19 ديسمبر، 2024 6:59 ص

معارك الفلوجة والانبار وما يلف حولهما من تعتيم وغموض

معارك الفلوجة والانبار وما يلف حولهما من تعتيم وغموض

تشير الأنباء التي تناقلتها وسائل الإعلام , بان معارك طاحنة جرت خلال الساعات الأخيرة في الفلوجة شاركت بها جميع الصنوف في جيشنا العراقي , وحسب مارشح من أنباء فقد تم قتل عشرات الدواعش وبعضهم ولولوا هاربين , فقد استخدمت في هذه المعارك المدفعية والراجمات والطائرات ومختلف صنوف الأسلحة , في حين تعرض السكان إلى أضرار فادحة ألحقت بمنازلهم مما أدى إلى اكتظاظ مستشفى الفلوجة بالشهداء والجرحى , وفي خضم هذه المعارك الطاحنة لايزال الإرهاب يسيطر على تصاريف مياه الفرات , مما تسبب في انخفاض ملحوظ في مستوياته في محافظات الوسط والجنوب وارتفاع مناسيب مياه الفيضان في أبو غريب لترتفع لحدود متر ونصف .
ويلاحظ في هذه المعارك التي تسيل فيها دماء طاهرة من أبناء شعبنا في الفلوجة والانبار ومن مقاتلي القوات المسلحة , إنها تخلو من البيانات الرسمية التي يمكن أن تصدر عن القيادة العامة للقوات المسلحة أو رئاسة أركان الجيش أو وزارة الدفاع أو قيادة قوات الجزيرة على الأقل , كما يلاحظ عدم ظهور المحللين العسكريين الذين غالبا مايحلو لهم التحليل والظهور في مثل هذه المناسبات , كما يلاحظ غياب المراسلين الصحفيين من المدنيين والعسكريين سواء المحليين أو الأجانب , فمعركة بهذا الحجم مع الإرهاب ومدعومة دوليا حسب بيان مجلس الأمن الدولي كان من المفترض تغطيتها إعلاميا لكي يتم الإطلاع على تفاصيلها حتى وان كان ذلك من خارج الميدان .
وفي المناطق الغارقة في أبو غريب لانجد تغطيات واسعة , رغم إن بعض التسريبات قد حذرت من وصول الفيضانات إلى محيط مطار بغداد الدولي أو احتمال عبورها إلى منطقة الشعلة الكادحة بعد وصولها إلى منطقة عكركوف الأثرية , كما إن هناك احتمال بان تنجرف إلى منطقة الطمر الصحي لتحدث كارثة بيئية لاسامح الله , لان الطمر يجري بطرق بدائية جدا وبدون أية معالجات , وكبادرة خير لتقليل تداعيات كل ذلك فقد اتخذ مجلس الوزراء قرارا في جلسة الثلاثاء الماضي بتأجيل امتحانات الطلبة إلى إشعار آخر واعتبار السنة الدراسية الحالية سنة عدم رسوب , ولكن سكان المناطق الغارقة لم يشكوا الرسوب من الامتحانات بل طلبوا نجدتهم لأنهم من المنكوبين فقد فقدوا السكن والمال والأمان والأفاعي باتت تقتل الأحباء .
والمعارك التي تدور في الانبار والفلوجة هي من اخطر المعارك التي تواجهها اعتى الجيوش لأنها تدخل في حرب المدن التي لايمكن حسم نتائجها بوقت محدد , سيما عندما يمتلك (الخصم ) معرفة جغرافية في المنطقة وله حاضنات تساعده على الكر والفر ويستفيد من التنظيمات النائمة في المناطق المجاورة والدعم على الحدود لغرض التقدم والانسحاب وتلقي الدعم والإسناد , ومثل هذه المعارك تتطلب قدرات قتالية فائقة ودعم جوي ومشاركة المساندين المحليين في تقديم المعلومات الاستخبارية للقيام بالعمليات الاستباقية , ومما لاشك فيه إن لجيشنا خبرات في هذا الخصوص , ولكن ما يحتاجه أكثر هو الدعم الجماهيري مادامت هي معركة الوطن ضد الإرهاب , والإعلام هوخير ساند لمثل هذه المعارك ليس بقصد الكشف عن أسرارها الحربية بل لإسناد القطعات معنويا وتقديم المعلومات للجمهور.
وقد لوح السيد رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي في لقاءاته الصحفية قبل وبعد الانتخابات , بان الأمر سيحسم قريبا وان الحلول سيكون منها عسكريا والآخر سياسيا من خلال إجراءات تمت المباشرة بها ولكن لايمكن الكشف عن جميع تفاصيلها في الوقت الحاضر , وربما جاءت هذه التصريحات ردا على بعض الاتهامات بان عمليات الفلوجة هي لأغراض انتخابية فحسب , وبغض النظر عن أهداف مايجري على الأرض والذي تزداد تداعياته يوما بعد يوما , فان مايهم اغلب العراقيين أن تكون هناك نهاية لهذه الأحداث , فالجميع متفق على رفض الوجود الأجنبي الضار على الأراضي العراقية لغرض القتال نيابة عن الآخرين لأنه يمس امن واستقرار البلد الذي لايحسدنا أحدا على وضعه الأمني , وعندما تكون المسالة بمعزل عن الوجود الأجنبي سيمكن ولوجها لأنها بين الأهل ويمكن حلها مادامت في حدود المشروعية الوطنية والاستحقاقات التي تضمنها الدستور .
وكلما كان الحل سريعا فان ذلك يسير لمصلحة شعبنا , فالبلد يعيش في مخاض الانتخابات وظهور نتائجها , والتي ستعقبها مراحل أحرج عند انتهاء ولاية مجلس النواب في 14/6 والدخول في المفاوضات الخاصة بتشكيل الحكومة , اخذين بنظر الاعتبار بان البلد يعيش بدون موازنة رغم مرور خمسة اشهر على بداية سنة 2014 , وسواء كانت تلك الحلول سياسية اوعسكرية فالمهم أن لاتفرط بالثوابت الوطنية وبالكرامة الإنسانية , وان تقلل من نزيف الدماء والخسائر المادية وتعيد النازحين إلى قراهم ومدنهم لكي يتم إنقاذهم من هجرتهم ونزوحهم , وقبل مرحلة الحلول فلابد من مراعاة الجوانب الإنسانية والسيطرة على الفيضانات حتى وان تطلب الموضوع الأخير الاستعانة بالأصدقاء , وان يكون كل ذلك تحت الأضواء الإعلامية وان لاتعاد الذكريات الحزينة للحروب التي اعتقد الجميع بأنها ولت بغير رجعة .

أحدث المقالات

أحدث المقالات