية إلا اذا تضمنت هيئة تدريسية من حملة شهادة الدكتوراه لا تقل نسبتهم عن 80% من كامل الهيئة التدريسية وبكامل الدوام وبعقود لا تقل عن ثلاث سنوات بالإضافة الى نسبة لا تقل عن 10% من التدريسيين خريجي جامعات الدول المتطورة. كذلك يُمنع إعارة أعضاء هيئة التدريس من الجامعات الرسمية.
3- تحديد عدد الطلبة إلى عدد الاساتذة بما لا يزيد على  1:20 وبأي ظرف من الظروف.
4- عدم السماح بالدراسات المسائية في الكليات الاهلية.
5- لابد ان يتوفر للكلية استشاري من الخبراء او الأكاديميين او العلماء العالميين و وممتحنين او مقيمين خارجين External Examiners لكل برنامج اكاديمي، وعلى غرار ما هو مُتبع عليه في الجامعات الغربية. 
6- تقوم الدولة بتشجيع تلك الكليات التي تقبل طلبة بمعدلات اعلى من نظيراتها الحكومية وذلك بمنحها امتيازات ضريبية، وبشمول هيئات تدريسها في الايفادات والزمالات الحكومية. 7- لابد للكلية الاهلية امتلاكها لنظام ضمان الجودة Quality Assurance على ضوء الأسس المعمولة في الجامعات الحكومية، ويشترط الحصول على اعتماد Accreditation محلي او دولي للبرنامج الاكاديمي في خلال فترة لا تزيد على ست سنوات منذ تأسيس البرنامج. 
8- تمنع الكليات الاهلية من تأسيس برامج للدراسات العليا إلا بعد مرور ست سنوات على الاقل على تأسيسها وبعد تقديم اثباتات لإمكانياتها العلمية والاكاديمية التي تؤهلها لتنفيذ الالتزامات الضرورية لمنح هذه الشهادات.
9- تشجيع انشاء الجامعات الاهلية-الرسمية بتمويل وإدارة مشتركة بين الدولة والقطاع الخاص. 
10- تشجيع انشاء فروع للجامعات العالمية في العراق وبتمويل دولي. 
11- وضع ترتيب سنوي للجامعات والكليات الاهلية للتعريف بمستوياتها العلمية والاكاديمية على غرار الترتيب العالمي للجامعات يأخذ بنظر الاعتبار المعايير الاكاديمية المتعارف عليها، بالاضافة الى اجور الدراسة وملائمة البنايات والمرافق. وسيستفيد من هذا الترتيب الطلبة الجدد عند اختيارهم للكلية التي يرغبون في الدراسة فيها ويزيد من درجة المنافسة بين الجامعات الاهلية وبينها وبين الجامعات الرسمية بما فيها من خير للتعليم العالي.